واصل كبار المسؤولين الإيرانيين الحرب الكلامية ضد واشنطن، غداة تحذير شديد اللهجة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنظيره الإيراني بشأن تهديدات بإغلاق مضائق وردّ إيراني على الولايات المتحدة، وحذر رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، محمد باقري، من رد فعل قوي ضد القوات الأميركية في المنطقة في حال واصل البيت الأبيض تهديده المصالح الإيرانية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أمس، إن «طهران سترد بإجراءات مضادة مماثلة إذا حاولت واشنطن منع صادراتها النفطية».
وقال باقري إن الحكومة الأميركية «ستلقى ردا صارما لدرجة لا تصدق، يستهدف مصالحها والأماكن الموجودة فيها في المنطقة والعالم»، واصفا موقف ترمب بـ«الأوهام القاصرة الفارغة والباطلة، ولن تتحقق أبدا» وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالات رسمية إيرانية.
وشهدت الأيام الأخيرة تبادل تهديدات غير مسبوقة بين الإدارة الأميركية وكبار المسؤولين الإيرانيين. ولجأ باقري، أمس، إلى عبارات وردت الاثنين الماضي على لسان حسن روحاني وحذر فيها واشنطن من «اللعب بالنار» ومن أن النزاع مع إيران سيكون «أم جميع المعارك».
وفي رسالة مباشرة إلى روحاني، كتب ترامب في تغريدة بالأحرف الكبيرة على «تويتر»: «إياك وتهديد الولايات المتحدة مجدداً، وإلا فستواجه تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ».
وقال باقري إن إيران «لم تسع مطلقا إلى الحرب... وتريد السلام والاستقرار في المنطقة»، إلا أنه أضاف: «سيتم إفشال جميع المخططات ضد الشعب الإيراني، وسيتلقى الأعداء درسا لن ينسوه».
وأفادت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» بأن باقري «حذر الأميركيين من العبث بذيل الأسد»، مؤكدا أن «المواقع والمصالح الأميركية في متناول قدراتنا الدفاعية العلنية والخفية، وسيتلقون ردا لا يمكن تصوره على نطاق واسع جدا في المنطقة والعالم».
وتدل عبارة «العبث بذيل الأسد» في اللغة الفارسية على «اللعب بالنار» في اللغة العربية.
وتعد هيئة أركان القوات المسلحة همزة الوصل بين الجيش الإيراني و«الحرس الثوري» (الجهاز الموازي للجيش) ووزارة الدفاع الإيرانية والصناعات الدفاعية.
وعلى طريقة المرشد الإيراني علي خامنئي وقادة «الحرس الثوري»، أعلن باقري تأييد تهديدات روحاني بشأن إغلاق مضيق هرمز، مشيرا إلى جاهزية القوة المسلحة الإيرانية «لمواجهة التهديدات على أي مستوى».
وأضاف باقري أن «تصور الرئيس الأميركي وحساباته خاطئة بأنه يمكنه الضغط على الشعب الإيراني دون أن يتحمل الثمن»، عادّاً بلاده «القوة الرائدة في الخليج ومضيق هرمز» وأضاف: «لو قام بتنفيذ هذه التهديدات، فسيكون قد جعل عمليا مصالحه ومصالح عملائه في أي نقطة من العالم أمام قدرات أنصار الثورة».
وتعود شرارة الحرب الكلامية إلى تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال جولته الأوروبية، وبينما كان الإيرانيون ينتظرون نتائج مفاوضاته حول المقترحات الأوروبية لمواجهة العقوبات الأميركية، تناقلت وسائل الإعلام تهديدات ضمنية وردت على لسانه وأشار فيها إلى منع تصدير النفط من المنطقة، مقابل خطوة الإدارة الأميركية بتصفير صادرات النفط الإيرانية، التي من المفترض أن تبدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
في شأن متصل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أمس، إن إيران سترد بإجراءات مضادة مماثلة إذا حاولت الولايات المتحدة منع صادراتها النفطية.
وأفادت «رويترز» نقلا عن وكالة «إيرنا» الرسمية بأن قاسمي قال للصحافيين إنه «إذا أرادت أميركا اتخاذ خطوة جادة في هذا الاتجاه، فستلقى بالقطع رد فعل وإجراءات مضادة مماثلة من إيران».
وأجرى وفد دبلوماسي أميركي الأسبوع الماضي مباحثات في الهند وتركيا في سياق تحرك الإدارة الأميركية لتصفير صادرات النفط الإيرانية.
وقال قاسمي في مقابلة خاصة مع وكالة «إيلنا» الإصلاحية إنه «لا يوجد جدول زمني بعد لاستمرار المفاوضات مع أوروبا»، لافتا إلى أن «توقعات إيران من الحزمة المقترحة من دول (4+1) لا تتضمن مطالب مبالغا فيها»، وقال إن «توقعات إيران وردت في الاتفاق النووي وتعهد بها الجانب الآخر. إيران تريد من (4+1)، (فرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا)، ومن الاتحاد الأوروبي، أن تحافظ على تعهداتها في الاتفاق النووي».
وأوضح قاسمي أنه «لا يوجد سقف زمني للمفاوضات»، إلا أنه أضاف: «نأمل أن يقدموا المتقرحات النهائية التي يمكن تطبيقها بأسرع وقت في طهران أو خارجها»، مشددا على أن طهران تصر على وجود ضمانات تنفيذية لحزمة المقترحات.
وتباين ما قاله قاسمي مع تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي أعلن أول من أمس أن طهران أمهلت الدول الأوروبية حتى 6 أغسطس (آب) المقبل، وهو موعد بدء المرحلة الأولى من العقوبات الأميركية، لتقديم «آليات عملية تلبي المطالب الإيرانية»، مشيرا إلى أن حزمة المقترحات الأوروبية تشمل النفط والغاز والتأمين والعلاقات المصرفية وجميع المطالب الإيرانية من الاتفاق النووي.
وقال عراقجي: «ما زلنا ننتظر الحلول العملية لتنفيذ التعهدات التي قدموها لإيران، ونواصل التفاوض حول هذا الموضوع»، ملمحا إلى تركيز إيراني على المرحلة الثانية من العقوبات، التي تستهدف تحديدا مبيعات النفط في مطلع نوفمبر المقبل.
بدوره، وصف رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني تصريحات ترمب بأنها «كلمات شخص مثير للمشكلات»، مضيفا أن «العلاقات الدبلوماسية للولايات المتحدة تشوبها حالة من الفوضى والهمجية».
وقال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إن إيران «تواجه أوضاعا خطيرة اليوم، لكنها لن تصيبها بالشلل، وإنما هي معقدة وشاقة».
وصارح جهانغيري الإيرانيين بأن الحكومة «لن تكون قادرة بمفردها على تجاوز الأوضاع الحالية، وهي بحاجة إلى دعم جميع الأجهزة الحكومية وتعاون سلطتي القضاء والبرلمان»، منتقدا الضغوط التي تتعرض لها إدارة روحاني هذه الأيام.
وفي تحذير من تأثير الخلافات الداخلية على أوضاع إيران في المجتمع الدولي، قال المسؤول الإيراني إن «القضايا الخارجية تتأثر بقضايا السياسة الداخلية، مثل تأثير سلوكنا السياسي على الوضع الاقتصادي»، وقال: «يمكننا تخطي هذه الفترة الحساسة بأقل تكلفة عبر الحلول الصحيحة»، مشيرا إلى أن «تضعيف الحكومة يعادل تضعيف النظام».
وأشار جهانغيري إلى تأثير التلاسن الأميركي - الإيراني في الأيام الأخيرة على الوضع الاقتصادي المتراجع وعودة أسعار الذهب والدولار مقابل العملة إلى مسار كسر الأرقام القياسية، موضحا أن السبب الأساسي في تطورات الأسواق «الحرب الإعلامية».
إيران تواصل تهديداتها... وتطالب بـ«آليات عملية» ضد العقوبات
توعدت بالرد إذا حاولت أميركا منع صادرات النفط
إيران تواصل تهديداتها... وتطالب بـ«آليات عملية» ضد العقوبات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة