العثماني: مصير فاشل لمحاولات الإيقاع بين حزبنا والملكية

TT

العثماني: مصير فاشل لمحاولات الإيقاع بين حزبنا والملكية

هاجم سعد الدين العثماني، أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية، الأطراف التي انتقدت حزبه، وشككت في مواقفه من الملكية، بعد الأزمة التي أثارها نشر مقطع لأحد قيادييه وهو يوجه فيه انتقادات حادة للمؤسسة الملكية، وأكد أن محاولات الإيقاع بين حزبه والملكية سيكون مصيرها الفشل.
وقال العثماني في افتتاح الندوة الوطنية الثانية للحوار الوطني الداخلي لحزب العدالة والتنمية، أمس بمدينة مراكش، إن هناك «من يلعبون دور الوشاية للإيقاع بين الحزب وجلالة الملك»، معتبراً أن الوضع السياسي في البلاد يتسم بـ«عدد من الصعوبات والتحديات، ونحن واعون بها».
وزاد رئيس الحكومة موضحاً أن التشكيك في مواقف حزبه من الثوابت الوطنية يصدر من طرف «قيادات سياسية بطريقة يعرف من يكتبها أنها غير حقيقية وغير صحيحة»، في إشارة إلى موقف الأمين العام الأسبق لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الشيخ محمد بيد الله، مبرزاً أن حزبه سيرد على ذلك بـ«الطرق المناسبة وفي الأوقات المناسبة». وجدد العثماني التذكير بمواقف حزبه الثابتة بقوله: «موقفنا من الملكية الدستورية ثابت ومتجدر في التاريخ، وقد كررناه مراراً، وهو مدقق في وثائق الحزب. والتشكيك هو محاولة يائسة للإساءة للحزب».
ولم يقف هجوم العثماني على مناوئي حزبه عند هذا الحد، بل ذهب إلى القول إن «أي شيء ممكن ومقبول في النقاش السياسي إلا الإساءات الكاذبة»، مبرزاً أن محاولات الإساءة للحزب من خلال التشكيك في مواقفه كانت منذ التأسيس والبداية. ودعا رئيس الحكومة النخب السياسية في البلاد إلى التحلي بالنضج، بقوله: «يجب على جميع الفرقاء السياسيين التحلي بمستوى عالٍ من النضج، وقد أخذنا بعين الاعتبار كل ما كتب في الإعلام منذ الندوة الوطنية الأولى للحوار الوطني إلى اليوم، ونأسف كثيراً لأن بعض الأقلام حاولت جاهدة التشكيك في مواقف الحزب من الملكية أولاً، وفي مواقف الحزب السياسية العامة».
كما رفض العثماني بشدة الاتهامات التي توجه له ولفريق أمانته العامة في الحزب بتلقي تعليمات من خارج الحزب، وقال في هذا السياق: «لم يتصل أحد، ولن نقبل أن يتصل بنا أحد للتعبير عن مواقفنا الثابتة»، مؤكداً أن قيادات الحزب عبرت عن مواقفها «منذ 20 سنة، وما زالت مستمرة على تلك المواقف». واسترسل العثماني مدافعاً عن استقلالية قرار حزبه، قائلاً: «على هؤلاء أن يكفوا عن القول إن كل ما يصدر من الحزب يأتي بتعليمات من جهات عليا»، مشدداً على أن «مواقفنا نعبر عنها بكل حرية، والحزب يحاول أن يحافظ على استقلالية قراراته ومؤسساته، ونحن نتخذ القرار الذي في مصلحة الوطن أولاً ثم الحزب». وزاد العثماني موضحاً: «نحن نتخذ مواقفنا التي نراها صائبة وصحيحة، وأحياناً تكون مؤلمة، وما نراه في مصلحة البلاد نقدم عليه، ونعمل جاهدين على أن نحافظ على استقلاليتنا واستقلالية قرارنا».
وبخصوص موضوع معاشات البرلمانيين، الذي أثار جدلاً واسعاً الأسبوع الماضي، جدد العثماني التأكيد على موقف الحكومة الرافض لتقديم أي دعم مالي لتمويل صندوق معاشات البرلمانيين. وقال في هذا الصدد: «موقف الحكومة الثابت هو أنها لن تمول أي عجز في هذا الموضوع، والباقي كله تفاصيل تهم الشأن البرلماني»، مشدداً على أن حكومته «ليست هنا لإنقاذ الصندوق»، كما أشار إلى أن البرلمانيين مطالبون بإيجاد «الطريقة المناسبة لحل الإشكال».
كما أوضح العثماني أن موقف حزب العدالة والتنمية من موضوع معاشات البرلمانيين «يعبر عنه من خلال الفريق البرلماني أو من خلال بياناته».
ويتوقع أن يثير موقف رئيس الحكومة الرافض لتقديم أي دعم مالي حكومي لصندوق معاشات البرلمانيين موجة من الردود بين مكونات أحزاب الغالبية الحكومية، التي تؤيد إصلاح هذا الصندوق، الذي يواجه أزمة غير مسبوقة، وسط مطالب شعبية ومدنية بإلغائه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».