رئيس البرلمان الأوروبي يطالب طرابلس بقائمة لكبار مهربي البشر لملاحقتهم

صنع الله يناشد حفتر تسليم منطقة النفط... وليبيون يدعون إيطاليا للانسحاب من مصراتة

السراج مستقبلاً رئيس البرلمان الأوروبي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
السراج مستقبلاً رئيس البرلمان الأوروبي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس البرلمان الأوروبي يطالب طرابلس بقائمة لكبار مهربي البشر لملاحقتهم

السراج مستقبلاً رئيس البرلمان الأوروبي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
السراج مستقبلاً رئيس البرلمان الأوروبي في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

استغل رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني، لقاءه مع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج في طرابلس، أمس، للمطالبة بضرورة وضع «لائحة سوداء» بأسماء أبرز مهربي المهاجرين، لمكافحة تهريب البشر في أفريقيا وأوروبا.
وقال تاجاني، خلال مؤتمر صحافي مع السراج، «يجب وضع لائحة سوداء لكبار المهربين... حتى تتمكن أجهزة مكافحة الجريمة في أفريقيا وأوروبا من التعاون في هذا الهدف المشترك... هؤلاء إرهابيون ومهربو أسلحة وبشر، وإذا لم نتمكن من القضاء على هذه المنظمات الإجرامية، سيكون من الصعب جداً مكافحة الهجرة غير الشرعية».
وأشار إلى أنه بحث مع السراج «أهمية مراقبة الحدود الجنوبية لليبيا للحد من تدفق المهاجرين». وأضاف: «سأتحدث مع رئيس النيجر ورؤساء دول الساحل الأفريقي لتعزيز التعاون المشترك مع أوروبا وليبيا للحد من تدفق المهاجرين. يجب تحديد قائمة سوداء لكبار المتاجرين بالبشر حتى تتمكن هيئات الشرطة في العالم أجمع من ملاحقتهم والقبض عليهم، ويجب علينا عدم التهاون معهم والضعف أمامهم».
وأعلن تاجاني استعداد الاتحاد الأوروبي لمساعدة ليبيا في تنظيم الانتخابات المقبلة، خصوصاً في التحضيرات التقنية وإرسال مراقبين للسهر على حسن سير الاقتراع. وقال: «يعود لليبيا أمر تحديد موعد الانتخابات وليس إلينا»، من دون الإشارة إلى اجتماع باريس الذي عقد برعاية فرنسية في مايو (أيار) الماضي وضم الفرقاء الليبيين الرئيسيين.
ونقل السراج في بيان وزعه مكتبه عن رئيس البرلمان الأوروبي قوله إن «استقرار ليبيا وشمال أفريقيا فيه استقرار لأوروبا»، لافتاً إلى أن تاجاني طرح اقتراحات، بينها عقد ندوة في بروكسل لبحث التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد في ليبيا، يمكن على هامشها عقد لقاءات مع الشركات والمؤسسات الأوروبية، وعلاج الأطفال والمرضى الليبيين في المستشفيات الأوروبية، ودعم الانتخابات بمراحلها المختلفة.
واقترح السراج في المقابل البدء بلجان وفرق عمل مشتركة تغطي مختلف أوجه التعاون الاقتصادي والتقني والأمني والعسكري، لافتاً إلى أنه «هناك مجالات يمكن تحقيق إنجازات سريعة حيالها مثل الاتفاق على منح دراسية بتخصصات ومراحل مختلفة للطلبة الليبيين في الجامعات الأوروبية، وتسهيل تأشيرات الليبيين للدخول إلى فضاء شنغن، وعودة الملاحة الجوية بين ليبيا والدول الأوروبية».
وشدد على أن ملف الهجرة غير الشرعية «يؤرق الليبيين مثلما يشغل الأوروبيين»، مؤكداً أن «الحل الأمني رغم أهميته لا يكفي لمعالجة هذه الظاهرة». وأشار إلى أن «المحادثات تطرقت إلى مكافحة شبكات الاتجار بالبشر التي يمتد نشاطها في أكثر من بلد، وتم الاتفاق على التعاون بين الأجهزة الليبية والمختصين في الاتحاد الأوروبي لوضع قوائم للقبض على الرؤوس المحركة لهذه العصابات».
ورحب رئيس الحكومة بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمفوضية العليا للانتخابات في الأمور الفنية، وإيجاد منظومات وغيرها، وأيضاً المساهمة في المراقبة مع بعثة الأمم المتحدة لضمان نزاهة الانتخابات. واعتبر أن إجراء الانتخابات يتطلب أن يفي مجلس النواب بالتزاماته بإصدار قانون للاستفتاء على الدستور، أو إجراء تعديل على الإعلان الدستوري وإصدار قانون للانتخابات، إذ يجب أن تجرى الانتخابات على قاعدة دستورية سليمة.
وجاءت زيارة المسؤول الأوروبي إلى طرابلس في وقت تشهد المدينة توتراً أمنياً على خلفية اندلاع مناوشات بين ميليشيات بعضها موالٍ لحكومة السراج، بسبب خلافات حول تعيين مسؤول في إحداها قائداً لقطاع الأمن التابع للحكومة.
وكان السراج قرر تعيين الرائد عماد الطرابلسي رئيساً لجهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية في طرابلس، ما أثار احتجاج بقية الميليشيات المسلحة التي نظمت عناصرها وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة للمطالبة بإلغاء القرار. لكن وزير الداخلية عبد السلام عاشور قلل من هذه الاعتراضات، وقال في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن «بعض العسكريين احتجوا وجرت تسوية الأزمة» من دون مزيد من التفاصيل.
وتناولت المحادثات بين السراج وتاجاني التطورات في منطقة الهلال النفطي، إذ اتفقا على «ضرورة إعادة الأمور إلى نصابها بتولي مؤسسة النفط (التابعة لحكومة طرابلس) مسؤولية الموانئ النفطية تحت الإشراف الحصري لها»، وأكدا أن «تداعيات ما حدث تؤثر سلباً على المناخ السياسي والأوضاع الاقتصادية».
وناشد رئيس مؤسسة النفط التابعة لحكومة طرابلس مصطفى صنع الله، القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، «التحلي بذات الشهامة التي صدت هجمات الميليشيات... وتسليم المنشآت النفطية للمؤسسة»، معتبراً أن ذلك «سيكون محل امتنان وتقدير لشجاعة الجيش». وقال في كلمة مصورة إنه يتفهم شعور حفتر بـ«الإحباط تجاه عدم التصرف في عائدات النفط بالشكل الأمثل... أنا محبط مثله وكل الوطنيين الشرفاء كذلك، ولكن هذا لا يعني أن نعبر عن إحباطنا ونوقف الإنتاج». وأضاف: «رسالتي هي أن تسليمكم الموانئ لنا يعني أنكم قمتم بعمل شجاع وشهم لأن الجميع خاسر في هذه المعركة ولا رابح فيها». وأضاف أنه كان «من أوائل من طالبوا بالتوزيع العادل للثروات ومعرفة أوجه الإنفاق». ورأى أنه بخروج النفط من سيطرة المؤسسة التي يترأسها، فإن ليبيا تبقى «دولة بلا موارد حقيقية»، مشيراً إلى الخسائر المالية الباهظة التي يتحملها الاقتصاد الليبي جراء استمرار هذا الوضع.
إلى ذلك، طالبت شخصيات ليبية منتظمة في إطار «مجموعة أبناء ليبيا»، إيطاليا، بـ«إنهاء وجودها العسكري غير المشروع وغير المبرر في مدينة مصراتة». وقالت المجموعة، في بيان أصدرته أمس، إن روما «تحاول عرقلة تنفيذ اتفاق باريس من خلال إيهام الرأي العام العالمي ومجلس الأمن بأن الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة قبل نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل ستقود ليبيا إلى الحرب والمزيد من الدمار».
واعتبر البيان، الذي وقع عليه 30 كاتباً وإعلامياً، أنه «لا يوجد أي مبرر للوجود العسكري الإيطالي في مدينة مصراتة الغنية بكفاءاتها الطبية والعسكرية». ودعا المواطنين هناك إلى «التظاهر والتعبير عن رفضهم القاطع لأي شكل من أشكال الوجود العسكري والأمني الإيطالي على الأراضي الليبية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».