أثار اعتزام الحكومة التونسية رفع السر البنكي جدلا واسعا في تونس بين المؤيدين لهذا الإجراء والرافضين له. وقد نص قانون المالية التكميلي لسنة 2014 الذي أحالته الحكومة التونسية على المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) قصد مناقشته، وجاء في الفصل 32 من هذا المشروع أنه «... يتعيّن على مؤسسات القرض التي لها صفة بنك والديوان الوطني للبريد ووسطاء البورصة موافاة مصالح الجباية المختصة بناء على طلب كتابي في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ تبليغ الطلب بنسخ من كشوفات الحسابات المشار إليها في صورة عدم تقديمها من قبل المطالب بالأداء لمصالح الجباية في أجل عشرة أيام من تاريخ التنبيه عليه كتابيا». وبين الفصل نفسه أن حق الاطلاع على الحسابات البنكية «لا يشمل إلا المطالبين بالأداء الذين هم في حالة مراجعة معمقة لوضعيتهم الجبائية في تاريخ تبليغ الطلب».
وقد أثار هذا الفصل مخاوف كثيرة خاصة في أوساط المال والأعمال، مما دفع حكيم بن حمودة وزير الاقتصاد والمالية إلى محاولة طمأنة هذه الأوساط والتأكيد، في حوار مع التلفزيون الرسمي التونسي مساء أول من أمس الثلاثاء، على أن وزارته «طالبت بإيجاد ضمانات، وهي أن يجري رفع السر البنكي في إطار مراقبة معمقة وبواسطة مراقبين محلفين».
أما عن دوافع اتخاذ إجراء رفع السر البنكي فقال بن حمودة إنّ «الشفافية المالية هامة وإنّ تونس لا يمكن أن تبقى خارج المواثيق الدولية بالنسبة لهذا الموضوع».
وعدّ الخبير الاقتصادي محسن حسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رفع السر البنكي يظل مسألة حساسة جدا»، قائلا إن «رفع السر البنكي، وإن كان يسهل عمل مصالح المراقبة الجبائية وحصولها على المعلومة البنكية، ينطوي أيضا على الكثير من المخاطر والسلبيات» من بينها، حسب قوله، «احتمال خروج أموال من النظام البنكي لفائدة التخزين وبالتالي ارتفاع شُحّ السيولة على مستوى القطاع البنكي»، فضلا عن «المساهمة في مزيد تراجع نسبة الادخار الوطني، وهو ما يؤدي إلى تراجع الاستثمار في القطاعات المنظمة»، حسب قوله.
كما أكد محسن حسن أن «هذا الإجراء من شأنه أن يساهم في مزيد تغول السوق الموازية، وفي دفع العاملين في القطاع المنظم الذين لهم مشاكل مع الجباية إلى الانتقال إلى القطاع الموازي». وأضاف قوله إن «رفع السرّ البنكي يمكن أن يكون المرحلة الأخيرة من عملية إصلاح جبائي شامل.. وتونس في أمس الحاجة اليوم لإصلاح منظومتها الجبائية».
وليست هذه المرة الأولى التي تقع فيها محاولة لرفع السر البنكي، حيث أدرجت حكومة علي العريض السابقة في مشروعها الأولي قانون مالية 2014 فصلا بهذا الخصوص تخلت عنه فيما بعد. كما جرت أيضا محاولات كثيرة سابقة زمن حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي لرفع السر البنكي، ولكن وقع في كل مرة التخلي عنها.
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة التخطيط والمالية والتنمية بالمجلس الوطني التأسيسي شرعت منذ بداية الأسبوع الحالي في النظر في مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2014، وبإمكانها أن تقترح بعض التعديلات عليه على أن يعرض المشروع في الأيام المقبلة على جلسة عامة قصد المصادقة عليه.
رفع السرية المصرفية يثير مخاوف أوساط المال والأعمال في تونس
نص عليه قانون المالية التكميلي لسنة 2014
رفع السرية المصرفية يثير مخاوف أوساط المال والأعمال في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة