كنوز أميركا الجنوبية الطبيعية تبوح بأسرارها للسياح

دلافين وردية... مدن من الملح... معالم من الإنكا وغرائب أخرى في انتظارك

ماشو بيتشو إحدى عجائب العالم السبع
ماشو بيتشو إحدى عجائب العالم السبع
TT

كنوز أميركا الجنوبية الطبيعية تبوح بأسرارها للسياح

ماشو بيتشو إحدى عجائب العالم السبع
ماشو بيتشو إحدى عجائب العالم السبع

تخيل أنك تتجول عبر طرقات مدن بُنيت على أيدي إمبراطوريات استمرت لقرون لا تزال أطلالها إلى اليوم، تُذهل العالم بدقتها وتعقيدها والمشاعر التي تثيرها في النفس.
بعد ذلك، تخيل أنك تشاهد دلافين وردية اللون في موطنها الطبيعي، أو تشعر وكأنك قادر على لمس السماء بيديك نتيجة ظاهرة الخداع البصري في المسطحات الملحية العملاقة.
نعم، فهناك مناطق قادرة على إدهاشك تتميز بثراء ثقافي وطبيعي فريد، نذكر منها على سبيل المثال:

ماتشو بيتشو ـ في بيرو

تبعاً للغة حضارة الإنكا القديمة، تعني كلمة ماتشو بيتشو الجبل القديم. وتعتبر ماتشو بيتشو واحدة من عجائب العالم الحديث وواحدة من مواقع التراث الإنساني تبعاً لتصنيف منظمة اليونيسكو. والمنطقة بأكملها عبارة عن مجمع يعود تاريخ بنائه إلى القرن الـ15، ويقوم على مساحة تزيد على 32.000 هكتار، تتضمن مساحات مزروعة ومدينة لا تزال أطلالها سليمة لم يؤثر عليها لا الزمن ولا عوامل التعرية وغيرها. في المجمل تضم المدينة نحو 22 مبنى تكشف عن أساليب بناء متطورة ابتكرها أبناء حضارة الإنكا. اليوم يمكن للزائر مشاهدة السلالم ومعبد الشمس والقناة إلى جانب غابات ساحرة.
ولأنها على ارتفاع 2.500 متر من سطح البحر، فإنك عندما تصل إلى هذه المنطقة التي تعدّ مقدسة يتعين عليك الحصول على قسط من الراحة لبضع ساعات؛ حتى تعتاد على هذا الارتفاع.
وهناك مئات الاختيارات المتاحة للوصول إلى هناك من ليما عاصمة بيرو. واحدة من هذه الخيارات الانتقال من ليما جواً إلى مدينة كوزكو بجنوب البلاد، وهي رحلة تستمر ساعتين. بمجرد وصولك كوزكو يمكن الانتقال عبر قطار بيلموند هيرام بينغهام الفاخر والذي يحمل زخارف وديكورات تعكس أسلوب عشرينات القرن الماضي، حتى أكواس كالينتس. بعد ذلك يمكنك استقلال الحافلة لمدة 30 دقيقة حتى ماتشو بيتشو. ومع أن الرحلة تبدو طويلة، فإن المتعة التي يحملها المكان تستحق كل العناء. هنا يمكنك زيارة المدينة عبر تسلق بعض الجبال واستنشاق هواء نقي ورؤية السكان الأصليين. ويمكنك أن تبدأ رحلتك بالسير في الطريق عبر أطلال المدينة من خلال باب صغير مصنوع من الحجر ارتفاعه 1.6 متر فقط. وبمجرد اجتيازك الباب ستجد جبل هويانا بيتشو المشهور بأنه أيقونة المنطقة ويظهر في جميع الصور المتعلقة بها.
ينبغي الانتباه إلى أنه يتعين عليك حجز التذاكر المتعلقة بالسفر إلى المدينة أو الجبال المحيطة بها قبل السفر فعلياً بأيام. بالنسبة للفنادق تضم المنطقة فندقاً واحداً يحمل اسم بيلموند سانكتشواري لودج، الذي يتميز بأنه يطل على بعض أروع المناظر الطبيعية بالمنطقة.

سولت فلات ـ بوليفيا

تتألف مسطحات الملح في أيوني في حقيقتها من عشرة آلاف كيلومتر من الملح. هنا يسيطر الملح على كل شيء، بل جرى تصميم قطع كاملة من الأثاث في بعض الفنادق القريبة من الملح، من الأسرّة إلى المقاعد وكل شيء يمكن أن يخطر على بالك.
تقع هذه المسطحات الملحية في جنوب غربي بوليفيا تحديداً داخل نطاق جبال الأنديز. ومن المعتقد أنها تكونت نتيجة تبخر الكثير من البحيرات منذ أكثر عن 40.000 عام ماضية. وتتميز هذه المنطقة بطابع فريد لأنها خالية من التلوث؛ ما يتيح للزائرين فرصة الاتصال مع الطبيعة في صورتها النقية. بصورة عامة، هناك ثلاث بحيرات أخرى يمكن زيارته. واحدة خضراء اللون، وأخرى حمراء، وثالثة بيضاء. ويأتي لون البحيرة الخضراء من الطحالب، لكنها في أحيان أخرى تكتسي بلون أزرق فيروزي. وتقع البحيرة بالقرب من جبل تنعكس صورته على سطح الملح الذي يبدو بلا نهاية. أما البحيرة الحمراء، ربما تكون الأكثر جمالاً بين البحيرات الثلاث ويتحول لون المياه بها أحياناً إلى اللون البرتقالي. من بين المناظر الساحرة الأخرى بالمنطقة مشهد أسراب طائر الفلامينغو.
ويتميز بالاسيو دي سال بأنه الفندق الوحيد في العالم المبني تماماً من الملح. إضافة إلى ذلك، يقع سولت هوتيل لونا سالادا على بعد 27 كيلومتراً ومبني بأكمله من الملح.

تيوتيهواكان ـ المكسيك

تنفرد هذه المدينة باعتبارها موقعاً نموذجياً لتتبع آثار الإمبراطوريات القديمة التي شيدها السكان الأصليون في أميركا اللاتينية. يقطنها على الأقل 100.000 شخص، وتعود إلى الحقبة ما قبل الإسبانية، علماً بأن منظمة اليونيسكو صنّفتها بين مواقع التراث الإنساني. بنيت المدينة على أيدي التيوتيهواكانيين في القرن الأول. وتعتبر تيوتيهواكان أول مدينة تظهر في أميركا الوسطى. وتضم مجمعاً من الأهرامات والأطلال وتقع على بعد 78 كيلومتراً من مكسيكو سيتي.
من أبرز المعالم التي تتميز بها المدينة هرم الشمس البالغ ارتفاعه 65 متراً، ويتضمن 260 درجة بمقدور الزائرين الصعود عبرها. ويمكنهم كذلك تسلق جبل القمر الذي يتضمن 242 درجة. وبمجرد صعودك إلى قمة الهرم، يمكنك الاستمتاع برؤية مشهد طبيعي خلاب. بجانب ذلك، يمكن زيارة معبد كويتزالكوت وقصر كويتزالوت وطريق الموتى الممتدة لأكثر عن أربعة كيلومترات! في هذه المنطقة يمكن رؤية جداريات ورسومات ساحرة على الأحجار.
وفي عطلات نهاية الأسبوع يجري تنظيم عروض رائعة بالضوء تضفي لمسة عصرية مميزة على الأطلال القديمة. كما يضم المجمع متحفين.
من السهل زيارة المنطقة ليوم واحد أثناء وجودك في مكسيكو سيتي عاصمة البلاد وواحدة من أكثر الحواضر نشاطاً وحركة على مستوى أميركا اللاتينية.

صحراء أتاكاما ـ تشيلي

تقع شمال البلاد وتعد الصحراء الأكثر جفافاً على مستوى العالم. تمتد على مساحة تتجاوز 105.000 كيلوات مربعة. ويمكنك نيل قسط من الراحة عند بحيرتي تشاكسا والتيبلانيكاس اللتين تتميزان بلون زمردي. ويوجد في الصحراء أكثر عن 60 فورة ساخنة، بجانب براكين وأودية ومسطحات ملحية وكثبان رملية. ويحيط بكل ذلك سلسلة جبال الأنديز.
تتسم المنطقة بوجه عام بتطرف درجات الحرارة بها وكذلك ألوانها. ويمكنك لدى زيارتها مشاهدة طائر الفلامينغو التشيلي وأعداد أخرى لا تحصى من الطيور المتميزة بأعناقها الطويلة.
أما أحد أكبر عناصر الجذب في المنطقة، فتتمثل في الجولة الفلكية التي يمكن القيام بها لرؤية النجوم والأبراج، بل والكواكب في أي ليلة من العام بفضل صفاء سمائها وخلو المنطقة عموماً من التلوث. بعد الاستمتاع بجمال الصحراء، يمكنك التوجه إلى سان بيدرو دي أكاتاما، وهي مدينة لا تقل سحراً، تتضمن الكثير من الخيارات المتعلقة بالمطاعم.

نهر الأمازون، كولومبيا ـ البرازيل وبيرو
يعتبر الأطول عالمياً، حيث يمتد لمسافة تقارب سبعة كيلومترات ويقع في قلب غابات الأمازون المطيرة بكل ما فيها من حياة برية فريدة وغنية. تحد المنطقة كل من بيرو والبرازيل وكولومبيا؛ الأمر الذي يفسر اسمها ة «الحدود الثلاثية».
تعرف منطقة الأمازون بأنها رئة العالم لأهميتها المحورية للنظام البيئي العالمي. ويتميز النهر والغابات المحيطة به بأكبر قدر من التنوع البيئي على وجه الأرض. لهذا ليس غريباً أنه بمقدور الزوار مشاهدة مختلف عناصر الحياة البرية والكائنات المختلفة ومساكنها الطبيعية، بما في ذلك دولفين الأمازون وردي اللون، إضافة إلى زيارة قرى السكان الأصليين المنتشرة بالمكان لمعاينة مدى دفئهم. كل هذا ممكن بالإبحار في نهر الأمازون في رحلة تستمر ما بين 3 و7 أيام.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».