مقري: مبادرتنا للتوافق الوطني قد تنقذ مستقبل الجزائر

TT

مقري: مبادرتنا للتوافق الوطني قد تنقذ مستقبل الجزائر

أكد عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الجزائرية، أن المبادرة التي اقترحتها حركته للتوافق الوطني قد تنقذ مستقبل الجزائر، موضحاً أن الحركة تلقت ردوداً إيجابية حول مبادراتها الساعية لإخراج البلاد من أزمتها الحالية، واختارت عدم الالتفات إلى الانتقادات والإساءات التي صاحبت دعوته المؤسسة العسكرية لرعاية عملية التغيير والانتقال الديمقراطي في الجزائر.
وقال مقري، في تصريحات هاتفية لوكالة الأنباء الألمانية، «في كل التجارب الناجحة للدول التي حدث بها انتقال ديمقراطي، كان للمؤسسة العسكرية دور مرافق لتلك العملية... وهذا ما دعونا إليه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) العام المقبل. كما قلنا إننا ندعو إلى مبادرة للتوافق الوطني تضم الجميع، سلطة ومعارضة ومؤسسات ونقابات ومجتمعاً مدنياً، وأنه لا بد أيضاً أن يكون للمؤسسة العسكرية دور. لا بد للجميع أن يشارك لإنقاذ الجزائر، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي نمر بها».
وحول انتقاد جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم، دعوة حركة «مجتمع السلم» والتقليل منها، بقوله إن الداعين إلى انتقال ديمقراطي «يبحثون عن مفهوم جديد للديمقراطية، والجزائر ليست من جمهوريات الموز، بل دولة ديمقراطية ولها رئيس منتخب»، قال مقري «هذا رأيه، ومن حقه أن يدعو رئيسه للترشح مجدداً للانتخابات... لكن نحن نختلف معه، ولذا دعونا الجميع للحوار والنقاش قصد الوصول لتوافق وطني»، مشدداً على أن تلك المبادرة «قد تنقذ مستقبل الجزائر، ونحن حريصون جداً على ألا تتحول الجزائر إلى جمهورية موز. كما نأمل في أن تنجح المبادرة التي دعونا إليها بإذن الله، وحينها ستكون الجزائر بلداً متقدماً، مزدهراً وقوياً».
وقدم رئيس «حركة مجتمع السلم»، التي تعد أكبر حزب إسلامي في البلاد، شرحاً أكبر لمبادرته ودعوته «بأن تكون المؤسسة العسكرية هي الضامن لانتقال ديمقراطي سلس وآمن للسلطة»، بقوله «سيكون هناك نقاش موسع يسع الجميع، ولا يستثني أحداً للاتفاق على اختيار رئيس جمهورية توافقي، ورئيس حكومة توافقي أيضاً، ورؤية إصلاحية سياسية واقتصادية. وهؤلاء جميعاً سيتولون المسؤولية لعهدة كاملة، أي خمس سنوات. ونأمل أن ننجح في الوصول لهذا التوافق الوطني».
لكن مقري استدرك قائلاً: «ليس لنا علم بمدى إمكانية قبول المؤسسة العسكرية بهذه المبادرة. نحن أطلقنا المبادرة، ونتمنى أن يدرك ويستشعر الجميع خطر المرحلة التي نعيشها. سنتصل بالجميع. من الناحية النظرية المبدئية الكل موافق، لكن التنفيذ يحتاج لإرادة سياسية، ونحن نرفض كلية التأويل بأن دعوتنا قد تكون بداية محاولة لجر الجيش للدخول في صراع مع الرئاسة حول السلطة».
وحول موقف حركته إذا أصر الرئيس على الترشح لرئاسية 2019، أوضح مقري «إذا رفضت السلطة مقترحنا، وصمم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الترشح مجدداً للانتخابات الرئاسية، فهذا يعني فشل المبادرة، وأنها ستلحق بمصير غيرها من المبادرات، التي أجهضت من قبل... وحينها لا بد من أن يكون مطلبنا جميعاً معارضة ومجتمعاً مدنياً ومؤسسات هو إيجاد ضمانات بنزاهة الانتخابات... وتحميل رئيس الجمهورية والحكومة كل المسؤولية في سبل تحقيق ذلك، وعدم الإخلال به».
واستنكر مقري الاتهام الذي وجه لحركته بمغازلة المؤسسة العسكرية في محاولة لإيجاد موضع قدم لها بأي سلطة محتملة في المستقبل، مشدداً على أن «الساحة مفتوحة للجميع ليقولوا ما يريدون. نحن حزب سياسي لم يكن بعيداً عن السلطة لنطمح إليها، ونغازل المؤسسة العسكرية طمعاً في الوصول إليها في المستقبل. فقد شاركنا في الحكومة لمدة 17 عاماً... ولا يهمنا ما يقال، والجزائريون يعرفون جيداً مصداقية حركتنا، ومصداقية قياداتها وتاريخها النضالي، وجديتها في العمل السياسي. كما يعرفون جيداً أن قدرات (حركة مجتمع السلم) حركت المياه الراكدة منذ شهور داخل الحياة السياسية، وذلك عبر مبادرتها الراهنة، وأن هذا كان حالها دائماً».
واختتم مقري تصريحاته بالإعراب عن أمله بأن «يتم دعم مبادرته الراهنة من قبل الكثير والكثير من الشخصيات الوطنية، التي تمتلئ بهم الساحة السياسية في الجزائر بهدف تحقيق مستقبل أفضل للبلاد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.