حملة قمع إسرائيلية واسعة تشمل اقتحام الأقصى انتقاماً لمقتل مستوطن

ليبرمان يقرر بناء 400 وحدة سكنية في مستوطنة القتيل بتأييد من الإدارة الأميركية

القوات الإسرائيلية تقتاد متظاهراً فلسطينياً اعتقل خلال مواجهات (أ.ف.ب)
القوات الإسرائيلية تقتاد متظاهراً فلسطينياً اعتقل خلال مواجهات (أ.ف.ب)
TT

حملة قمع إسرائيلية واسعة تشمل اقتحام الأقصى انتقاماً لمقتل مستوطن

القوات الإسرائيلية تقتاد متظاهراً فلسطينياً اعتقل خلال مواجهات (أ.ف.ب)
القوات الإسرائيلية تقتاد متظاهراً فلسطينياً اعتقل خلال مواجهات (أ.ف.ب)

في أعقاب عملية الطعن التي نفذها شاب فلسطيني وأدت إلى مقتل يهودي مستوطن، وجرح مستوطنين اثنين آخرين، نفذت القوات الإسرائيلية عملية قمع واسعة النطاق في بلدة منفذ عملية الطعن والقرى المحيطة بها، طالت حتى المصلين في المسجد الأقصى. وأعلن وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، أنه قرر المصادقة على توسيع مستوطنة «آدم»، التي يسكنها القتيل وتقع جنوب شرقي رام الله، بإنشاء 400 وحدة استيطانية جديدة.
ورغم أن البناء الاستيطاني مستمر، فإن ليبرمان برر البناء بالرد على عملية الطعن المذكورة. وقال مصدر إسرائيلي مطلع لصحيفة «معريب» العبرية، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وافقت على هذا البناء وأسبابه، وذلك لأول مرة في تاريخ الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية.
ميدانياً، باشرت قوات الاحتلال التمهيد لهدم بيت والدي منفذ العملية، الفتى أحمد طارق أبو عيوش (17 عاما)، من قرية كوبر شمال رام الله. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي رونين منليس، إنه سيتم تعزيز قوات الاحتلال في الضفة الغربية، حيث ستضاف كتيبتان إلى قيادة المركز خشية محاولة تنفيذ عملية مماثلة. وأضاف أن جهاز الأمن العام (الشاباك) يحقق في عملية الطعن، بينما يستعد الجيش لتنفيذ عملية واسعة النطاق في قرية كوبر والقرى المحيطة.
ووصلت عمليات الانتقام حتى المسجد الأقصى، إذ استغلت قوات الشرطة الإسرائيلية قيام بعض الفتية برمي الحجارة نحو باب المغاربة، الذي يستخدم لإدخال الزوار والمصلين من المستوطنين اليهود، فاقتحمت باحاته عبر باب المغاربة.
وروى شهود عيان أن عشرات الجنود المدججين بالسلاح اقتحموا بصورة مفاجئة المسجد الأقصى عقب انتهاء صلاة الجمعة، وألقوا قنابل صوتية باتجاه المصلين. وتمركز الجنود في ساحة المغاربة وعلى الطريق المؤدي إلى باب السلسلة. كما ألقوا القنابل باتجاه المصلين الموجودين في ساحة مسجد قبة الصخرة. واعتدت قوات الاحتلال على المصلين من النساء وكبار السن والفتية بالضرب والدفع، لإخلاء ساحات المسجد، ومنعت الدخول إلى الأقصى، وتمركزت القوات في ساحة المسجد القبلي وفي طرقات الأقصى، وراح الجنود يلقون بين الحين والآخر القنابل الصوتية.
وأوضح فراس الدبس، مسؤول العلاقات العامة والإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية، أن كثيراً من المصلين أصيبوا بشظايا القنابل الصوتية، ووصفت إصابتهم بالطفيفة، كما أصيب حارس المسجد الأقصى حمزة خلف بقنبلة صوتية بقدمه.
وكانت قرية كوبر قد تعرضت للغزو المتجدد من قوات الاحتلال عدة مرات منذ مساء الخميس حتى مساء أمس الجمعة، وفرضت عليها حصارا، وأغلقت مداخلها بالسواتر الترابية، وقامت بتخريب وتجريف شوارعها.
وانطلقت حشود كبيرة من قوات الاحتلال مدعومة بجرافتين كبيرتين نحو القرية قرب المطاحن، وشرعت بتجريف وإغلاق الطرق. وأخذ جنود الاحتلال قياسات منزل ذوي الفتى منفذ عملية الطعن محمد طارق يوسف، ووضعت عليه علامات، كما فتشت المنزل وعبثت بمحتوياته، وأجبر الجنود أفراد العائلة على الخروج في العراء، وسط توجيه الشتائم والتهديدات. وفي نهاية العملية أبلغوا العائلة بأنهم سيعودون لهدم البيت قريباً.
كما داهمت قوة أخرى من سلطات الاحتلال عددا من المنازل في القرية، واعتقلت 3 مواطنين، هم: نصر الله يوسف مشعل (17 عاما)، وشقيقه محمد مشعل (21 عاما)، وخلدون البرغوثي (42 عاما). واندلعت مواجهات عنيفة في الطريق المؤدية إلى قرية كوبر قرب بلدة أبو شخيدم، أطلقت خلالها قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، واقتحم الجيش القرية من أكثر من مدخل بأعداد كبيرة. وأعلنت سلطات الاحتلال عن سحب تصاريح العمل في إسرائيل لجميع أفراد عائلة الشهيد محمد.
وفي المنطقة الشمالية من الضفة الغربية، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر الجمعة، بلدة يعبد جنوب غربي مدينة جنين. ونفذت عملية بحث وتفتيش واسعة، ونصبت عدة حواجز عسكرية في محيط يعبد، وعدة قرى وبلدات مجاورة، وعرقلت حركة تنقل المركبات والمواطنين جنوب جنين وقرى وبلدات الخط الشرقي لها.
وفي منطقة نابلس، أضرم مستوطنون النار بمنزل وحطموا آخر، بعد هجوم شنوه على منطقة خلة الوسطى بين قريتي جالود وقصرة، ظهر الجمعة.
وقال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن مستوطنين من مستوطنة «يش كوديش» هاجموا عددا من المنازل في منطقة خلة الوسطى؛ حيث تعتبر هذه المنطقة بعيدة عن السكان، ويتخذها أصحاب المنازل من خارج المنطقة مناطق للتنزه. وقام المستوطنون بإشعال النار في منزل يملكه مواطن من فلسطينيي 48. وقاموا بتحطيم منزل آخر تملكه المواطنة آيات علاونة، كما قاموا بتدمير عشرات الأشجار في محيط المنطقة، والقيام بعمليات تخريب واسعة. وأكد دغلس أن المستوطنين أطلقوا عشرات الأعيرة النارية تجاه المواطنين الذين حاولوا منعهم من تنفيذ أعمالهم التخريبية، وإجبارهم على مغادرة المنطقة دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.