الحكومة الفرنسية تواجه اليوم «امتحان الثقة» بسبب فضيحة بنعالا

سقوطها مستبعد... واليمين واليسار متحدان لرفض منح الثقة

TT

الحكومة الفرنسية تواجه اليوم «امتحان الثقة» بسبب فضيحة بنعالا

لم تكتمل بعد فصول «فضيحة بنعالا غيت». ولن تتحقق آمال الرئاسة والحكومة بأن تدفن مع اقتراب عطلتهما الصيفية، بعد أسبوعين كاملين من التجليات والاكتشافات التي هزت السلطة ووضعتها في موضع الدفاع فيما انقضت المعارضة يمينا ويسارا لاستغلال الفضيحة وتحويلها إلى «فضيحة دولة». ولا يرى الرئيس إيمانويل ماكرون فيها سوى «زوبعة في فنجان» و«سوء تصرف» من «موظف في القصر الرئاسي (ألكسندر بنعالا)، كان يشغل قبل إقالته منصب مساعد لمدير مكتب الرئيس، ومكلف بأمن تنقلاته داخل فرنسا». لكن ما كشف عنه في الأيام الماضية، بيّن أن بنعالا البالغ من العمر 26 عاما، كان «أكثر من ذلك»، إذ كان يرافق ماكرون وزوجته كظلهما في زياراتهما الرسمية والخاصة، وسبق له أن تكفل الحماية الشخصية للمرشح ماكرون خلال الحملة الرئاسية وانتقل معه إلى الإليزيه بعد فوزه.
الجديد اليوم أن الحكومة سوف تمثل أمام مجلس النواب، حيث ستطرح بها الثقة بناء على طلبين متزامنين. الأول، صادر عن النواب اليمينيين المنضوين تحت راية حزب «الجمهوريون». والثاني مصدره اليسار بكافة ألوانه مجتمعا للمرة الأولى، وهو يضم الاشتراكيين والشيوعيين ومجموعة «فرنسا المتمردة» التي يقودها المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون. ورغم أن نتيجة التصويت الذي سيجرى على دفعتين محسومة سلفا، وأن حكومة إدوار فيليب لن تسقط بفضل الأكثرية المريحة التي تتمتع بها في المجلس النيابي، إلا أن طرح الثقة سيمكن المعارضة بألوانها المختلفة من مهاجمة الحكومة.
وللتذكير، فإن بنعالا هاجم بمناسبة مظاهرات عيد العمل في الأول من مايو (أيار) شخصين وهما «رجل وامرأة»، ولم يتردد في استخدام العنف معهما لتمكين رجال الأمن من اعتقالهما. والحال، أن موظف الإليزيه لم يكن مؤهلا للتدخل في المظاهرة، وكان موجودا مع الشرطة بصفة «مراقب» فقط. لكن شيئا فشيئا، تكاثرت الأسئلة حول الأسباب التي جعلته يرتدي خوذة الشرطة وشارتها الرسمية ويتدخل في عملها. كذلك تبين أن بنعالا يحظى براتب مرتفع، وبشقة وسيارة وظيفية، وبطاقة تمكنه من الدخول الحر إلى البرلمان، فضلا عن حضوره لاجتماعات أمنية في الإليزيه وخارجه.
بيد أن «الأساس» الذي بنت عليه المعارضة المتنوعة هجومها على السلطة يتمثل في أمرين: التأخير في الكشف عن الفضيحة ونقلها إلى القضاء كما تنص على ذلك القوانين. والثاني، في اعتبار أن «العقوبة» التي أنزلها القصر بألكسندر بنعالا «كف يده لمدة أسبوعين وتحويله إلى مهمات أخرى» لم تكن متناسبة مع الجرم الذي اقترفه، لا بل إن البعض شكك بذلك أساسا.
وكانت النتيجة أن الرئاسة اضطرت لاحقا إلى صرف بنعالا بعد الضجة التي أثارتها فضيحته. وبعد فترة من الإرباك الواضح والتراشق في تحمل المسؤوليات، انتقل الرئيس ماكرون من الدفاع إلى الهجوم، واتهم المعارضين بـ«الاستغلال السياسي» للقضية، نافيا وجود «فضيحة دولة» ووجّه سهامه إلى الإعلام على طريقة دونالد ترمب، مختصرا كامل المسألة في تصرف «غير مناسب ومرفوض» لموظف في الإليزيه تخطى صلاحياته وبالتالي تمت معاقبته.
لم يكن متوقعا أبدا أن تتخلى المعارضة «اليمين الكلاسيكي واليسار الاشتراكي والأطراف المتشددة يمينا ويسارا» التي خرجت منهكة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية عن هذه الفرصة، لمحاولة تطويق ماكرون سياسيا وإضعافه. ولذا، فإن طرح الثقة بالحكومة اليوم يصب في هذا الإطار باعتبار أن الرئيس له حصانة دستورية، واستهداف الحكومة يعني استهدافه بطريقة غير مباشرة. والطريف أن طرح الثقة يأتي قبل يوم واحد من انتهاء أعمال المجلس النيابي وبدء عطلته الصيفية. والطريف أيضا أنها المرة الأولى التي تطرح الثقة بحكومة إدوار فيليب منذ انتخاب ماكرون رئيسا للجمهورية في شهر مايو من العام الماضي. يضاف إلى ذلك كله أن وجود طلبين لطرح الثقة في يوم واحد، ومن مجموعتين مختلفتين، أمر نادر في الجمهورية الفرنسية الخامسة التي تأسست في العام 1958 على يدي الجنرال ديغول. كما أن الحكومات الفرنسية المتعاقبة نجحت كلها في تلافي السقوط في المجلس النيابي بسبب طرح الثقة إلا حكومة جورج بومبيدو في العام 1960.
ما الذي سيحصل اليوم في البرلمان؟ ثمة أمران يتعين توقعهما وفق المراقبين: الأول، أن اليمين واليسار سيصوتان معا ضد منح الثقة للحكومة، وذلك بمناسبة طرح مشروعي حجب الثقة من اليمين واليسار؛ لا بل إن نواب اليمني المتطرف «التجمع الوطني» سيصوتون مع مشروع اليمين ولم يعرف حتى بعد ظهر الأمس ما سيفعلونه لدى طرح مشروع اليسار. والثاني، أن كل مكونات اليسار اتفقت على طرح نص مشترك الأمر الذي لم يحصل منذ بداية العهد الحالي.
وفي أي حال، فإن تتمات هذه الفضيحة ستتواصل بعد عودة النواب وأعضاء مجلس الشيوخ من عطلهم الصيفية. وبالتوازي، واصلت لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ الاستماع إلى شهادات مسؤولين كبار من وزارة الداخلية، وسوف تستمر في ذلك في سبتمبر (أيلول) القادم باعتبار أن عمر اللجنة سيمتد لستة أشهر. وبموازاة ذلك، خرج ألكسندر بنعالا عن صمته وظهر على شاشة التلفزيون مرتين، وثلاث مرات في الصحف المكتوبة معترفا بـ«الغلطة» التي ارتكبها. لكنه في الوقت عينه سعى لتحسين صورته الشخصية ومظهره الخارجي، واتّهم جهات في وزارة الداخلية باستغلال غلطته للتخلص منه والإساءة إلى رئيس الجمهورية. ولم يتردد بنعالا بالتعبير عن رغبته بالمثول بدوره أمام لجنة مجلس الشيوخ، لأن لديه «عناصر» تضيء ما حصل وستكون مفيدة للجنة.



خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).