تجدّد الخلاف بين جنبلاط و«التيار» على خلفية قضية النازحين السوريين

TT

تجدّد الخلاف بين جنبلاط و«التيار» على خلفية قضية النازحين السوريين

تجدّد الخلاف بين التيار والوطني الحر و«الحزب الاشتراكي» على خلفية قضية النازحين السوريين فيما أكد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «أن المشكلة ليست في النزوح فقط بل في طريقة إدارة الدولة».
وبدأت المواجهة الكلامية بين الفريقين، بعدما اعتبر رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل أن الوضع الاقتصادي في لبنان على وشك التدهور بفعل وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين، وهو ما ردّ عليه رئيس «الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط سائلا: «لماذا لا يأتي فريق السلطة على ذكر القانون السوري رقم 10 الذي يضع شروطا تعجيزية لعودة اللاجئين السوريين فتكتفي السلطة برسالة وزير الخارجية وليد المعلم؟ وما أدرانا بأدواره السابقة قبيل اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري؟»، وأضاف جنبلاط «أين هي الخطوات الإصلاحية الجدية لتخفيف العجز والحفاظ على النقد بدل التبشير بالانهيار؟».
كلام جنبلاط استدعى ردودا بالجملة من مسؤولي «التيار» مصوّبين على وزارة المهجرين، وقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل: «بحسب دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للتنمية سنة 2017: العجز المباشر الناتج عن الخدمة الكهربائية للنازحين السوريين 333 مليون دولار أميركي وهو مرشح للارتفاع»، وأضاف: «خطوتان سوف تساهمان في خفض العجز لا يزال يرفضهما جنبلاط، عودة النازحين السوريين الذين قوضوا الاقتصاد الوطني وإقفال صندوق المهجرين الذي فاقت كلفته 3000 مليار دون تحقيق العودة المطلوبة». ويصوّب «التيار» في حملته على «المهجرين» منطلقا من أن الاشتراكي كان من أبرز الأطراف التي توالت على تسلّم الوزارة التي يتولاها اليوم رئيس «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان.
كذلك اعتبر كل من النائبين آلان عون وسليم عون أول خطوة إصلاحية جدّية لتخفيض العجز هي إقفال وزارة المهجّرين وصندوق المهجّرين.
هذه الحملة أدت كذلك إلى ردود مضادة من قبل مسؤولين في «الاشتراكي»، وأوضح عضو مجلس قيادته بهاء أبو كروم موقف حزبه من قضية النازحين. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نوافق على تحميل النازحين مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي بشرنا به الوزير باسيل لكي يبرر هو وغيره سياستهم تجاه النازحين. هذا التجني لا يستند إلى وقائع حقيقية إذ إننا حذرنا منذ سنوات من مشكلة تفاقم الدين العام والهدر في المؤسسات وفشل سياسات الكهرباء التي فاقمت العجز إلى حدود خطيرة».
ولا ينكر الحزب، بحسب أبو كروم، «حقيقة أن وجود النازحين يشكل ضغطاً على البنية التحتية والاقتصاد اللبناني لكن ليس لدرجة تحميلهم مسؤولية الانهيار الاقتصادي»، مشددا على أهمية التمييز بين تداعيات الحرب السورية والآثار الاقتصادية لوجود النازحين».
ورأى أن عودة النازحين تتعلق بالدرجة الأولى برغبة النظام السوري الذي يقوم بإجراءات تمنع العودة كالقانون رقم 10، داعيا إلى وضع «سياسة وطنية تعمل بها الحكومة ولا تترك هذا الملف عرضة للتجاذب والتفرد». وأضاف: «لا نمانع الضغط على الدول المانحة لكي تتحمل مسؤولياتها وتدعم لبنان لكن نرفض تحريض اللبنانيين على السوريين».
ودخل كذلك نائب اللقاء الديمقراطي هادي أبو الحسن إلى خط الردود متوجها إلى مسؤولي التيار بالقول: «اسمعوا جيداً سيبقى وليد جنبلاط الصوت الهادر الذي يعلو ويصدح بالحق لن تنال منه محاولتكم اليائسة ولا نعيق الضفادع التي تزعج الشعب اللبناني»، وقال بدوره مفوض الإعلام في الاشتراكي رامي الريّس: «جهوزيتهم التامة للرد لا تلغي الحقائق التي أثارها ويثيرها وليد جنبلاط في مواقفه كلما دافعوا عن العهد أضروا به وخسّروه من رصيده المتناقص يوماً بعد يوم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.