ماراثون «الكتلة الأكبر» في العراق يشعل المنافسة بين نجم والفياض

حظوظ العبادي والعامري في رئاسة الحكومة مرهونة بصراعات الخارج والداخل

فالح الفياض، مستشار الأمن الوطني وطارق نجم، القيادي البارز في حزب (الدعوة).
فالح الفياض، مستشار الأمن الوطني وطارق نجم، القيادي البارز في حزب (الدعوة).
TT

ماراثون «الكتلة الأكبر» في العراق يشعل المنافسة بين نجم والفياض

فالح الفياض، مستشار الأمن الوطني وطارق نجم، القيادي البارز في حزب (الدعوة).
فالح الفياض، مستشار الأمن الوطني وطارق نجم، القيادي البارز في حزب (الدعوة).

أكد مصدر عراقي مطلع عن قرب على ماراثون تشكيل «الكتلة الأكبر» في العراق لـ«الشرق الأوسط»، أن «التنافس الحالي على منصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة هو بين طارق نجم، القيادي البارز في حزب (الدعوة)، وفالح الفياض، مستشار الأمن الوطني، بعد تراجع حظوظ رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي وزعيم تحالف (الفتح) هادي العامري».
وبيَّن المصدر أنه «في الوقت الذي يبدو فيه نجم مرشح تسوية مقبولاً من عدة أطراف بمن فيهم الجنرال قاسم سليماني، فإن الفياض لديه ميزتان؛ الأولى أنه مقبول إيرانياً وأميركياً معاً، بينما نجم ليست لديه حظوظ كبيرة مع الأميركيين». ويضيف المصدر المطلع أن «المرجعية الدينية في النجف لديها موقف إيجابي من طارق نجم، وهو يتواصل مع المرجعية، بينما مساحة تحرك الفياض على المرجعية محدودة، وهذا مهم جداً لحسم القضية، يضاف إلى ذلك أن طارق نجم هو ممن كانوا يعارضون النظام السابق من الخارج، بينما الفياض هو من معارضي الداخل، بالإضافة إلى المواصفات الشخصية للاثنين، حيث إنه في الوقت الذي يبدو فيه نجم حدياً فإن شخصية الفياض تتسم بالمرونة». وبشأن الآلية التي يمكن أن تحسم ترشيح أيٍّ من الرجلين في حال لم ترتفع حظوظ العبادي والعامري للمنافسة، يقول المصدر المطلع إن «طارق نجم يحتاج إلى أن يحسم أمره من قبل حزب الدعوة، بينما فالح الفياض المتحالف مع النصر بزعامة العبادي حالياً ولديه 9 مقاعد يحتاج إلى توافقات من هنا وهناك لكي ترتفع أسهمه على صعيد المنافسة على المنصب انطلاقاً من النقاط التي يحتاج إليها المرشح لهذا المنصب والتي تزيد على أربعين نقطة».
وبشأن الأطراف الأخرى من خارج البيت الشيعي يقول المصدر إن «هناك تنسيقاً بين تحالف بغداد بزعامة جمال الكربولي وبين حزب الدعوة بالإضافة إلى إمكانية التحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بينما كفة كتلة (القرار) التي يتزعمها أسامة النجيفي وينتمي إليها خميس الخنجر تميل إلى الفياض، كما أن حظوظ العبادي والعامري مرهونة بصراعات الداخل والخارج، حيث إن العبادي لا يزال يحظى بدعم أميركي وعربي، وهو ما يجعله رقماً صعباً حتى الآن، بينما العامري يراهن على تفكك رهانات الداخل لكي تزداد أسهمه مع أنها تراجعت كثيراً بسبب الفيتو الأميركي».
من ناحية ثانية، أكد المصدر أن الزيارة التي قام بها وفد مشترك من ائتلافي «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة العامري، لإقليم كردستان مؤخراً أثمرت عن حصول تقارب لم يكن متوقعاً لـ«دولة القانون»، تحديداً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني. وبينما نفى «ما تم تسريبه على شكل وثيقة موقَّعة بين القيادي في ائتلاف دولة القانون حسن السنيد، وسكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني، بشأن تشكيل (الكتلة الأكبر) لقاء تنازلات من الطرفين»، فإنه أكد اطلاعه «على ما تم التفاهم عليه بين الطرفين، وهو يمثل تطوراً كبيراً خصوصاً أن بارزاني أكد استعداده للعمل معاً من أجل طي صفحة الماضي لا سيما تداعيات ما جرى بعد الاستفتاء». ويضيف أن «بارزاني أبدى امتعاضه من الإجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد السادس عشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، لجهة سيطرة القوات الحكومية على كركوك والمناطق المتنازع عليها مما يجعل أمر التقارب مع العبادي مستبعداً»، مشيراً إلى أن ما تم الاتفاق عليه كجزء من متطلبات العمل خلال المرحلة المقبلة هو «إلغاء النظام الرئاسي في إقليم كردستان وتحويله إلى نظام برلماني يكون فيه رئيس الوزراء مسؤولاً أمام برلمان الإقليم».
لكن عضو البرلمان العراقي السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل ما يجري من كلام عن اتفاق لتشكيل (الكتلة الأكبر) كلام غير دقيق قبل المصادقة على نتائج الانتخابات»، مشيراً إلى أن «اللقاءات التي أجراها وفد (دولة القانون) و(الفتح) في الإقليم كانت إيجابية ويمكن أن تشكل أرضية لتفاهمات مستقبلية لكن كل هذا مرتبط بالنسبة إلينا بالمطالب الكردية المشروعة والدستورية والتي لا نبرم أي اتفاق مع أي طرف ما لم يُحسم هذا الأمر وفق ضمانات مكتوبة».
وفي سياق متصل، فإنه في الوقت الذي تتضارب فيه الأنباء بشأن شروط زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يدعم تحالف «سائرون»، نفى القيادي في حزب «الدعوة» الإسلامية، جاسم محمد جعفر وجود هكذا شرط، وقال في تصريح إن «الأنباء التي تحدثت عن مطالبة الصدر بخروج العبادي من حزب الدعوة، غير صحيحة، والصدر لم يطلب من العبادي هكذا أمر، كما أن الجانبين لم يناقشا قضية الولاية الثانية، أو أي شيء يخص منصب رئاسة الوزراء». وأضاف القيادي في حزب «الدعوة»، أنه «في حال طلب الصدر هكذا أمر من العبادي، فبكل تأكيد سيكون رد العبادي هو الرفض، وهذا ما أكده أكثر من مرة خلال اجتماعاتنا الحزبية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.