دمشق تشكل لجنة تنسيق لإعادة اللاجئين من الخارج

رسائل محلية متناقضة... والأجهزة الأمنية تهدد العائدين

آلاء مسالمة نازحة سورية إلى الأردن في زيارة لموقع روماني أثري قرب العاصمة بصحبة ولديها (رويترز)
آلاء مسالمة نازحة سورية إلى الأردن في زيارة لموقع روماني أثري قرب العاصمة بصحبة ولديها (رويترز)
TT

دمشق تشكل لجنة تنسيق لإعادة اللاجئين من الخارج

آلاء مسالمة نازحة سورية إلى الأردن في زيارة لموقع روماني أثري قرب العاصمة بصحبة ولديها (رويترز)
آلاء مسالمة نازحة سورية إلى الأردن في زيارة لموقع روماني أثري قرب العاصمة بصحبة ولديها (رويترز)

أعلن النظام السوري، أمس، تشكيل لجنة تنسيق للعمل على عودة اللاجئين الذين دفعهم النزاع الدامي المستمر منذ أكثر من 7 سنوات إلى مغادرة البلاد، وفق ما أورد الإعلام الرسمي، في خطوة تأتي بعد إطلاق روسيا مبادرة في هذا الصدد.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن مجلس الوزراء وافق خلال جلسته، الأحد، على «إحداث هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها بفعل الإرهاب» برئاسة وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف.
ويأتي تشكيل هذه الهيئة، وفق «سانا»، «تأكيدا على أن سوريا التي انتصرت في حربها على الإرهاب وتحملت مسؤوليتها تجاه المهجرين في الداخل، ستتخذ ما يلزم من إجراءات لتسوية أوضاع جميع المهجرين وتأمين عودتهم في ظل عودة الأمان وإعادة الخدمات الأساسية إلى مختلف المناطق».
وستتولى الهيئة المؤلفة من «الوزارات والجهات المعنية» في المرحلة المقبلة، «تكثيف التواصل مع الدول الصديقة لتقديم كل التسهيلات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعودتهم»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتشكل إعادة اللاجئين السوريين البالغ عددهم، وفق الأمم المتحدة، 5.6 مليون شخص، محور مبادرة اقترحتها موسكو على واشنطن الشهر الماضي. وتقضي الخطة بإنشاء مجموعتي عمل في الأردن ولبنان، تضم كل منهما بالإضافة إلى ممثلين عن البلدين، مسؤولين من روسيا والولايات المتحدة.
وفي إطار هذه الخطة، زار المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف قبل نحو أسبوعين كلا من دمشق وعمّان وبيروت. وأبلغ رئيس النظام السوري بشار الأسد المبعوث الروسي خلال اللقاء، وفق ما نقل موقع الرئاسة عنه، أن «سوريا حريصة على عودة جميع أبنائها، ومن هذا المنطلق فقد رحبت بأي مساعدة ممكنة للسوريين النازحين في الداخل والخارج».
إلا أن الإعلان عن تشكيل اللجنة، شوّش عليه تسريب تم تداوله على نحو واسع في مواقع التواصل الاجتماعي السورية، عن تهديد باجتثاث المعارضين للنظام (بالمشاركة والقول والصمت)، صدر عن اللواء جميل الحسن مدير المخابرات الجوية والملقب بـ«السفاح العجوز» لتاريخه الدموي. وذكر موقع «مراسل سوري» الذي سرّب النبأ أن الاجتماع برئاسة الحسن عُقد بتاريخ 27 يوليو (تموز) الماضي بحضور 33 ضابطاً، تم فيه بحث الرؤية المستقبلية للمرحلة القادمة وتطبيق خططها وفق «القيادة العليا للدولة». وقال اللواء الحسن إن أكثر من 3 ملايين ملف لمطلوبين سوريين داخلياً وخارجياً جاهزة، وإن هذا «العدد الهائل للمطلوبين لن يشكّل صعوبة في إتمام الخطة؛ فسوريا بـ10 ملايين صادق مطيع للقيادة، أفضل من سوريا بـ30 مليون مخرب»، كما اعتبر التعامل مع اللاجئين في حال عودتهم سيكون كالتعامل مع الأغنام، وستتم تصفية التالف منها واستخدام الصالح، أما المطلوبون فسيتم التعامل معهم مباشرة بتهمة «الإرهاب»، مضيفاً: «سوريا بعد 8 سنوات لن تقبل وجود خلايا سرطانية، وسيتم استئصالها بالكامل».
ولم يصدر عن مؤسسات النظام تكذيب لتلك التسريبات، كما لم يتم التأكد من صحتها، خصوصاً أنها تأتي مناقضة تماماً للمساعي الروسية وللتصريحات الرسمية السياسية للنظام، فقد أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، مساء الأحد، أن «الدولة السورية مع عودة جميع المهجرين السوريين الموجودين في الخارج والداخل إلى وطنهم وقراهم ومدنهم وبيوتهم»، وذلك في تصريح للصحافيين بعد محاضرة له على هامش معرض الكتاب الدولي الثلاثين في دمشق.
كما دعا خطيب جامع الأموي مأمون الخطيب، في خطبة يوم الجمعة الماضي، اللاجئين السوريين في الخارج إلى العودة، وقال: «إن باب العودة مفتوح على مصراعيه منذ البداية».
وضمن السياق ذاته عاد إلى الواجهة المعارض السوري لؤي حسين المقرب من موسكو، بدعوته اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا بضمانات روسية، تشمل العفو وضمان عدم الملاحقة الأمنية، الأمر الذي أثار الاستغراب والكثير من التشكيك في أوساط المعارضين السوريين في الخارج، فقد كتب حسين في صفحته على «فيسبوك»، إن «كل من يريد أن يدخل دون أن يغيّر في موقفه السياسي، ودون أن يكون مضطراً لشكر أحد، أو التحدث إلى أحد، يمكنه التواصل معي وأنا أرشده إلى السبيل الآمن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».