النظام يلوح بعمل عسكري في الريف الغربي لدرعا

مفخخة لـ«داعش» تعرقل مسعاه لاستكمال سيطرته على الحدود

مدنيون يخرجون من بلدة أم المياذن بحمولتهم فوق درجاتهم هرباً من الاجتياح العسكري لدرعا (رويترز)
مدنيون يخرجون من بلدة أم المياذن بحمولتهم فوق درجاتهم هرباً من الاجتياح العسكري لدرعا (رويترز)
TT

النظام يلوح بعمل عسكري في الريف الغربي لدرعا

مدنيون يخرجون من بلدة أم المياذن بحمولتهم فوق درجاتهم هرباً من الاجتياح العسكري لدرعا (رويترز)
مدنيون يخرجون من بلدة أم المياذن بحمولتهم فوق درجاتهم هرباً من الاجتياح العسكري لدرعا (رويترز)

لم تثمر المفاوضات بين الوفد الروسي وممثلي الفصائل في ريف درعا الغربي، حتى يوم أمس، عن أي اتفاق نهائي يفضي بتسليم قوات المعارضة لقوات النظام مناطق سيطرتها، أسوة بالريف الشرقي، حيث لوح النظام أمس بعمل عسكري في الريف الغربي حين ألقى مناشير يدعو فيها المسلحين المعارضين لتسليم السلاح. وفي ظل الهدوء النسبي على الجبهات مع المعارضة، حاول النظام التقدم إلى مناطق سيطرة «جيش خالد بن الوليد» الموالي لـ«داعش» في حوض اليرموك؛ ما أدى إلى اشتباكات وتفجير مفخخة بقوات «النظام»، مخلفاً موجة نزوح جديدة باتجاه مناطق سيطرة الفصائل في المنطقة السورية من هضبة الجولان.
في حين لا يزال تنفيذ الاتفاقيات في مناطق الريف الشرقي يسير بشكل تدريجي، غداة سيطرة قوات النظام على كامل المعابر الحدودية مع الأردن، نفت مصادر المعارضة ما تم تسريبه عن نوايا للنظام الانسحاب من المنطقة وتسليمها للفرقة الخامسة القريبة من روسيا، وشرطة عسكرية روسية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «يسعى لإحكام سيطرته على القواعد العسكرية الكبيرة واستعادة السيطرة على ثكناته»، علماً بأن النظام في مناطق أخرى في ريف دمشق توصلت معه إلى اتفاقيات، عمد إلى افتتاح مراكز للشرطة وتكوين شرطة محلية من بينها عناصر معارضة، في حين انسحبت قواته إلى الثكنات.
وقال القيادي المعارض العقيد خالد النابلسي لـ«الشرق الأوسط»، إن المنطقة تشهد هدوءاً ووقفاً لإطلاق النار، ويجري تسليم الأسلحة الثقيلة كما قضى الاتفاق، وينفذ الاتفاق بانتشار حرس الحدود على النقاط الحدودية مع الأردن، بينما تتم مطالبة النظام بانسحاب قواته من أربع بلدات اقتحمها في السابق هي سلوى والمسيفرة والخيزة وخيل، عملاً بالاتفاق القاضي بعدم تواجد قوات النظام في البلدات التي توصلت إلى الاتفاقيات. ولفت إلى أن «الروس قدموا تطمينات للمعارضة بأن النظام يمنع عليه إدخال قواته العسكرية إلى البلدات، التي ستكون فيها قوات الشرطة. وقال النابلسي إن الأسلحة الثقيلة «تسلم تدريجياً» كما أن الأسلحة الفردية «لا تزال بحوزة المعارضين».
وبات النظام يسيطر على القواعد العسكرية الرئيسية في المنطقة التي خرجت عن سيطرته منذ عام 2012، واكتمل خروجها عن سيطرته في ربيع 2015، وأهمها القواعد العسكرية في الريف الشرقي وكتيبة الدفاع الجوي القريبة من النقاط الحدودية مع الأردن. لكنه لم يتسلم بعد كامل الثكنات التي سيطر عليها المعارضون في وقت سابق قرب مدينة درعا، علماً بأن مناطق الريف الغربي تتضمن أبرز القواعد العسكرية الكبيرة العائدة للنظام، سواء التي يسيطر عليها أو الخارجة عن سيطرته.
وفي ظل هذه المعلومات، لم تسفر الاجتماعات بين المفاوضين على الجانب المعارض والجانب السوري، إلى اتفاق مبرم بعد يقضي بالاتفاق على دخول النظام البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في الريف الغربي لدرعا. وقالت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماعات «لم تسفر عن أي اتفاق مبرم بعد»، لكنها توقعت أن يتم الاتفاق خلال وقت قصير، مشيرة إلى أن الاتفاق «لن يكون مختلفاً عن بنود اتفاقيات الريف الشرقي» لجهة تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وتقديم ضمانات بعدم الاعتقال، وإخراج من يرغب إلى مناطق أخرى. وأكدت المصادر، أن الاتفاق «ينسحب على الريف الغربي لدرعا، ولا يشمل القنيطرة التي سيكون لها اتفاق منفصل؛ نظراً لحساسية الجغرافية في المنطقة المحاذية لهضبة الجولان السوري» المحتل من قبل إسرائيل.
ومع ذلك، لوح النظام بالخيار العسكري في بلدة الحارة في الريف الغربي التي تعد منطقة استراتيجية، في مسعى لإرسال رسالة بأنه «في حال فشلت المفاوضات فإنه سيعمد إلى اقتحامها»، بحسب ما قال المصدر المعارض، مشيراً إلى أن المعارضة في هذه المنطقة «باتت أضعف بعد تسليم الريف الشرقي والشريط الحدودي» رغم أنها لا تزال تسيطر على اثنتين من أكبر المدن هي نوي وجاسم، والتي يسكنها عشرات الآلاف، بينهم أكثر من 3 آلاف مقاتل.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن مروحيات النظام ألقت منشورات على بلدة الحارة بريف درعا الشمالي الغربي، وجاء فيها «لا مكان للمسلحين في محافظاتنا»، بالتزامن مع عملية توسيع النظام لسيطرتها حيث ضمّت المزيد من البلدات إلى نطاق نفوذها داخل محافظة درعا، من خلال دخول البلدات و«المصالحة» مع فصائلها ومدنييها، إذ تمكنت قوات النظام والمسلحين الموالين لها من توسعة نطاق السيطرة إلى 78 في المائة من مساحة محافظة درعا، في حين تقلصت نسبة سيطرة الفصائل إلى 15.4 في المائة من مساحة المحافظة.
وبينما يفاوض رافضو التسوية على الخروج من المنطقة إلى الشمال السوري، سربت وسائل إعلام مقربة من النظام معلومات عن أن معركة إدلب ستبدأ في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأفادت صفحة «دمشق الآن»، بأن الوفد الروسي، أبلغ مسؤولي الفصائل المسلحة في درعا خلال الاجتماع معهم في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، بعدم الخروج نحو محافظة إدلب؛ لأن المعركة في إدلب ستبدأ في شهر سبتمبر المقبل.
وبموازاة المباحثات للتوصل إلى تسوية بريف درعا الغربي، لا تزال قوات «جيش خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم داعش تسيطر على 6.6 في المائة من مساحة محافظة درعا، وبدأ النظام عملية عسكرية محدودة للسيطرة على المعابر الحدودية مع الأردن وطرد «داعش» منها. وأفاد ناشطون بأن قوات «داعش» في المنطقة «فجرت مفخخة بقوات النظام أسفرت عن مقتل 8 عناصر في قاعدة زيزون المحاذية للحدود مع الأردن»، في حين يحشد النظام لتمام سيطرته على الخط الحدودي مع الأردن ودفع «داعش» إلى العمق في حوض اليرموك.
وأفاد «المرصد السوري» باستمرار المدنيين في عملية النزوح من مساكنهم وقراهم وبلداتهم في حوض اليرموك بالقطاع الغربي من ريف درعا، حيث خرج ما يزيد على 10 آلاف شخص، من بينهم آلاف الأطفال والمواطنات، نحو ريف القنيطرة والحدود مع الجولان السوري المحتل. وقال «المرصد»: «يتخوف الأهالي من بدء قوات النظام أو الروس لعملية عسكرية ضد (جيش خالد بن الوليد)، بعد أن وصلت قوات النظام إلى خطوط التماس مع (جيش خالد بن الوليد) في حوض اليرموك، إثر تمددها على الشريط الحدودي مع الأردن».
ولفت «المرصد» إلى استياء متصاعد ساد أوساط الأهالي الراغبين بالنزوح خشية عملية عسكرية ضد المنطقة الخاضعة لسيطرة «جيش خالد بن الوليد»، وذلك نتيجة بدء القوات المتطرفة بمنع المدنيين من الخروج من مناطق سيطرته، حيث فرض التنظيم منعاً للخروج من مناطقه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».