تحرك داخل الكونغرس الأميركي لمواجهة اتساع نفوذ الصين

TT

تحرك داخل الكونغرس الأميركي لمواجهة اتساع نفوذ الصين

ضغط عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي على إدارة الرئيس دونالد ترمب، لتقديم مزيد من التفاصيل بشأن الآلية التي تتعامل بها الإدارة مع سلوك الصين في العالم، بما في ذلك تمويل بكين لحزمة مشاريع البنية التحتية الدولية في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، التي تركت العديد من البلدان مدينة لبكين بشكل كبير.
وفي رسالة وجهها المشرعون، أمس، إلى وزيري المالية ستيفن منوتشين والخارجية مايك بومبيو، تساءل أعضاء مجلس الشيوخ عن كيف ستدفع الإدارة الأميركية، صندوق النقد الدولي، لمعالجة المشاكل الناشئة عن خطة الصين الاستثمارية العالمية المعروفة باسم «مبادرة الحزام والطريق». وكتب 16 عضواً في مجلس الشيوخ أمس: «في ضوء إنقاذ صندوق النقد الدولي لباكستان في الأشهر المقبلة، نطلب إجابات على الأسئلة التالية: كيف يمكن للولايات المتحدة استخدام نفوذها، كأكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، لضمان أن شروط الإنقاذ التي يقدمها صندوق النقد للدول المدينة للصين تمنع استمرار مشروعات مبادرة (الحزام والطريق) الجارية، أو بدء مشروعات جديدة؟».
وتقول الرسالة: «مع تفاوض الدول التي تعاني من مشاكل مالية مع الصين لتحرير نفسها من الديون المتصاعدة، حصلت بكين على تنازلات كبيرة، بما في ذلك حصص أسهم في أصول مهمة استراتيجياً لهذه الدول». وتضيف: «علاوة على ذلك، استخدمت بكين مراراً الضغط الاقتصادي للتأثير على قرارات السياسة الخارجية».
وتمثل مبادرة «الحزام والطريق»، التي تهدف إلى تمويل مشاريع البنية التحتية مثل الطرق السريعة والسكك الحديدية والموانئ والمطارات في العديد من البلدان المجاورة للصين، مصدر قلق متزايد في واشنطن. ويخشى المشرعون بالكونغرس من أن بكين تستخدم هذه المشاريع لمد هيمنتها ومناطق نفوذها.
ويستضيف نحو 70 بلداً مشاريع ممولة من الصين في إطار خطة بكين للبنية التحتية، وتعاني العديد من هذه الدول من ضائقة ديون عميقة. وقد طلبت سريلانكا بالفعل مساعدة صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن تطلب باكستان الأمر نفسه خلال الشهور المقبلة بعد أن نشأت المديونية جزئياً من مشروعات صينية بقيمة 62 مليار دولار لتطوير البنية التحتية، بما في ذلك مشروع نظام مترو أنفاق مُكيّف بقيمة 2 مليار دولار.
من ناحية أخرى، وافق الكونغرس الأميركي على مشروع قانون موازنة الدفاع للعام المالي المقبل بقيمة 716 مليار دولار. ويقول المشرعون إن هذه الموازنة تتضمن إجراءات تهدف إلى تحجيم نفوذ الصين العالمي، وهي الأكثر صرامة على بكين من أي وقت في التاريخ. ويهدف القانون إلى مواجهة مجموعة من سياسات الحكومة الصينية، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري في بحر الصين الجنوبي، وسعي بكين الدؤوب وراء التكنولوجيا الأميركية المتطورة، وانتشار دعاية الحزب الشيوعي في المؤسسات الأميركية. ووافق مجلس الشيوخ على مشروع القانون في تصويت بأغلبية 87 صوتاً مقابل 10 أصوات بعد أن وافق عليه مجلس النواب الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يوقع الرئيس دونالد ترمب على التشريع ليصبح قانوناً خلال الأيام المقبلة.
وهناك قلق متنامٍ بين الحزبين في الكونغرس ومسؤولي الأمن القومي الأميركي من أن العالم يدخل حقبة جديدة من التنافس بين القوى الكبرى. وذكرت استراتيجية الدفاع الوطني الأميركي لعام 2018 في الجزء المعلن منها، أن «التحدي الرئيسي أمام ازدهار الولايات المتحدة وأمنها هو عودة ظهور المنافسة الاستراتيجية طويلة الأجل». وتضيف أن «الصين تتقدم في تحديث ترسانتها العسكرية، وزيادة تأثيرها العملياتي من خلال قوتها الاقتصادية لإجبار الدول المجاورة على إعادة تنظيم منطقة المحيط الهندي - الهادي لصالحها».
من جانبه، قال متحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، إن تمرير القانون «سيقوض بشدة الثقة المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة»، مضيفاً: «إننا نحث الجانب الأميركي على التخلص من عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية التي عفا عليها الزمن».
وتتعلق أهم بنود قانون الدفاع بالنشاط الاقتصادي الصيني. ويسعى التشريع إلى تشديد المراجعات الأميركية للأمن القومي للصفقات الصينية، في إطار لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، وإعادة تنظيم ضوابط التصدير التي تحدد التقنيات الأميركية التي يمكن إرسالها إلى الخارج. وعلى الرغم من أن تغيير قواعد التصدير لأميركا من المتوقع أن يؤثر على مجموعة واسعة من الشركات الأميركية، إلا أن هناك دعماً كبيراً من الشركات الأميركية لهذه التدابير بسبب القلق المتزايد من السياسات الصينية.
ويتطلب مشروع قانون الدفاع تقريراً سنوياً عن الصين يتضمن معلومات عن الجهود التي تبذلها الحكومة الصينية للتأثير على وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية، والأعمال التجارية، والأوساط الأكاديمية والسياسية، داخل الولايات المتحدة. وذلك حتى يتم إدراجها في استراتيجية الأمن القومي الأميركي.
ومن المفترض أن يضع مشروع القانون حداً للأموال التي تقدمها وزارة الدفاع لبرامج اللغة الصينية في الجامعات الأميركية التي تستضيف معاهد «كونفوشيوس»، إذ إن هذه المراكز تمولها الحكومة الصينية، وتعرضت لانتقادات كثيرة من قبل الجمهوريين في الكونغرس. ويتضمن مشروع القانون أيضاً أحكاماً لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الهند وتايوان. كما تحظر مشاركة الصين في التدريبات البحرية لمنطقة المحيط الهادئ، التي تشمل 26 دولة تعكس التعاون العسكري الدولي، وذلك إلى أن تتوقف بكين عن عسكرة الجزر في بحر الصين الجنوبي.
وعلّق جيمس لويس، نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «قبل ثلاث سنوات، إذا تحدثت عن اتخاذ إجراءات ضد الصين، فإن مجتمع الأعمال الأميركي كان سيعارض ذلك. هذا الوضع تغير الآن». وقال بيل إيفانينا، مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن: «لدينا العديد من الدول التي تهدد أمننا الوطني من منظور تجسس اقتصادي. لا يساوي أي من هذه الدول الصين». ويرى محللون أن هذا القانون يمثل إشارة لحلفاء أميركا وشركائها في آسيا، خصوصاً اليابان وتايوان، بأن أنشطة الصين في بحر الصين الجنوبي غير مقبولة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.