فرز نتائج {رئاسية} مالي يدخل يومه الثاني... والغموض سيد الموقف

«الإرهاب» أغلق 716 مكتب تصويت

شرطي ينظّم المرور في باماكو أمس (رويترز)
شرطي ينظّم المرور في باماكو أمس (رويترز)
TT

فرز نتائج {رئاسية} مالي يدخل يومه الثاني... والغموض سيد الموقف

شرطي ينظّم المرور في باماكو أمس (رويترز)
شرطي ينظّم المرور في باماكو أمس (رويترز)

دخلت عمليات فرز نتائج الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية في دولة مالي، يومها الثاني، فيما تشهد البلاد حالة من الترقب لمعرفة من سيحكم البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، وسط توقعات بإعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته إبراهيما ببكر كيتا.
وبدت الأجواء في العاصمة المالية باماكو طبيعية يوم أمس (الاثنين)، وذهب الناس إلى عملهم وامتلأت الشوارع بالزحمة المرورية، وغابت الإجراءات الأمنية المشددة عن الشوارع، فيما بقيت مضاعفة أمام الفنادق الفخمة ومقرات الإدارة العمومية والهيئات الدولية.
من جهة أخرى، كانت بعض النقاشات تدور في الأماكن العامة بين المواطنين حول من يستحق الفوز في الانتخابات، وخاصة ما بين أنصار الرئيس المنتهية ولايته إبراهيما ببكر كيتا وزعيم المعارضة سوميلا سيسي. يقول ممدو كانتي، وهو سائق سيارة أجرة، إن «مالي لا تختلف عن بقية البلدان الأفريقية، ومن الصعب الإطاحة بالرئيس الممسك بالسلطة عن طريق انتخابات هو من يتحكم في المشرفين عليها».
وزادت حالة الغموض في ظل رفض اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بث أي معلومات بخصوص نتائج الانتخابات (حتى مساء الاثنين)، وقالت إن النتائج المؤقتة سوف يتم الإعلان عنها يوم الخميس أو الجمعة، أما النتائج النهائية فتنتظر مصادقة المجلس الدستوري، وهو ما لن يتم قبل نهاية الأسبوع المقبل.
وتواجه اللجنة المشرفة على الانتخابات الكثير من المشكلات، من أبرزها انعدام الأمن في مناطق واسعة من شمال ووسط البلاد، وهو ما يؤخر وصول محاضر فرز مكاتب التصويت البعيدة إلى اللجنة المركزية في باماكو. وتنقل هذه المحاضر تحت حراسة وحماية من الجيش المالي، وقوات بعثة الأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلام، وإسناد من القوات الفرنسية الموجودة في إطار عملية «برخان» لمحاربة الإرهاب.
ولكن كل هذه الإجراءات الأمنية لم تمنع استهداف الكثير من مكاتب التصويت في مناطق متفرقة من مالي، وخاصة في وسط وشمال البلاد. وقالت الحكومة المالية في بيان رسمي أصدرته أمس (الاثنين) إن 716 مكتباً لم يجر فيها التصويت على الإطلاق خلال الانتخابات بسبب الهجمات الإرهابية، وهو ما يمثل نسبة 3.11 في المائة من إجمالي مكاتب التصويت على عموم التراب المالي.
إلا أن الحكومة تركت الباب مفتوحاً أمام زيادة هذا الرقم، في انتظار اكتمال فرز مكاتب التصويت ووصول المحاضر إلى باماكو. لكنها اعتبرت في المقابل أن ذلك لن يؤثر على النتيجة النهائية للانتخابات، وقالت إن المكاتب التي جرى فيها التصويت «بشكل طبيعي وفي ظروف مرضية» تمثل نسبة 89.96 في المائة من مكاتب التصويت البالغ عددها 22325 مكتباً.
وقالت الحكومة إنه «في المجمل كان سير الانتخابات جيداً»، وهو ما فسرته بـ«النضج السياسي للشعب المالي، والحس الوطني لدى جميع المترشحين (يبلغ عددهم 24 مرشحاً) الذين وضعوا مالي فوق كل الاعتبارات الحزبية»، وفق نص بيان الحكومة.
ودعت الحكومة المالية جميع الفاعلين السياسيين والمواطنين إلى «الهدوء والسكينة» من أجل ما قالت إنه «المحافظة على مناخ السلم والتعايش، بل وتعزيزه، حتى تنتهي العملية الانتخابية الجارية»، إلا أن الحكومة امتنعت عن نشر أي معطيات حول نتائج الانتخابات.
ولكن مصادر كثيرة من داخل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قالت لـ«الشرق الأوسط» إن نسبة المشاركة في الانتخابات ستتراوح ما بين 36 و40 في المائة، وهي نسبة قليلة بالمقارنة مع الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2013، ولكنها مبررة بسبب التهديدات الأمنية التي أطلقتها جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» ضد مكاتب التصويت، جعلت الماليين لا يقبلون على هذه المكاتب.
من جهة أخرى، قال مصدر من داخل إدارة حملة زعيم المعارضة سوميلا سيسي، لـ«الشرق الأوسط» إنه من المرجح أن يتم اللجوء لشوط ثان من أجل حسم السباق الرئاسي، وأكد أن مرشحهم سيكون حاضراً في هذا الشوط.
بينما أعلن محمدو كمرا، المسؤول الإعلامي في إدارة حملة الرئيس المنتهية ولايته إبراهيما ببكر كيتا، أن «النتائج الأولية التي تم الكشف عنها حتى الآن تظهر التفافاً شعبياً منقطع النظير حول المرشح إبراهيما ببكر كيتا، والذي سيحل في المرتبة الأولى بفارق كبير عن منافسيه».
التوقعات نفسها أكدها بليز سانغاري، الناطق الرسمي باسم حملة الرئيس المنتهية ولايته، حين قال إن حصيلة النتائج الأولية التي حصل عليها «كيتا» في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية هي «نتائج إيجابية»، وأضاف: «سننتصر في الشوط الأول من الانتخابات، نحن واثقون من ذلك».
وقال سانغاري خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أمس (الاثنين) في مقر الحملة بباماكو: «كيتا عمل خلال خمس سنوات من أجل إعادة إعمار البلاد؛ اليوم لدينا اتفاق سلام وتوقفت جميع المعارك العنيفة؛ المتبقي فقط هو انعدام الأمن»، وفي سياق حديثه عن ملامح الولاية الرئاسية المقبلة لكيتا، قال سانغاري: «الولاية الثانية سوف تكون ولاية لتسريع وتيرة النمو، إنها ولاية مخصصة للشباب مع صناديق تمويل خاصة بإنشاء المؤسسات في مالي مستقرة ويعمها السلام والأمن».
وفي ظل تضارب الأنباء بخصوص نتائج الانتخابات، خاصة تلك الصادرة عن الأحزاب السياسية والمرشحين، تبقى بعثات المراقبين الدوليين هي الأخرى متباينة في مواقفها من سير الشوط الأول من الانتخابات. ففي حين أصدر المراقبون الأفارقة بياناً يؤكدون فيه أن الانتخابات كانت شفافة ونزيهة ولم تشهد أي أعمال قد تؤثر على النتيجة النهائية، لا يزال المراقبون الأوروبيون صامتين «من أجل تقييم الوضع قبل الحكم عليه»، وفق تعبير مصدر في البعثة الأوروبية.
وكانت بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي قد ضغطت على السلطات المالية، ليل الأحد إلى الاثنين، حتى قامت بنشر قائمة مكاتب التصويت التي لم يجر فيها التصويت أو توقف بشكل جزئي. وقالت إن نشر هذه القائمة يدخل في سياق اتفاق بينها والحكومة لمراقبة الانتخابات.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».