تركيا ترفض تكرار سيناريو الغوطة وحمص والجنوب في إدلب

TT

تركيا ترفض تكرار سيناريو الغوطة وحمص والجنوب في إدلب

أعلنت تركيا أنها لا ترغب أبدا في أن يتكرر السيناريو الذي شهدته الغوطة الشرقية وشمال حمص، ويشهده الآن جنوب غربي سوريا، في محافظة إدلب الشمالية القريبة من حدودها.
ولفت المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في مؤتمر صحافي، أمس الخميس، إلى مقتل الكثير من الأبرياء ونزوح مئات الآلاف، جراء هجمات النظام السوري على منطقة «خفض التصعيد» بمحافظتي درعا والقنيطرة. وقال إن أنقرة تدين وتستنكر بشدة هذه الهجمات التي تقوض المباحثات المستمرة في آستانة وجنيف، من أجل الحد من العنف على الأرض وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وأوضح أن النظام السوري يحاول حل المشكلة عبر الوسائل العسكرية، إلا أنه لا يمكن تأسيس حكم مشروع في سوريا بهذه الطريقة، وتركيا لا تريد أبدا أن يتكرر في إدلب السيناريو الذي شهدته الغوطة الشرقية وشمال حمص، ويشهده الآن جنوب غربي سوريا.
وأشار إلى تحذير الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، من أن استهداف النظام لإدلب سيكون انتهاكا لاتفاق أستانة، وذلك خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير يوم السبت الماضي.
وأقامت تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية داخل إدلب بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي توصلت إليه مع كل من روسيا وإيران خلال مباحثات أستانة.
في سياق مواز، أكد أكصوي انسحاب مقاتلي وحدات الحماية الشعبية الكردية السورية من نقاط التفتيش حول مدينة منبج، وقال: «تأكدنا أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ومقاتلي ذراعه العسكري (وحدات حماية الشعب الكردية)، انسحبوا بالكامل من نقاط التفتيش على طريق الدوريات التي تسيرها القوات التركية والأميركية بشكل مستقل بين مناطق درع الفرات ومنبج في إطار اتفاق خريطة الطريق في منبج الموقع بين أنقرة وواشنطن». وأضاف أكصوي أن الهدف النهائي للاتفاق هو «إنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية في منبج بشكل كامل». وأشار إلى أن المرحلة التالية من الاتفاق ستشهد تسيير دورات مشتركة من القوات التركية والأميركية معا.
وسيرت القوات التركية والأميركية بشكل مستقل 16 دورية عسكرية في محاور التماس بين مناطق درع الفرات ومنبج منذ 18 يونيو (حزيران) الماضي، بموجب اتفاق خريطة الطريق في منبج الذي توصل إليه وزيرا الخارجية التركي والأميركي في الرابع من الشهر نفسه في واشنطن، وتضمن إخراج مقاتلي الوحدات الكردية من منبج والإشراف المشترك على تأسيس الأمن فيها لحين تشكيل إدارة محلية.
على صعيد آخر، انضم 450 شرطيا جديدا إلى قوات تأمين منطقة «درع الفرات» بريف حلب الشمالي، التي تسيطر عليها القوات التركية والجيش السوري الحر بعد إخراج مقاتلي تنظيم داعش منها، بعد أن خضعوا لتدريبات من قبل تركيا في المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».