معارض جزائري يريد مقاضاة الرئيس بو تفليقة

بن حاج احتج على الملاحقة الأمنية المفروضة عليه منذ 15 سنة

TT

معارض جزائري يريد مقاضاة الرئيس بو تفليقة

قال علي بن حاج، القيادي الإسلامي الجزائري المعارض، إن الجهات القضائية في البلاد رفضت تسلم شكوى ضد الحكومة بسبب الملاحقات الأمنية المكثفة ضده، ومنعه من دخول المساجد والتنقل بحرية في البلاد. علماً أن السلطات تحمل نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة دماء الآلاف، الذين قتلوا خلال الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي.
ونشر بن حاج أمس رسالة، حرص شقيقه ومرافقه عبد الحميد على تسليمها للصحافة المحلية والأجنبية، قال فيها: «ترددت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 على كل من وكيل الجمهورية لمحكمة حسين داي (بالعاصمة)، والنائب العام بمجلس قضاء العاصمة ووزارة العدل، مرارا وتكرارا، لكن تهرب الجميع من تحمل المسؤولية، أو قبول رفع دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية وضد الملاحقة الأمنية بغير حكم قضائي، لمدة 15 سنة. ولكن لا حياة لمن تنادي»، في إشارة إلى خروجه من السجن صيف 2003، وإحاطته بشكل مستمر برجال أمن يتنقلون معه حيثما ذهب، للحيلولة دون لقائه بأتباعه في المساجد والفضاءات العامة.
وتساءل بن حاج في رسالته: «إذا كانت فرنسا قد هاجت وماجت على تصرف الحارس الشخصي لرئيسها ماكرون، فكيف لو أصدر ماكرون أو ترمب تعليمة سرية شبيهة بتعليمة بوتفليقة، تمنع مواطنا فرنسيا أو أميركيا من ممارسة حقوقه المشروعة بغير حكم قضائي؟. كيف سيكون الحال في تلك الدول؟!!»، في إشارة إلى أوامر أصدرتها الرئاسة إلى المؤسسات الأمنية، تطالب فيها بتشديد الرقابة على بن حاج، وحرمانه من التجول في العاصمة وخارجها بحرية، وخصوصا التردد على المساجد، وأخذ الكلمة بداخلها للتعاطي في شؤون السياسة والحكم.
وأضاف بن حاج: «ها هو مساعد ترمب السابق ومدير حملته الانتخابية يقبع وراء القضبان لعدة تهم، منها التهرب الضريبي، ولم يستطع ترمب أن يتدخل لحمايته، أو توظيف العدالة لحماية أصحابه وأقاربه وأصهاره من التحقيق في القضاء».
وحسب بعض المراقبين فإن أكثر ما تخشاه الحكومة هو أن يعيد بن حاج «جبهة الإنقاذ» إلى عهدها، حينما فازت بالانتخابات البلدية عام 1990، وحققت الأغلبية في انتخابات البرلمان نهاية 1991. لكن الجيش ألغى نتائجها، وكان رد فعل أنصار «الإنقاذ» عنيفا، إذ حملوا السلاح ضد السلطات، مما أدخل البلاد في دوامة إرهاب ما زالت تعيش إرهاصاته إلى اليوم.
ونشرت صحيفة محلية العام الماضي وثيقة وقعها أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس بوتفليقة آنذاك (رئيس الوزراء حاليا)، تأمر مدير الشرطة وقائد الدرك بالتصدي لبن حاج بمجرد أن يحاول مغادرة العاصمة. وكتب في الوثيقة بأن القيادي الإسلامي الشهير، الذي وصف في وقت سابق بـ«الزعيم الروحي للمتطرفين المسلحين»، يحضر جنائز وحفلات أنصاره والمتعاطفين مع «الإنقاذ»، فيأخذ الكلمة ليحرضهم ضد السلطات، حسب أويحي.
لكن خبراء في القانون قالوا إن الوثيقة غير قانونية، وتتجاوز صلاحيات القضاء في مجال تقييد حرية الأشخاص. ولما سئل أويحي عن هذا التصرف أجاب قائلاً: «إذا قدرت الدولة بأن هناك خطرا يستدعي مواجهته، ستفعل ذلك من دون تردد».
وفي وقت سابق أوضح بن حاج أنه بحث مع محامين بسويسرا إجراءات متابعة السلطات الجزائرية بالمحاكم الدولية بسبب المضايقات التي يتعرض لها، حسب تعبيره. وقال إن أبناءه «يلاحظون يوميا التعسف والتجاوزات بحقي، مما يعني أن عائلتي هي أيضا ضحية عنف النظام».
يشار إلى أن عبد القهار، أحد أبناء بن حاج الخمسة، التحق بالجماعات المسلحة قبل سبع سنوات. وتقول السلطات الأمنية إنه قتل في مواجهة مع الجيش. لكن والده يرفض تصديق ذلك، وصرح للصحافة أن يريد رؤية جثته.
يشار إلى أن رئيس «الجبهة» عباسي مدني (80 سنة)، مقيم بقطر منذ أكثر من 10 سنوات، بعد أن سمحت له السلطات بمغادرة البلاد. فيما تم منع بن حاج من الحصول على جواز سفر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.