تنسيق مصري ـ إماراتي لمواجهة {تحديات الأمن القومي}

الرئيس المصري وولي عهد أبوظبي أعربا عن دعم جهود التوصل إلى حلول سياسية لمختلف أزمات المنطقة

الرئيس السيسي لدى استقباله الشيخ محمد بن زايد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس السيسي لدى استقباله الشيخ محمد بن زايد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تنسيق مصري ـ إماراتي لمواجهة {تحديات الأمن القومي}

الرئيس السيسي لدى استقباله الشيخ محمد بن زايد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس السيسي لدى استقباله الشيخ محمد بن زايد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، العلاقات الأخوية وسبل تعزيزها، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسي للشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق، أمس، في قصر الاتحادية بالقاهرة، حيث عقدا لقاءً ثنائياً تلته جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين.
واستعرض الجانبان خلال المحادثات فرص تعزيز وتنمية التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والتنموية والاقتصادية والاستثمارية، وآفاقه المستقبلية، بما يلبي طموحات شعبيهما في الارتقاء بالعلاقات الأخوية والعمل المشترك لتحقيق مصالح البلدين الاستراتيجية، وبحثا المستجدات والتطورات التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية وتداعياتها، إضافة إلى عدد من القضايا التي تهم البلدين وتبادلا الآراء بشأنها.
وخلال اللقاء أكد السيسي حرص مصر على تعزيز التعاون مع الإمارات في شتى المجالات، مشيداً بالعلاقات الاستراتيجية الوطيدة التي تجمع بين البلدين، مؤكداً أن العلاقات بين الدولتين الشقيقتين تمثل نموذجاً مثالياً للتعاون البناء بين الدول العربية، بما يعزز العمل العربي المشترك ويخدم مصالح الشعوب العربية.
من جانبه، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إن الإمارات حريصة على التواصل المستمر مع مصر والتباحث معها حول ما يهم شؤون المنطقة ودعم استقرارها وتنميتها، وأضاف: «البلدان تجمعهما علاقات استراتيجية راسخة لا يقتصر أثرها الإيجابي على الدولتين فقط وإنما يتجاوز ذلك إلى خدمة المصالح والقضايا العربية السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية».
وأوضح «أن أهم الأسس التي تقوم عليها العلاقات الإماراتية المصرية هي الثقة والاحترام المتبادل والتضامن، إلى جانب توافق الرؤى بشأن مجمل قضايا وملفات المنطقة، وحرصهما المشترك على أمن واستقرار وتنمية دولها وشعوبها»، مؤكداً أن العمل والتنسيق المشترك بين البلدين يعد ركناً أساسياً في تحصين المنطقة ومواجهة التحديات والمخاطر، خصوصاً خلال هذه المرحلة الاستثنائية التي تشهد فيها تغيرات وتطورات متسارعة تتطلب تنسيقاً وتشاوراً مستمرين بين الدول العربية.
كما أكد حرص الإمارات على دعم كل ما من شأنه تحقيق مصالح الشعوب العربية وطموحاتها، والمحافظة على استقرار وأمن وتنمية مجتمعاتها، وقال ولي عهد أبوظبي «التطورات الجارية في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط والعالم تتطلب التشاور المستمر بين قيادتي الإمارات ومصر، خصوصاً أن هذه التطورات تتصل بشكل وثيق بحاضر الأمن القومي العربي ومستقبله والأمن الوطني لدول المنطقة».
وأكد أن مصر «تمثل ركيزة أساسية ضمن منظومة الأمن القومي العربي، وأن الإمارات حريصة على التواصل المستمر معها، والتباحث حول كل ما يهم الشؤون الإقليمية»، موضحاً «أن ثقته كبيرة في قدرة العالم العربي على استعادة استقراره وتوازنه ومواجهة التدخلات الإقليمية في شؤونه»، مثمناً دور مصر المحوري في العالم العربي والمنطقة وسياساتها الحكيمة والمتوازنة تحت قيادة الرئيس السيسي، التي تؤكد على تعزيز المحور العربي بما يخدم مصالح الشعوب العربية وأمنها واستقرارها.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الشيخ محمد بن زايد أعرب خلال اللقاء عن اعتزاز بلاده بالعلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تجمع بين الدولتين، مؤكداً أن العلاقات المصرية الإماراتية تقوم على أسس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والتضامن، والعمل من أجل ترسيخ أمن واستقرار المنطقة ودفع التنمية الشاملة في البلدان العربية، مشيراً في هذا الإطار إلى ما تمثله مصر كركيزة أساسية لاستقرار وأمن المنطقة العربية.
ويرى طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن التناغم المصري الإماراتي الحاصل في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، والتفاهم تجاه أزمات الشرق الأوسط، انعكس على التحسن النسبي الحاصل في عدد من الملفات كالقضية الليبية والأوضاع في سوريا، مشيراً إلى أن «قضية تأمين الملاحة في البحر الأحمر أمر مهم للبلدين، وهناك تنسيق عالٍ بشأنه بالتأكيد نوقش خلال الزيارة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».