مناقشات تجارية بين العملاقين الصيني والأميركي

تضمنت موضوعات شائكة من بينها حقوق الملكية

مناقشات تجارية بين العملاقين الصيني والأميركي
TT

مناقشات تجارية بين العملاقين الصيني والأميركي

مناقشات تجارية بين العملاقين الصيني والأميركي

ناقشت الولايات المتحدة والصين اليوم (الخميس)، مسائل تجارية واقتصادية تضمنت موضوعات شائكة، مثل العملات وحقوق الملكية، في سياق محادثات سنوية موسعة تجري بين اكبر اقتصادين في العالم.
وقال جون كيري وزير الخارجية الاميركي خلال اجتماع لرؤساء عدد من كبرى الشركات الصينية والاميركية، "إن الصين والولايات المتحدة تمثلان اكبر شراكة تجارية واقتصادية في تاريخ البشرية، وهي شراكة مدعوة الى النمو".
وحجم المبادلات التجارية بين العملاقين الاقتصاديين الذي انطلق من مستوى يقارب 2,5 مليار دولار في 1979 عندما تأسست العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما، ازداد ليصل حاليا الى 520 مليارا.
كذلك سجلت الاستثمارات الاجنبية المباشرة بين الدولتين نموا كبيرا، ولاول مرة العام الماضي تجاوز حجم الاستثمارات القادمة من الصين من تلك القادمة من الولايات المتحدة.
وقال كيري "نريد احراز المزيد".
لكن العلاقات التجارية بين البلدين شهدت سلسلة من الخلافات، في طليعتها إصرار الولايات المتحدة على ان السلطات الصينية تبقي سعر العملة الوطنية اليوان ادنى من قيمتها الفعلية.
وفيما لم تتهم الولايات المتحدة الصين بالتلاعب بالعملة، وهو ما قد يؤدي الى فرض عقوبات، اشتكت بأن اليوان الضعيف يمنح الصين أفضلية غير منصفة في التجارة.
كما لفت كيري ايضا الى الخلافات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية، اضافة الى القلق ازاء تقاسم تكنولوجيا المعلومات. حين قال "نحن بحاجة لضمان حماية حقوق الملكية الفكرية، وضمان تحقيق الشفافية في عملية التنظيم، وضمان رفع المعايير على الجميع في ما يتعلق بطريقة تعاطي الاعمال".
والتقى الرؤساء التنفيذيون لشركات مثل "جنرال الكتريك" و"بوينغ" و"فيديكس" و"غولدمان ساكس" و"بنك سيليكون فالي" على مادئة الفطور مع نظرائهم من شركات صينية كبيرة، مثل المؤسسة الصينية للهندسة والبناء الحكومية ومجموعة "وانشيانغ" ومجموعة "داليان واندا" ومجموعة "شوانغوي".
من جهته، قال المستشار الحكومي يانغ جيشي في اجتماع على هامش قمة الحوار الاستراتيجي والاقتصادي التي تستمر يومين، إن "قطاع الاعمال هو العمود الفقري للعلاقات الاقتصادية الصينية - الاميركية". وأضاف "ان التجارة والاستثمار بين قادة قطاع الاعمال والشركات الكبرى في بلدينا، لا تعود علينا فقط بالسلع والوظائف، بل بالتفاهم والصداقة المتبادلين بين شعبينا".
وكان كبير ممثلي التجارة الاميركي قال في وقت سابق هذا الاسبوع، إن الولايات المتحدة تريد من الصين ان تتوصل لحل للأزمة حول اتفاقية مقترحة لمنظمة التجارة العالمية حول تكنولوجيا المعلومات.
وذكر ممثل التجارة الاميركي مايكل فرومان، ان على الصين ان تظهر "قيادة حقيقية" بالعمل على المضي قدما في المحادثات المتعلقة بتوسيع اتفاقية تكنولوجيا المعلومات الخاصة بمنظمة التجارة العالمية.
وفرومان الذي انضم الى مائدة الفطور لم يعلق على تقرير لــ"فاينانشال تايمز"، ذكر ان الخلاف يتعلق برغبة الصين في استبعاد نحو 60 فئة جديدة من السلع، تتضمن معدات طبية ورقائق سيليكون من الجيل القادم، من اتفاقية تكنولوجيا المعلومات.
غير انه اقترح انه إذا أبدت الصين مزيدا من الاستعداد للتفاوض بشأن الاتفاقية، فان ذلك من شأنه أن يمهد الطريق للتوصل الى أرضية مشتركة حول مسائل أخرى شائكة.
وغالبا ما ينتقد مسؤولو الادارة الاميركية وأعضاء الكونغرس، بكين لعدم التزامها بالقواعد الدولية.
ووصف اللقاء حول مائدة الفطور بأنه فرصة للشركات الكبيرة من الجانبين لطرح المشكلات التي واجهتها وإبداء شكاواها.
من جانب آخر، قال وزير الخزانة الاميركي جاكوب ليو "من المهم ان تكون تلك الشركات قادرة على المشاركة في منافسة سليمة - بشكل عادل - بما يعود بالفائدة على بلدينا وعلى الاقتصاد العالمي".
وفي وقت سابق هذا الشهر حثت منظمة التجارة العالمية الصين على جعل سياساتها التجارية أكثر شفافية، وسط غموض "صارخ" في قوانينها.
والصين التي اصبحت أخيرا اكبر شريك تجاري في التكتل الذي يضم 160 عضوا، لم تف بالتزاماتها المتعلقة بالشفافية التي تعهدت بها؛ عندما انضمت لمنظمة التجارة العالمية في 2001، بحسب ما قال اعضاء في المنظمة.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».