أهالي السويداء يرفضون نقل مقاتلي «داعش» إلى باديتهم

التنظيم يقاتل للبقاء في الجنوب للاحتفاظ بملاذات آمنة في الجبال

تقدم بري لقوات النظام السوري شرق محافظة السويداء (السويداء 24)
تقدم بري لقوات النظام السوري شرق محافظة السويداء (السويداء 24)
TT

أهالي السويداء يرفضون نقل مقاتلي «داعش» إلى باديتهم

تقدم بري لقوات النظام السوري شرق محافظة السويداء (السويداء 24)
تقدم بري لقوات النظام السوري شرق محافظة السويداء (السويداء 24)

عقّد طرح نقل مقاتلي تنظيم داعش من حوض اليرموك باتجاه بادية السويداء، ملف التفاوض الذي يتولاه الجانب الروسي لإفراج التنظيم عن الرهائن الدروز الذين احتجزهم خلال هجومه الأخير على قرى السويداء، في ظل ضغط شعبي يمارسه سكان المحافظة على النظام لرفض نقل المقاتلين المتشددين إلى منطقتهم، وفي ظل رفض «داعش» الانتقال إلى البادية الشرقية في سوريا، تواصلت المعارك في البادية الواقعة شمال شرقي السويداء بين النظام و«داعش».
ورغم تأكيد مصادر مدنية في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، على أن هناك ضغطاً شعبياً على النظام من سكان المحافظة يرفض نقل مسلحي حوض اليرموك إلى البادية التي تشتعل فيها المعارك الآن بين النظام والتنظيم المتشدد، شككت مصادر لبنانية في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، مواكبة لملف السويداء في تلك المعلومات، مؤكدة أنه «لا يمكن تأكيدها كون السكان ليسوا قادرين على رفض ما يخطط له النظام وينفذه أحياناً بطرق التفافية، وهو الذي يملك مائة طريق لنقلهم إلى المنطقة». وقالت مصادر «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط»، إن المعلومات المتوفرة تفيد بأن النظام نقل جزءاً من مسلحي حوض اليرموك إلى بادية السويداء.
وقالت المصادر إن النظام يربط الموافقة على نقل مقاتلي «داعش» بجهود الإفراج عن الأطفال والنساء المحتجزين لدى «داعش»، مشددة على أنه «يريد تأديب السويداء على موقفها الحيادي طوال السنوات الماضية، بترك (داعش) في المنطقة المحاذية لها كعنصر تخويف، ليسوق المطلوبين من أهل السويداء (المقدر عددهم بنحو 53 ألف شاب) إلى الخدمة العسكرية، ويقايضهم على محاربة التنظيم في المنطقة». وأكدت المصادر أن اللقاء الذي جمع النائب تيمور جنبلاط بالمسؤولين الروس شدد على ضرورة حماية المنطقة من عقاب النظام، وحماية الطائفة المناضلة الموجودة في سوريا ولبنان، وهي طائفة مؤسسة في البلدين.
كما أكدت المصادر أن «بعض ردات الفعل على أناس أبرياء، لا توصل لمكان، بل تزيد من التشنجات، ولا تحرر أهلنا ولا تحمي المحافظة».
وأعدمت الفصائل الرديفة في السويداء، أمس، عنصراً من تنظيم داعش في ساحة المشنقة وسط المدينة، أمس، بحسب ما نقلت شبكة «السويداء 24»، موضحة أن فصيل «الحزب القومي» ألقى القبض على عنصر من تنظيم داعش، حاول التسلل لإحدى النقاط في بادية السويداء، مشيرة إلى أن الفصائل نفذت حكم الإعدام بالأسير شنقاً في ساحة المشنقة الأثرية، الواقعة وسط مدينة السويداء، بحضور مئات المواطنين.
وكان انتحاري من تنظيم داعش قد فجر نفسه في نقطة للحزب القومي شرق السويداء خلال ساعات فجر أمس، ما أودى بحياة أربعة مقاتلين من الحزب، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، واستهدف التفجير نقطة تثبيت ورصد لـ«القومي» جنوب تل الرزين.
جاء ذلك بموازاة هجوم أطلقه النظام قبل ثلاثة أيام لطرد «داعش» من المنطقة. وسيطرت قوات النظام وحلفاؤها على مواقع جديدة في بادية السويداء بعد تقدمها من عدة محاور تحت غطاء جوي ومدفعي. وقال مصدر عسكري لـ«السويداء 24» إن عناصر تنظيم داعش تجنبوا المواجهات المباشرة وفروا باتجاه منطقة الصفا، مرجحاً أن هذه المنطقة ستشهد مواجهات عنيفة في الأيام المقبلة.
وتمثل انسحابات «داعش» المعضلة الأبلغ أمام أي تسوية تقضي بطرد التنظيم من المنطقة، بالنظر إلى أن الموقع المحتمل لوجهة مقاتليه النهائية، تتراوح بين الجيوب الخاضعة لسيطرته في بادية حمص الشرقية أو بادية دير الزور الغربية أو الضفة الشرقية لنهر الفرات في ظل تقلص مساحة سيطرته إلى حد كبير.
وقالت مصادر سورية إنه أمام الضغط الشعبي الذي يتعرض له النظام في السويداء، «ليس أمامه إلا نقل عناصر التنظيم إلى البادية الشرقية في حمص ودير الزور». ومن جهته، قال الباحث السياسي والعسكري السوري المعارض عبد الناصر العايد إن النظام «لا يستطيع نقل عناصر التنظيم إلى بادية السويداء بسبب الضغوط، والاتهامات التي وجهت إليه خلال الأسبوعين الماضيين كونه نقلهم من مخيم اليرموك في دمشق إلى بادية السويداء»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن قيادة التنظيم في المنطقة الشرقية في دير الزور رفضت في السابق استقبال عناصر مخيم اليرموك، وهو ما دفع النظام لنقلهم إلى بادية السويداء، موضحاً أن ذلك «يعود إلى مخطط لدى التنظيم للبقاء في المنطقة الجنوبية، كما أنه يبحث عن مناطق جبلية ووعرة توفر له ملاذات آمنة، بدلاً من المناطق الصحراوية المكشوفة حيث يسهل استهدافه».
ميدانياً، تواصلت الاشتباكات بوتيرة متصاعدة على محاور واقعة في باديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومسلحين قرويين من جانب، وعناصر من تنظيم داعش من جانب آخر، إذ واصلت الأولى هجماتها على مواقع التنظيم ومناطق سيطرته، في محاولة مستمرة لقضم مزيد من المناطق في إطار العملية العسكرية التي أعلنت قوات النظام عنها، وبدأتها مساء الأحد.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن المعارك ترافقت مع الضربات الجوية والصاروخية، وسط تقدم جديد حققته قوات النظام في عدة نقاط في المحورين الشرقي والشمالي الشرقي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».