السلطة الفلسطينية تدعم مبادرة سلام صينية بديلة للخطة الأميركية

بكين تخطط لطرح اقتراحاتها القائمة على دولتين ووقف العنف وتعزيز السلام

إسرائيليون يقومون بتركيب بيوت متنقلة قرب بلدة العيزرية في القدس لترحيل سكان الخان الأحمر إليها (أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بتركيب بيوت متنقلة قرب بلدة العيزرية في القدس لترحيل سكان الخان الأحمر إليها (أ.ف.ب)
TT

السلطة الفلسطينية تدعم مبادرة سلام صينية بديلة للخطة الأميركية

إسرائيليون يقومون بتركيب بيوت متنقلة قرب بلدة العيزرية في القدس لترحيل سكان الخان الأحمر إليها (أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بتركيب بيوت متنقلة قرب بلدة العيزرية في القدس لترحيل سكان الخان الأحمر إليها (أ.ف.ب)

تسعى السلطة الفلسطينية إلى إنجاح مبادرة صينية للسلام، مقابل خطة السلام الأميركية المعروفة بصفقة القرن.
وقال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، إن السلطة ترحب بشدة بطرح المبادرة الصينية مرة أخرى، على أمل أن «تفتح الطريق أمام الحل الدولي متعدد الأطراف».
وعد شعث المبادرة الصينية التي أطلقت العام الماضي بديلا لصفقة القرن، التي قال إنها «انهارت عمليا بسبب الرفض الفلسطيني والعربي والدولي».
وجاء الموقف الفلسطيني من المبادرة الصينية، بعدما أعلن مسؤول صيني أن بلاده ستعيد طرح المبادرة مرة أخرى.
وقال السفير الصيني لدى فلسطين، قو وي، إن بلاده ستعيد طرح مبادرتها للسلام ذات النقاط الأربع، لرعاية عملية سلام شاملة في المنطقة. مضيفا: «المبادرة الصينية سبقت ما يجري الحديث عنه تحت عنوان (صفقة القرن)، والصين متمسكة بمبادرتها القائمة على أساس الشرعية الدولية، ونحن لدينا أفكار مهمة وخاصة، ونرى أنها فعالة من أجل الوصول للسلام بالشرق الأوسط».
وتابع وي: «إن الصين ستواصل العمل لتعزيز التنمية والسلام في الشرق الأوسط، لبناء مجتمع بشري متعايش بشكل مشترك بعيدا عن الحروب، وستواصل لعب دور بناء وإيجابي في عملية السلام».
وكان الرئيس الصيني قد طرح في صيف العام الماضي، مبادرة تقوم على 4 نقاط، وهي: تعزيز حل الدولتين على أساس حدود 1967، مع القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية جديدة، ودعم مفهوم «الأمن المشترك والشامل والتعاوني المستدام»، الذي يقتضي وقفا فوريا لأي أعمال أحادية، بما فيها بناء المستوطنات الإسرائيلية، واتخاذ تدابير فورية لمنع العنف ضد المدنيين، والاستئناف المبكر لمحادثات السلام، مع تنسيق الجهود الدولية لوضع «تدابير لتعزيز السلام»، وأن يتم تعزيز السلام من خلال التنمية والتعاون بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ورحب الفلسطينيون حينذاك بالمبادرة الصينية، ولم تعرها إسرائيل اهتماما، فذهبت أدراج الرياح، فيما كانت الولايات المتحدة تجري مشاورات مع الأطراف لإطلاق خطة سلام جديدة، قبل أن تسوء العلاقة بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية بسبب موقف واشنطن من القدس.
وقطعت السلطة علاقتها بالإدارة الأميركية بعد إعلان الرئيس الأميركي القدس عاصمة لإسرائيل، وقالت إنها لم تعد وسيطا نزيها لأي عملية سلام.
ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخطة الأميركية حتى قبل أن تطرح.
وجدد عباس، الأحد، موقفه القائل بأن صفقة العصر «لا يمكن أن تمر»، مضيفا: «نحب أن نؤكد أن أشقاءنا العرب أكدوا لنا أنهم ضد صفقة العصر، بالإضافة إلى أن هناك دولا في العالم، في أوروبا وآسيا وأفريقيا وغيرها أيضا، بدأت تتبين أن صفقة العصر لا يمكن أن تمر».
وأوضح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات أمس، أسباب الرفض الفلسطيني للخطة الأميركية. وقال إن «موقف دولة فلسطين ثابت ورافض للإملاءات والمخططات الأميركية؛ لأنها هادفة لإسقاط حل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية المكفولة في القانون والشرعية الدوليين».
واتهم عريقات مرارا الإدارة الأميركية، بالتخطيط لإسقاط القدس وملف اللاجئين، من على طاولة المفاوضات، والعمل على إضعاف القيادة الفلسطينية وتغييرها.
وطالب عريقات بضرورة توحيد العمل السياسي الدولي، من أجل الضغط على دولة الاحتلال: «في ظل الانتهاكات الخطيرة التي تمارسها إسرائيل بحق شعبنا وأرضنا، وفي ضوء هجمتها المدروسة والمتواصلة التي تستهدف الوجود الفلسطيني، وتعمل بشكل ممنهج على اقتلاع وتشريد السكان الفلسطينيين وإحلال المستوطنين بدلاً عنهم».
وأكد عريقات «ضرورة الإسراع في إيجاد آليات لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا، ودعم مبادرة الرئيس محمود عباس للسلام، والاعتراف بدولة فلسطين».
ومبادرة عباس التي يتحدث عنها عريقات قريبة للمبادرة الصينية، وتقوم على إقامة مؤتمر دولي للسلام، تنتج عنه آلية دولية لرعاية مفاوضات سلام جديدة بسقف زمني محدد، تتوقف فيها الأطراف عن أي أعمال أحادية. واشترط عباس تراجع الولايات المتحدة عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى أن يحسم مصير المدينة عبر المفاوضات.
وعمل عباس سابقا على إقناع روسيا ودول أوروبية بتبني خطته والدعوة لمؤتمر سلام؛ لكنهم نصحوه بعدم تجاهل الولايات المتحدة، فقبل عباس بأن تكون الولايات المتحدة جزءا من إطار دولي، غير أن أحدا لم يدع لمؤتمر سلام في مواجهة الخطة الأميركية.
ويأمل الفلسطينيون اليوم في أن تحل الخطة الصينية محل الأميركية، وتتبنى خطة عباس.
وقال شعث: «أمامنا فترة من الصمود والمواجهة إلى حين التأسيس للإطار الدولي الجديد، الذي سيضمن لنا الحق في إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة المستقلة على حدود 67 بعاصمتها القدس الشرقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».