قمة الأطلسي تنطلق غداً وسط مخاوف أوروبية من «مفاجآت» ترمب

المساهمات المالية ومواجهة السلوك الروسي والتجارة أبرز القضايا الخلافية

صورة أرشيفية لاجتماع «الناتو» السابق الذي شارك فيه ترمب ببروكسل (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لاجتماع «الناتو» السابق الذي شارك فيه ترمب ببروكسل (أ.ف.ب)
TT

قمة الأطلسي تنطلق غداً وسط مخاوف أوروبية من «مفاجآت» ترمب

صورة أرشيفية لاجتماع «الناتو» السابق الذي شارك فيه ترمب ببروكسل (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لاجتماع «الناتو» السابق الذي شارك فيه ترمب ببروكسل (أ.ف.ب)

تنطلق قمة الحلف الأطلسي غدا في بروكسل، وسط مخاوف أوروبية من «مفاجآت» قد يقدم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب وتزيد من ثقلها الأجواء الملبدة بين ضفتي الأطلسي، بسبب ما أصبح يعرف بـ«الحرب التجارية» بين الحلفاء.
وما يزيد من قلق الطرف الأوروبي أن القمة تأتي قبل أربعة أيام فقط من قمة ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين التي ستستضيفها هلسنكي في 16 من الشهر الجاري، وخاصة «التنازلات» التي قد يقدمها ترمب للرئيس الروسي «من وراء ظهر» الحلفاء. كذلك لا يريد الأوروبيون أن تسود القمة الأطلسية أجواء شبيهة بما عرفته قمة مجموعة السبع الشهر الماضي في كندا، التي شهدت مشادات عنيفة بين ترمب وحلفائه وانتهت بأن سحب الأخير توقيعه عن البيان الختامي حال مغادرته الأراضي الكندية. ولذا، فإن ترمب سيكون «محور» القمة، حيث سترصد كل تحركاته وأقواله.
وأمس، قالت مصادر رئاسية فرنسية في معرض تقديمها للقمة، إن مسألة المفاجآت «واردة»، وإنه «يصعب على الأوروبيين استشرافها»، وبالتالي «لا يمكن استبعادها رغم أن التحضير لقمة تم وفق القنوات العادية». وما تريده باريس ومعها العواصم الأوروبية هو «إظهار وحدة الحلف الأطلسي وفعاليته في التعاطي مع البؤر الساخنة وتحديث التزام كل طرف بتنفيذ الالتزامات التي تعهد بها». ومن الناحية العملية، سيتم الإعلان في قمة بروكسل عن إطلاق الأطلسي لبرنامج تدريبي وتأهيلي لموظفي وزارة الدفاع العراقية المدنيين لمرحلة مع بعد الحرب على «داعش»، بناء على طلب رسمي من الحكومة العراقية. إلا أن البدء بالبرنامج مرهون، وفق الإليزيه، بتشكيل الحكومة العراقية لما بعد الانتخابات. يضاف إلى ذلك أن الحلف سوف يعلن عن «سلة من المبادرات» لجنوب الأطلسي، أي لأفريقيا والشرق الأوسط، وسيعهد لمقر الحلف في مدينة نابولي الإيطالية بقيادته وبناء الشراكات وتنسيق النشاطات مع بلدان الجنوب». وأبعد من جنوب الأطلسي، سيلتقي زعماء الأطلسي الرئيس الأفغاني من أجل مناقشات حول دور الحلف في هذا البلد، كذلك رئيسي أوكرانيا وجورجيا اللذين تربطهما «شراكة» معه. وما يجمع بينهما هو أنهما على نزاع مع روسيا إما مباشرة أو بالواسطة.
تتوقع باريس أن يكون ملف «توزيع الأعباء المالية» أحد أبرز الملفات المطروحة في القمة، بسبب مواقف الرئيس ترمب الذي يأخذ على الأوروبيين تهربهم من الوفاء بالتزاماتهم المالية. ويريد ترمب من الشركاء الأوروبيين أن يرفعوا مصاريفهم العسكرية إلى 2 في المائة. وقد استبقت واشنطن قمة الغد برسائل وجهت إلى تسعة أعضاء في الحلف، أبرزهم ألمانيا، لمطالبتهم بزيادة إنفاقهم الدفاعي للوصل إلى 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام بحلول العام 2024، ويرد الإليزيه على ذلك بتأكيد أن الأوروبيين قاموا بجهود حقيقية للاقتراب من هذا الهدف، وبينهم فرنسا التي وعدت بأن تصل إلى سقف الـ2 في المائة في العام 2025، وهي اليوم بحدود 1.8 في المائة.
وثمة ورقة ضغط «إضافية» يستطيع الرئيس الأميركي اللجوء إليها بعد غد، وهي قرار تخفيف الحضور العسكري الأميركي في أوروبا. وتنشر واشنطن 35 ألف جندي في ألمانيا، و65 ألف جندي في مجمل أوروبا. وتتركز الانتقادات الأميركية بالدرجة الأولى على ألمانيا لأسباب تجارية (فائض 60 مليار دولار لصالح برلين وعلى حساب واشنطن)، ولسياستها تجاه إشكالية اللجوء والهجرات، وأخيرا بسبب ضعف المساهمة الألمانية في ميزانية الحلف. وفي 5 من الشهر الجاري، توجه ترمب بالحديث مباشرة للمستشارة الألمانية في خطاب له قائلا: «أنت تعرفين يا أنجيلا أننا نوفر لكم الحماية، وهذا يعني الكثير بالنسبة إليكم، ولكن لا أعي ما هي الحماية التي نحصل عليها نحن عن طريق حمايتكم». وخلص ترمب إلى القول: «سأقول لقادة الحلف: عليكم أن تبدأوا بدفع فواتيركم، لأن الولايات المتحدة لن تستمر في التكفل بكل شيء».
ليست اتهامات ترمب للأوروبيين بالتهرب من دفع المتوجب عليهم للحلف جديدة، إذ إنه أثار الموضوع في قمة العام الماضي. لكن الجديد هو أجواء التوتر السائدة مع الأوروبيين بسبب قضايا المناخ والتجارة وإيران والعلاقة مع روسيا، وكلها مواضيع خلافية. وأبرز دليل على ذلك فشل قمة مجموعة السبع. وبالنظر لاتساع الهوة مع واشنطن، فإن الأوروبيين بدفع من فرنسا يسعون لبناء «قوة ذاتية» مع الاستمرار بالقول إنها تعمل «بالتكامل» مع الحلف الأطلسي وليس بديلا عنه. وآخر ما حققه الأوروبيون هو الاتفاق على إطلاق «المبادرة الأوروبية للتدخل» المشترك التي ضمت تسع دول بينه الثلاث الكبار (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا). وهدف المبادرة تشكيل قوة تستطيع التدخل العسكري في الأزمات الناشئة ومحاربة الإرهاب والمساعدة لدى وقوع الكوارث الطبيعية. لكن هذه القوة ليست إلا في بداية الطريق، وتحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تتحول إلى واقع.
كل هذه الخلافات الكامنة والبينة لن تمنع الأطلسيين من معالجة الملفات المدرجة على جدول أعمالهم، وأحدها تحديا «الشراكة الأطلسية - الأوروبية» التي سيصدر بشأنها بيان مسهب. كذلك، ستتم مناقشة ملف العلاقة مع روسيا التي يمكن تلخيصها بكلمتين: تشدد وحوار. وثمة قناعة أن ترمب لن يقبل أن يصدر عن القمة ما من شأنه «إفساد» لقائه بالرئيس الروسي بالنظر لأهمية هذه القمة، وما لها من انعكاسات على العلاقات الثنائية الأميركية - الروسية، وخصوصا على الملفات الإقليمية مثل الملف النووي الإيراني ومستقبل سوريا والحرب في شرق أوكرانيا. كذلك، ستتناول القمة ملف «الدفاع الجماعي والردع»، والرد على التحديدات الاستراتيجية وما تتطلبه من تعديلات على «هندسة» الحلف. وأخيرا، ستعالج القمة موضع «سياسة الباب المفتوح» التي تعني ضم أعضاء جدد إلى الحلف، وأبرز الموجودين على اللائحة جمهورية مقدونيا التي نجحت أخيرا بالتوصل إلى تفاهم مع اليونان حول اسمها الرسمي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».