بعد عامين من معاناته من إصابة وصفها المدرب الفرنسي آرسين فينغر بأنها «أسوأ ما رأيت»، كشف أداء الإسباني سانتي كازورلا المشجع أمام مونبيليه السبب وراء رغبة فياريـال في ضمه إليه.
بعد نهاية المباراة، دفع كازورلا جواربه الصفراء البراقة نحو الأسفل، ورفع الرجل اليمنى للسروال القصير الذي يرتديه، وخلع حذاءه الأسود وتركه داخل ملعب استاد سانت ميشيل في كانتون ريسيون، بجنوب شرقي فرنسا.
وجاء هدف التعادل في وقت متأخر لدرجة أن الشاشة الضخمة القائمة داخل الاستاد خلف مجموعة الأشجار لم تعلن عنه. ورغم إعلان الشاشة أن النتيجة 1 / 0، ظلت الحقيقة أن كازورلا والفريق الزائر لم يتعرضا للهزيمة.
جدير بالذكر أن لاعب خط وسط آرسنال الإنجليزي السابق لم يشارك في مباراة تنافسية منذ 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، لكن أخيراً تنامت مشاعر التفاؤل بأنه على وشك تحقيق ذلك.
بعد قرابة عامين، و10 عمليات جراحية، وتحذير من أن السير بأرجاء الحديقة قد يكون أقصى ما ينبغي له أن يطمح إليه، عاود كازورلا الآن اللعب من جديد، واتخذ خطوة أخرى بهذا الاتجاه. كان كازورلا قد رحل عن آرسنال في مايو (أيار)، وقد وصف مدربه آرسين فينغر الإصابة التي تعرض لها اللاعب بأنها «أسوأ ما رأيت على الإطلاق»، وقال: «آمل أن تكونوا مخطئين»، وذلك عندما ألمح البعض إلى أن اللاعب الإسباني ربما لا يعاود اللعب ثانية. ومع هذا، تمكن كازورلا حتى الآن من المشاركة في 3 مباريات في غضون 9 أيام قبل انطلاق الموسم الجديد، وذلك في صفوف فياريـال بالدوري الإسباني، حيث سبق له اللعب، في وقت ينوي فيه النادي توقيع تعاقد جديد معه. وفي هذا الصدد، علق كازورلا بقوله: «من المستحيل أن أوفي فياريـال حقهم عما فعلوه معي».
ورغم أنه لا يزال يشعر ببعض الألم في كاحله الأيمن، بجانب شعوره ببعض الخشونة في العضلات بسبب ابتعاده عن اللعب لفترة، فإن كل هذا يتلاشى في أثناء اللعب.
الأسبوع الماضي، اعترف كازورلا بأن مجرد مشاركته في اللعب لمدة 20 دقيقة فحسب كانت تبدو من قبل «أمراً في حكم المستحيل». وفي الليلة التي أطلق خلالها هذا التصريح، كان قد مر 636 يوماً على آخر مشاركة له مع آرسنال في مواجهة «لودوغورتس رازغراد»، في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا. وفي تلك الليلة ذاتها، شارك لمدة نصف ساعة أمام نادي «هيركوليس» الإسباني لدى عودته من الإصابة. وقال كازورلا: «لقد كان شعوراً مميزاً للغاية أن أعود لاعباً لكرة القدم من جديد». والمؤكد أن هذه العودة لم تكن بالسهلة، ذلك أن كازورلا كان بحاجة لإعادة وتر أخيل (أو العرقوب) من جديد، بعد أن تآكلت 8 سنتيمترات منه بسبب عدوى، بجانب استقطاع جزء من ساعده لتطعيم كاحله بها.
من جهته، قال فينغر عندما سحب كازورلا من إحدى المباريات للمرة الأخيرة: «هذه ليست إصابة كبيرة». ومع هذا، تفاقمت المشكلات، ومرت شهور حتى انتهت مسيرة كازورلا الكروية مع آرسنال، وظلت ثمة مخاوف تخيم حوله، من أنه ربما لا يعاود اللعب مجدداً أبداً. وحتى اليوم، لا يزال كازورلا يناضل.
يذكر أن كازورلا قضى جزءاً كبيراً من الموسم الماضي يعيش ويعمل بمفرده في سلمنقة. وفي سن الـ33، وبعد تسريح آرسنال له، تولى كازورلا تدريب فريق الناشئين في نادي ديبورتيفو ألافيس، قبل أن يطلب فياريـال منه الانضمام إليه. وبالفعل، انضم إلى النادي خلال فترة الاستعداد للموسم الجديد في مدينة جيرونا، ورغم حرصه على توخي الحذر، فإنه يكمل جلسات التدريب يومياً، ويخوض مباراة كل 3 أو 4 أيام قبل انطلاق الموسم الجديد من بطولة الدوري الممتاز، الشهر المقبل.
وكان «هيركوليس» المباراة الأولى، في 17 يوليو (تموز). وبعد 3 أيام، أشركه المدرب أمام مرسيليا، في الدقيقة 47 من المباراة. وهنا، شارك لمدة 30 دقيقة أخرى على ملعب غير مستوى في كانتون ريسيون.
والملاحظ أن ثمة جداراً كبيراً يطوق الملعب، على غرار ما كان عليه الحال في الملاعب في ثمانينات القرن الماضي، ما يبدو غير متوائم إلى حد ما مع البيئة العامة المحيطة، بجانب أنه دون أدنى ضرورة. وبصورة عامة، يقدر عدد من حضروا لمشاهدة المباراة بنحو 400 شخص. وخلف المقعد الذي كان يجلس عليه كازورلا، ثمة كلب ضخم بني اللون تحرك بعد فترة لتفحص أرض الملعب. أما الملعب، فكانت أرضيته رديئة، ذلك أنها كانت جافة غير مستوية مليئة برمل بني اللون. ورغم أن التوقيت كان في المساء، ظل الطقس حاراً.
وحول أرض الملعب، كانت هناك لوحات إعلانية تعلن عن شركات محلية، وكان هناك متجر صغير يبيع مقرمشات ومشروبات، وظلت مجموعة من الجماهير تصيح مرددة «مونبيلييه»! حتى تعالت أصوات الثناء على لمسة رائعة لإحدى الكرات. ولم تكن هذه اللمسة من جانب كازورلا، وإنما من جانب إسحق مبينزا، لاعب مونبيلييه الذي كان له الفضل كذلك في صناعة الهدف الافتتاحي بالمباراة. وفي ذلك الوقت، كان كازورلا لا يزال على مقعد البدلاء. لكن بحلول نصف الوقت، كان قد بدأ في الاستعداد. في بعض الأحيان، يواجه المرء صعوبة في الربط بين السعادة البادية عليه والابتسامة العريضة المرسومة على وجهه والمعاناة الشديدة التي خاضها. ومع ذلك، تبقى هذه الحقيقة القاسية.
بعد فترة، أتى إليه طبيب وألصق شريحة بالسترة التي يرتديها، وحرص على متابعة كل حركة يقوم بها. وفي غضون دقائق، انضم كازورلا لـ5 لاعبين كانوا يقومون بالإحماء. وبعد 59 دقيقة، جرى الدفع بهم. ولم يجر كازورلا كثيراً، وإنما لعب على الجانب القريب، في مركز متقدم على الطرف الأيسر من الملعب، وإن كان قد ظل دون مركز ثابت. وكانت أولى تمريراته كرة طويلة باتجاه قدم نيكولا سانسوني. أما الكرة التالية التي أطلقها، فأسهمت في الإسراع من وتيرة اللعب داخل الملعب، وتحولت الكرة فجأة بحدة إلى الداخل باتجاه صامويل كاستييخو، في كرة حملت بصمة كازورلا المميزة. ورغم أنه لم يكن دوماً سريعاً على نحو لافت، فإن الكرة بدت سريعة في قدمه.
وخلال المباراة، حصل على الكرة 25 مرة، وفقد الاستحواذ عليها 3 مرات، وجاءت تمريراته طويلة بعض الشيء. وبالحديث عن الخسارة، تجدر الإشارة هنا إلى أن صاحب القميص رقم 9 في مونبيليه، جيوفاني سيو، اصطدم بشدة بالغة بكازورلا دون ضرورة، وبدا أنه نقره في قدمه، واشتعلت مشاعر الغضب. وعندما تكرر الأمر، وانطلق سيو من جديد، وقعت مواجهة. وكان كاستييخو أول من جرى للدفاع عن كازورلا، وتبعه آخرون من على مقاعد البدلاء بجانبي الملعب، وجرى تبادل كلمات الغضب بين اللاعبين. أما الوحيد الذي ظل واقفاً على هامش ما يدور، فكان الرجل الذي تعرض للضرب، ذلك أنه تولى مراقبة ما يدور في صمت بجوار خط التماس. من ناحيته، لوح مدرب مونبيلييه، ميشال دير زاكاريان، بيده معتذراً، وسحب سيو. بدا كازورلا مندهشاً بعض الشيء، ونظر لبعض الوقت إلى كاحله، لكنه شعر أنه على ما يرام، ما دفعه للاستمرار في اللعب. وبذلك، مر مساء آخر ودفعة تشجيع جديدة، وتأججت مشاعر التفاؤل الحذر، وانطلق صوت من ناحية المقاعد المخصصة لفريق تدريب الفريق باتجاه كازورلا يقول: «استمر على هذا المنوال».
وجاءت تمريرة ذكية باتجاه كارل توكو إكامبي حاملة معها فرصة ثمينة، إلا أن كرة على طرف منطقة المرمى أعيقت، ثم فاز كازورلا بركلة رأس لا يزال يضحك عليها حتى اليوم. وناور كازورلا قليلاً بالكرة قبل أن يقترف أحد لاعبي الفريق الخصم مخالفة بحقه في أثناء محاولته الالتفاف عليه.
وبدا أن الوقت ينفد، لكن أخيراً جاء هدف التعادل. وكان لكازورلا دور معاون فيه، وإن لم يكن كبيراً. ومع انطلاق صافرة نهاية المباراة، خلع كازورلا حذاءه، واتجه ببطء نحو الممر المؤدي إلى غرف تغيير الملابس، قبل أن ينضم لأقرانه في شكل دائرة داخل الملعب. وجاء قائد الفريق ليتبادل التحية مع زملائه، قبل أن يلقي المدرب كلمة فيهم، وينفجر كازورلا في موجة جديدة من الضحك.
عودة كازورلا إلى الملاعب والانضمام لفياريـال ضرب من المعجزات
بعد قرابة عامين و10 عمليات جراحية ومعاناة من إصابة وصفها المدرب فينغر بأنها «أسوأ ما شاهد في حياته»
عودة كازورلا إلى الملاعب والانضمام لفياريـال ضرب من المعجزات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة