من المتوقَّع أن يكون لرأي عمران خان، رئيس حزب «تحريك إنصاف» الباكستانية، في عملية السلام الأفغانية تأثير أكبر في الوقت الحالي على موقف باكستان تجاه عملية المصالحة الأفغانية. كذلك سوف يؤثر رأيه في عملية السلام الأفغانية أيضاً على ديناميات علاقات القوى الداخلية في المؤسسة الراسخة في باكستان.
وتردد أن عمران قد أكد خلال اجتماعات الحزب وأيضاً في حواراته مع بعض الصحافيين الأجانب، قبل بضعة أيام من الانتخابات، ضرورة تفكير الإدارة الأميركية أولاً في سحب قواتها بالكامل من أفغانستان، ثم منح السلام فرصة في البلاد التي مزقتها الحرب. رغم أنه لم يصرح بالأمر، فإن ما قاله يعني بعبارة أخرى أنه في ظل وجود القوات الأميركية في أفغانستان لا توجد أي فرصة لنجاح عملية المصالحة بها.
الجدير بالذكر أن هناك حالياً نحو 1200 فرد من أفراد القوات الأميركية في أفغانستان متمركزين بشكل كبير في أربع مناطق هي كابل، وقندهار، وجلال آباد، وباغرام، وتشارك تلك القوات بالأساس في عمليات مكافحة الإرهاب. لم يذكر عمران خان تحديداً لماذا يرى أن وجود القوات الأميركية في أفغانستان يمثل حجرة عثرة في طريق إحلال السلام بين حركة طالبان أفغانستان والأفغان.
مع ذلك يأتي تصريح عمران خان في وقت يضغط فيه الجيش الأميركي والمؤسسة الأمنية على المؤسسة العسكرية الباكستانية لتضطلع بدور في جلوس طالبان على طاولة المفاوضات. قد يأتي ذلك التصريح رسالةً تذكيريةً للإدارة الأميركية بأن عليها القيام هي أيضاً بأمر ما لدفع عملية السلام قدماً في أفغانستان.
ليس من الواضح بعد ما إذا كان طلب سحب القوات الأميركية من أفغانستان رأي عمران الشخصي، أم أنه قد تشاور مع المؤسسة الأمنية الباكستانية في الأمر قبل ذلك التصريح. يبدو أن عمران خان حديث العهد بمجال السياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي، لكنه في الوقت ذاته يتبنى نهجاً متسقاً يستهدف إعادة حركة طالبان إلى طاولة المفاوضات.
كذلك يؤيد عمران إجراء محادثات مع حركة طالبان باكستان على مدى عقد، ويؤكد ضرورة السماح لحركة طالبان أفغانستان بالاشتغال في السياسة في المجتمع الأفغاني. مع ذلك ليس من الواضح ما إذا كان سيتحول تصريح عمران خان بشأن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان كشرط مسبق لإحراز أي تقدم في عملية السلام إلى سياسة خارجية رسمية للبلاد أم لا.
ورغم ضغوط الإدارة الأميركية كان الجيش الباكستاني متردداً للمحادثات بين حركة طالبان أفغانستان والحكومة الأفغانية. وحسب خبراء مكافحة الإرهاب، فإن الجيش الباكستاني ليس مستعداً للاعتراف علناً بأنه كان يضطلع بدور في جلوس حركة طالبان على طاولة المفاوضات. وقد أعرب الجيش الباكستاني في الماضي عن تحفظه تجاه انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان على نطاق واسع بقوله إن ذلك قد يزعزع استقرار المنطقة إذا تم بشكل مفاجئ.
وعلى الجانب الآخر لم تدعم باكستان رسمياً انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، حيث ظل الجيش الباكستاني على مدى العقد ونصف العقد الماضيين منخرطاً في عمليات مكافحة الإرهاب ضد حركة طالبان باكستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان. وقد تبين أن وجود القوات الأميركية في أفغانستان في ظل هذا الوضع قد ساعد الجيش الباكستاني، وعزز جهوده في مواجهة حركة طالبان باكستان في منطقة القبائل.
من المتوقع أن يتلقى عمران خان خلال الأيام القليلة المقبلة الإفادات الأولى التي تتعلق بالسياسة الخارجية من وزارة الخارجية، وسيكون عليه تحديد ما إذا كانت التصريحات سالفة الذكر مجرد شعاراً انتخابياً أم ستصبح جزءاً من السياسة الخارجية للبلاد.
الجدير بالذكر أيضاً أن هناك نماذج كثيرة لسياسيين باكستانيين أدلوا بتصريحات غير حكيمة بشأن مسائل تتعلق بالسياسة الخارجية، ثم تراجعوا عنها تحت ضغط مؤسسة السياسة الخارجية في البلاد.
إسلام آباد: أفكار جديدة لحزب عمران خان نحو إحلال السلام في أفغانستان
يتبنى نهجاً يستهدف إعادة طالبان إلى طاولة المفاوضات
إسلام آباد: أفكار جديدة لحزب عمران خان نحو إحلال السلام في أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة