مصر: البرلمان يعرض حصاده التشريعي

تكتل معارض اتهم الأغلبية بإقصاء نوابه

TT

مصر: البرلمان يعرض حصاده التشريعي

في الوقت الذي استعرض فيه «مجلس النواب» (البرلمان) المصري، حصاد دور انعقاده الثالث الذي عدّ متحدث باسمه أنه «إنجاز غير مسبوق»، تصاعدت حمى توتر بين ائتلاف الأغلبية «دعم مصر» الذي ينتمي إليه رئيس المجلس علي عبد العال، ونواب تكتل (25 - 30) المعارض، الذي اتهم الأكثرية بإقصاء نوابه.
وقال المتحدث الإعلامي لمجلس النواب النائب صلاح حسب الله، إن المجلس «رقم غير مسبوق في إنجاز التشريعات على مدار تاريخ العمل النيابي بإقرار 197 مشروع قانون».
ودافع حسب الله، في مؤتمر صحافي، بمقر مجلس النواب، أمس، عن المجلس وقال إنه أدى «دوره الرقابي على أكمل وجه، وأن هناك استجوابات تقدم بها النواب، لكن طبيعة هذه الطلبات لم تتجاوز طلبات الإحاطة أو البيان العاجل، وتمت مناقشتها في هذا الإطار».
وكان متحدث البرلمان، يرد على انتقادات وُجهت للمجلس بشأن عدم مناقشته منذ بدء أعماله عام 2016 لأي استجواب بحق الحكومة.
وأشار إلى أن «المجلس ناقش 303 بيانات عاجلة، و385 طلب إحاطة خلال دور الانعقاد الثالث، موضحا أن لائحة مجلس النواب تؤكد أن عمل المجلس الحقيقي يتم من خلال مناقشة تلك الطلبات التي استجابت لها الحكومة بالفعل، إلى جانب الرد على 32 سؤالا مقدما من النواب».
وكان رئيس مجلس النواب، أعلن أواخر الأسبوع الماضي، عن انتهاء دور الانعقاد العادي الثالث من البرلمان. وتنص المادة 115 من الدستور على أن «يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإذا لم تتم الدعوة، يجتمع المجلس بحكم الدستور في اليوم المذكور، ويستمر دور الانعقاد العادي لمدة تسعة أشهر على الأقل».
وخيمت أزمة إحالة نواب معارضين للتحقيق أمام لجنة القيم على كلمة حسب الله، وجاء ذلك بعد يوم واحد من مهاجمة تكتل (25 - 30) للإجراءات المتخذة ضد نوابه بالإحالة للجنة القيم.
وفي منتصف الشهر الماضي، توعد رئيس مجلس النواب، بعض النواب - دون أن يحدد اسما - بإسقاط عضويتهم.
وقال التكتل في بيان أصدره، أول من أمس، إن «الإجراءات ما هي إلا رغبة في التنكيل السياسي بأعضائه، وإن تهديد رئيس المجلس لجميع نوابه صراحة بإسقاط عضويتهم، وتأخير العقوبة بالنسبة للنائب أحمد الطنطاوي، وتأجيل التحقيق مع النائب هيثم الحريري، والاحتفاظ بملف النائب محمد عبد الغنى مفتوحا... كل ذلك لأكثر من عام (...) لهو دليل قاطع على أن ما يحرك كل ذلك هو فقط الكيد السياسي ومحاولة الأغلبية التخلص من المعارضة».
وقال متحدث البرلمان، رداً على التكتل، إن «إحالة النائب هيثم الحريري إلى لجنة القيم، ستناقش في جلستها المقررة يوم 5 أغسطس (آب) المقبل»، ومضيفاً أن «اللجنة ستتيح للنائب كل السبل للدفاع عن نفسه».
وتطرق حسب الله إلى قضية إعلان استقالة نواب بالمجلس من عضوية أحزابهم، الأمر الذي يعده البعض مخالفاً لقانون مجلس النواب، الذي تقول مادته السادسة إنه «يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظاً بالصفة، التي تم انتخابه على أساسها، وإن فقد هذه الصفة، أو غيّر انتماءه الحزبي المنتخَب على أساسه، أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبياً، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس».
وقال حسب الله «إن تغيير الصفة الحزبية لنواب بالبرلمان ظل حديثا إعلاميا فقط ولم يتصل علم المجلس بأي حالة غيرت الصفة الحزبية»، وأضاف أن «هذا الإجراء يكون من خلال مخاطبة أي حزب لهيئة مكتب المجلس بتغيير نائب ينتمي لصفته الحزبية».
وفي مايو (أيار) الماضي، تقدم عدد من النواب الحزبيين باستقالتهم من كياناتهم الحزبية، للانتقال إلى صفوف حزب «مستقبل وطن»، وكان من أبرزهم النائب علاء عابد، وعدد من نواب «المصريين الأحرار» من الحزب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.