لقاء مرتقب للحريري وباسيل لحسم توزيع الحقائب

TT

لقاء مرتقب للحريري وباسيل لحسم توزيع الحقائب

فتحت الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى القصر الجمهوري، ثغرة في جدار أزمة تأليف الحكومة العتيدة، وسط معلومات تحدّثت عن حل العقدة المسيحية المرتبطة بتمثيل حزب «القوات اللبنانية» والعقدة الدرزية المتعلّقة بحصّة الحزب التقدمي الاشتراكي، التي تفيد بإعطاء «القوات» أربعة وزراء مقابل تخلّيها عن مطلب الحقيبة السيادية أو موقع نائب رئيس الحكومة، إلا أن مصادر مقربة من «القوات» سارعت إلى نفي هذه الأجواء، وأكدت أن المعروض عليها أقلّ من حجمها التمثيلي.
ووسط تضارب المعلومات حول ترجمة الأجواء التفاؤلية، تترقّب الأوساط المتابعة لمشاورات التأليف، انفراجاً في الساعات المقبلة، يفضي إلى ولادة الحكومة قبل موعد عيد الجيش اللبناني في الأول من أغسطس (آب)، أي يوم الأربعاء المقبل. وأوضحت مصادر قصر بعبدا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاجتماع الذي جمع الرئيسين عون والحريري في القصر الجمهوري يوم الأربعاء، انتهى إلى تصوّر مشترك، فإذا تجاوب معه الفرقاء تكون الحكومة سلكت طريقها إلى التأليف وإذا رفضوه نبقى في الحلقة المفرغة». وأكدت المصادر أن «ثمة اتفاقاً مبدئياً على إعطاء القوات اللبنانية أربع حقائب وزارية، فيما بقيت العقدة المرتبطة بالتمثيل الدرزي من دون حسم، وقد تعهد الرئيس الحريري معالجتها مع النائب (السابق) وليد جنبلاط». وعمّا إذا كان تمثيل «القوات» بات ناجزاً ومتفقاً عليه، لفتت مصادر القصر الجمهوري إلى أن «العقدة المسيحية اقتربت من الحلّ، وستحسم في اللقاء الذي سيعقد بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل فور عودة الأخير من واشنطن».
وترددت معلومات تفيد بأن الاجتماع الأخير بين عون والحريري أفضى إلى اتفاق على إسناد أربع حقائب لـ«القوات اللبنانية» من دون حقيبة سيادية أو منصب نائب رئيس الحكومة، وإعطاء ثلاث حقائب للحزب التقدمي الاشتراكي، من دون تحديد ما إذا كانت الحقائب الدرزية الثلاث لكتلة «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، أم ستضم حقيبتين درزيتين وأخرى مسيحية، على أن تسند الحقيبة الدرزية الثالثة إلى النائب طلال أرسلان.
ويبدو أن تفاؤل الحريري يشوبه الحذر من عقد قد تطرأ في الساعات المقبلة، وقد لفت عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، إلى أن «التفاؤل الذي يعبّر عنه الرئيس المكلّف مبني على الانفتاح الذي أبداه الرئيس عون، ووعد فيه بتسهيل ولادة الحكومة فور عودة باسيل من الخارج». ورأى علوش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «طالما لم تعلن التشكيلة الحكومية بعد، ولم يوقع عليها رئيس الجمهورية تبقى التعقيدات قائمة حتى آخر لحظة».
لكن هذه الإيجابيات بددتها مصادر مقرّبة من «القوات اللبنانية»، التي أكدت أن «لا شيء محسوم بالنسبة إلى معراب». ورأت أن «تعميم أجواء تفيد بقبول (القوات) أربع حقائب من دون وزارة سيادية ولا نائب لرئيس الوزراء غير صحيح». وقالت المصادر المقربة من «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن هذا العرض «غير مقبول ولا يمثل طموح (القوات) ولا تمثيلها الشعبي والنيابي»، مؤكدة أن الأمور «لا تزال في طور التفاوض مع الرئيس المكلّف، تحت سقف عدم التخلّي بأي صورة عن وزارية سيادية، أو موقع نائب رئيس الحكومة». وأضافت المصادر «عندما كانت كتلة (القوات) النيابية ثمانية نواب، حصلت في الحكومة المستقيلة على أربعة وزراء أحدهم نائب رئيس الحكومة، فكيف تقبل الآن بأربعة حقائب من دون وزارة سيادية وموقع رئاسة الحكومة، بعد أن نالت 15 نائباً في الانتخابات النيابية الأخيرة؟». وشددت المصادر المقرّبة من «القوات» على أن «قبول القوات بأربعة وزراء بدلاً من خمسة، مشروط بنوعية الحقائب التي ستنالها وهي حقيبة سيادية وثلاث وزارات أخرى أساسية بينها موقع نائب رئيس الحكومة، ومن دون وزير دولة».
من جهته، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب عاصم عراجي أن «لا تاريخ محدد لتشكيل الحكومة ولكنها قريبة جداً». وقال: «لا معلومات عن موعد تسليم الرئيس الحريري مسودة جديدة لرئيس الجمهورية ميشال عون، لكن الحريري متفائل بتشكيل الحكومة»، مؤكداً أن «الوزير السني من خارج كتلة المستقبل سيكون من حصة رئيس الجمهورية، لأن ليست هناك كتلة واحدة للنواب السنة من خارج تيار المستقبل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.