مقتل شرطيين في اشتباكات مع متشددين في أذربيجان

وزارة الداخلية اتهمت إيران برعاية «مؤامرة إرهابية»

TT

مقتل شرطيين في اشتباكات مع متشددين في أذربيجان

أعلنت السلطات الأرمنية في أذربيجان أن عنصرين من رجال الشرطة لقيا مصرعهما في وقت متأخر مساء الثلاثاء خلال اشتباكات عنيفة نشبت مع متشددين فجروا مواجهات قرب مركز أمني، احتجاجا على اعتقال زعيم متطرف تلقى تدريبه العسكري في معسكرات إيرانية.
ووجهت وزارة الداخلية الأذرية أصابع الاتهام إلى أوساط في قم الإيرانية وصفت بأنها دفعت متشددين إلى زعزعة الوضع في البلاد.
وأفاد بيان أمني أن نحو 200 متشدد حاصروا مبنى تابعا للحكومة المحلية في مدينة جانجة الأذرية، وسعوا إلى خلق فوضى وزعزعة الوضع الأمني، وأسفرت اشتباكات مع رجال الشرطة عن مقتل عنصري أمن، وأعلنت الشرطة أنها اعتقلت 40 شخصا من المهاجمين الذين وصفتهم بأنهم يتبعون تنظيما متشددا يعمل على إثارة فتنة في البلاد وتفجير مواجهات فيها. وأوضح البيان أن رجال الشرطة تمكنوا من السيطرة على الموقف وإحباط المحاولة «التخريبية». وكانت الاشتباكات بدأت على شكل تجمعات احتجاجية نظمها أنصار المجموعة المتشددة لإظهار تأييدهم لزعيم متطرف اعتقلته السلطات الأذرية الأسبوع الماضي بتهمة الضلوع في محاولة اغتيال حاكم مدينة جانجة وهي ثاني كبريات المدن الأذرية. وقالت النيابة العامة بأن الزعيم المتشدد يدعى يونس صافاروف وهو عضو في «منظمة دينية متطرفة» خططت لتنفيذ «أعمال إرهابية تهدف إلى نشر الفوضى في أذربيجان بهدف السيطرة على السلطة وفرض إمارة متشددة». لكن المثير أن تفاصيل كشفت في وقت لاحق أوضحت علاقة صافاروف وهو مواطن أذري يحمل جواز سفر روسيا بهياكل متشددة في إيران. إذ تبين أنه تلقى تعليما دينيا في أوساط محافظة في مدينة قم الإيرانية قبل أن ينتقل إلى معسكر للتدريب العسكري، كما أنه خاض في العام 2016 تدريبا عسكريا ثانيا في سوريا.
وتعتبر أذربيجان، الجمهورية السوفياتية السابقة التي يدين معظم سكانها بالإسلام من البلدان الغنية نفطيا، وساد فيها استقرار سياسي لمدة عقدين، لكن حكومة الرئيس إلهام علييف أبدت قلقا خلال الفترة الأخيرة من ظهور التشدد الإسلامي في البلاد الذي يلقي البعض مسؤوليته على إيران.
وسعت السلطات إلى قمع أي تحرك للمتشددين لكن المعارضة اتهمت قوات الأمن باضطهاد المتدينين.
ولفت الأنظار أن وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية ومكتب المدعي العام لجمهورية أذربيجان أعلنت في بيان مشترك أن صافاروف الذي قاد محاولة اغتيال ضد حاكم المدينة كان في قم لمدة ثمانية أشهر عام 2016 حيث تلقى التدريب العسكري إلى جانب التعاليم الدينية.
وأضاف البيان أن الهجوم المسلح على حاكم المدينة المار ولييوف الذي يرقد حاليا في مستشفى في باكو، كان «هجوماً إرهابياً مستهدفاً وموجَهاً ومدّبراً من قبل» وأنه هدف إلى زعزعة الوضع في البلاد وإطلاق موجة احتجاجات واسعة تفضي إلى الفوضى. ووفقا للبيان المشترك فإن يونس صافاروف ذهب إلى إيران في عام 2016 وبقي في مدينة قم (على بعد 157 كم جنوب العاصمة طهران) لمدة ثمانية أشهر، وخلال ذلك الوقت، تلقى مع مواطنه راسم أسداف تدريبات عسكرية في إيران قبل أن ينتقلا للتدريب بين الوحدات العسكرية الناشطة في سوريا.
وأفادت التحقيقات أن صافاروف كان «يهدف إلى إقامة دولة إسلامية على غرار «داعش» في جمهورية أذربيجان، ومن أجل تحقيق ذلك، فإنه سعى إلى خلق أجواء الخوف والإرهاب من خلال قتل عدد من المسؤولين المعروفين للدولة وبالتالي توفير الظروف اللازمة للوصول إلى السلطة». ونشر موقع «مساوات» الأذري صورا وهوية للمتشدد المعتقل كتب تعليقا تحتها: «أصدرت النيابة العامة ووزارة الداخلية وجهاز أمن الأذربيجاني، بيانا مشتركا ربط استهداف حاكم جانجة بالحوزة العلمية في مدينة قم وحركة «المدافعين عن الحرم» الإرهابية في سوريا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».