الجيش الإسرائيلي يوصي باتفاق مع «حماس» مخالفاً القيادة السياسية

الحركة في أسوأ وضع لها لكنها مستعدة للتفاهم... وللحرب أيضاً

TT

الجيش الإسرائيلي يوصي باتفاق مع «حماس» مخالفاً القيادة السياسية

خلافا لموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وغيرهم من المسؤولين السياسيين اليمينيين، طرحت القيادة العسكرية الإسرائيلية توصيات تتضمن تقديم تسهيلات اقتصادية لقطاع غزة، في إطار تسوية مع حركة حماس، بغض النظر عن تحقيق تقدم في صفقة تبادل الأسرى.
وبحسب تصريحات نقلت على لسان رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، فإن المهمة الأعلى الآن، هي منع وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة، من شأنها أن تتسبب في أضرار استراتيجية لإسرائيل، وإنه يطرح هذه التوصيات، باعتبارها «مصلحة أمنية» يقف في مركزها تأجيل المواجهة العسكرية إلى حين استكمال الحواجز تحت الأرض، على طول الحدود مع قطاع غزة، وتجهيز الجيش بمنظومات دفاعية ضد الطائرات المسيرة.
وكان القادة السياسيون في إسرائيل، قد تراجعوا عن المصادقة على اتفاق مع «حماس» بعدما خرجت عائلتا الجنديين، أورون شاؤول وهدار غولدين، بحملة تتهم فيها الحكومة بالتقصير وإهمال قضيتهما. وهاجمت العائلتان رئيس الوزراء، نتنياهو، بشكل خاص. وروت والدة غولدين أن نتنياهو صرخ في وجهها، واتهمها وزوجها بالكذب، وجلس معهما وهو يضع قدميه على الطاولة كتعبير عن احتقاره لهما. وأضافت أنها لا تستغرب أنه يستخف بالقضية. وفي ضوء ذلك، خرج وزراء نتنياهو بتصريحات أعلنوا فيها أنه لن تكون هناك أي تسوية مع حركة حماس من دون «استعادة أفراهام مانغيستو وهشام السيد، وجثتي الجنديين أورون شاؤول وهدار غولدين».
لكن الجيش أعرب عن رأي آخر، وقال جنرالاته إنه يمكن الدفع بمشروعات إنسانية في قطاع غزة، بما يؤجل «المواجهة العسكرية» المحتملة حتى نهاية عام 2019 على الأقل، حيث يجري استكمال الحواجز تحت الأرض على طول حدود قطاع غزة.
وأكدوا أن التسوية هي «مصلحة إسرائيلية أمنية»، ولهذا السبب يجب القيام بالعملية التي تتيح تطبيقها. وفي الوقت نفسه، يؤكد الجيش التزامه باستعادة جثتي الجنديين والأسيرين المحتجزين في القطاع، ويعتبر التسوية مع «حماس» فرصة للتقدم في هذا الاتجاه.
وطالب قادة الجيش بعدم الربط بين البنى التحتية الضرورية، مثل المياه والكهرباء والصحة والغذاء، وبين مشروعات المواصلات والأشغال وإدخال عمال إلى إسرائيل، باعتبار أن هذه المشروعات يمكن ربطها باستعادة «الأسرى والجثث».
يذكر أن رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، كان قد صرح، في فبراير (شباط) الماضي، في جلسة للحكومة، بأن قطاع غزة على وشك الانهيار، وأنه يجب على إسرائيل القيام بخطوات جدية لمنع ذلك. وقال إنه على الرغم من أن الطرفين غير معنيين بذلك، فإن تدهوراً آخر من شأنه أن يقرب احتمالات المواجهة إلى عام 2018. وغداة ذلك، ادعى وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، أن لا أزمة إنسانية في القطاع.
وبحسب المسؤولين الأمنيين، فإن الجيش سينتهي من بناء «الجدار الواقي»، الذي يحيط بقطاع غزة، نهاية العام الحالي، ويفترض أن يسد الطريق أمام الأنفاق الهجومية. وبحسب تقديرات الجيش، فإن عدد الأنفاق الهجومية اليوم، يتألف «من رقمين»، ويرى فيها تهديدا جديا في حال وقوع مواجهات قبل استكمال «الجدار الواقي». وعلاوة على «الجدار الواقي»، فإن الجيش يضيف أنه سيجري إدخال وسائل أخرى في العام المقبل، من ضمنها منظومات دفاعية جوية ضد الطائرات المسيرة. ونقل عن مسؤول أمني قوله، في هيئة مغلقة، أخيرا، أنه حتى نهاية عام 2019، فإن الجيش يفضل استكمال بناء الجدار الواقي على كل شيء آخر، باعتبار أن «استكماله سيكون الحدث الاستراتيجي الأهم مقابل قطاع غزة»، وأنه لهذا السبب لم يوقف آيزنكوت أعمال البناء في محيط القطاع، رغم التوترات التي حصلت في الشهر الماضي.
وادعى المسؤول الأمني نفسه، أن رغبة حركة حماس في التوصل إلى تسوية، تعود أساسا إلى إدراك قيادتها أنها معرضة لخسارة «الذخر الاستراتيجي الأهم لها». كما تشير التقديرات الأمنية الإسرائيلية، إلى أن حركة حماس سوف تلتزم بالتهدئة أمام مصر خلال الفترة التي تحتاجها إسرائيل على الأقل. وتأتي هذه التقديرات استنادا إلى موقف الاستخبارات التي تدعي أن «(حماس) تواجه أصعب الظروف منذ عام 2006؛ ولكنها في الوقت نفسه تستعد لمواجهة إسرائيل بقوة أيضا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».