لندن تدافع عن خطتها لـ«بريكست»وسط تنامي مخاوف قطاع الأعمال

TT

لندن تدافع عن خطتها لـ«بريكست»وسط تنامي مخاوف قطاع الأعمال

دافع وزير بريطاني كبير، أمس، عن خطة حكومة بلاده التي تقضي بتبني القوانين الأوروبية على البضائع بعد «بريكست»، وسط غضب النواب الذين يريدون طلاقاً أكثر وضوحاً مع الاتحاد الأوروبي ومخاوف من أن يؤدي ذلك للإضرار بقطاع الأعمال.
وأقر وزير البيئة، مايكل غوف، المؤيد البارز لـ«بريكست»، بأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد اجتماع ماراثوني الجمعة لم يكن مثالياً. لكنه أبلغ هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «أنا واقعي»، وتابع: «في كل المواضيع المهمة حيث تختار الدول المستقلة أن تمارس السيادة، سيكون بوسع بريطانيا أن تفعل ذلك».
وأكد أن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي كما هو مقرر في مارس (آذار) المقبل، وقال: «يجب ألا تجعلوا من المثالية عدواً لما هو جيد».
بدورها، قالت تيريزا ماي إنه بعد الموافقة على نهج موحد، فإنها تتوقع انتهاء أعوام من الخلاف الوزاري الداخلي في حكومتها. لكن صحف أمس خرجت بعدد من التقارير عن مواقف متمردة في حزبها المحافظ. وقال النائب المشكك في الاتحاد الأوروبي، بيل كاش، لمحطة «سكاي نيوز» إن «هناك استياء كبيراً»، وشكوكاً حول ما إذا كان اقتراح ماي سيؤدي إلى «بريكست مناسب» أم لا.
على الجانب الآخر من الجدل الدائر، أجمع أكثر من 100 من رؤساء شركات ومشاريع بريطانية أن المقترح الحكومي ليس كافياً لتفادي حدوث اضطراب في السوق، وحثوا حكومتهم على البقاء في الاتحاد الجمركي الأوروبي. وحذر عملاق الإلكترونيات الهولندي «فيليبس» من أن حدوث أي تغيير لاتفاقيات التجارة الحرة سيشكل «تهديداً جدياً» لتنافسية عملياته في بريطانيا.
وتنص خطة ماي على إنشاء «منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي» بعد «بريكست»، لحماية شبكات الإمدادات في قطاعات مثل الصناعة، فيما تحافظ على مرونة قطاع الخدمات البريطاني. ولم يتضح بعد ما إذا كانت بروكسل ستوافق عليها أم لا، خصوصاً مع تكرار تحذيرها لبريطانيا من أنها لا يمكن أن تنتقي ما تشاء من سوقها المشتركة.
وذكرت تقارير أن وزير الخارجية بوريس جونسون، المؤيد البارز لـ«بريكست»، ندد بخطة ماي قبل أن يوافق على دعمها. وقال زعيم المحافظين السابق إيان دانكان سميث، إن الخطة تبدو متعارضة مع التعهدات السابقة بمغادرة السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي.
بدوره، اعتبر حزب العمال البريطاني الخطة «غير قابلة للتطبيق»، وحض النواب على دعم بقاء بريطانيا في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي في التصويت المقرر في مجلس العموم في 16 يوليو (تموز). كما حثت مجموعة من أصحاب المشاريع والشركات النواب على ذلك.
وقال هؤلاء في رسالة نشرته صحيفة «ذا تايمز» اليومية، إن «التكلفة والتعقيدات والبيروقراطية التي سيؤدي إليها الخروج من الاتحاد الجمركي، وتبنّي اتفاقيات بديلة هي آخر ما تحتاج إليه أعمالنا فيما نسعى للنمو». وأصبحت فيليبس آخر الشركات الكبيرة التي تحذر علناً من قطع العلاقات البريطانية - الأوروبية، بعد «جاغوار» و«لاند روفر» و«بي إم دبليو» و«إيرباص» التي أجمعت جميعها على انتقاد الحكومة.
وتوظّف الشركة الهولندية، ومقرها أمستردام نحو 1500 موظف في بريطانيا، خصوصاً في مصنعها لمنتجات الرعاية بالأطفال المخصصة للتصدير بسوفولك في شرق بريطانيا. وقال المدير التنفيذي للشركة، فرانس فان هوتين، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا قلق للغاية حيال تنافسية أعمالنا في بريطانيا، وخصوصاً عمليات التصنيع».
وأضاف: «نقدر أن كلفة المنتجات المصدرة لـ(فيليبس) ستزداد بشكل كبير وفقاً لأي سيناريو لا يحافظ على الاتحاد الجمركي الموحد». وتابع: «نحتاج لإجراء تخطيط (تحضيراً) لأسوأ سيناريو».



معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
TT

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقاً لخبراء قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية».

يرى «معهد كيل» الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في المدة من 2022 إلى 2024.

ويقول مصدر عسكري أوروبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن جزءاً من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولاً في مواجهة الروس، «فسيكون الأمر معقداً في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) المقبلين دون مساعدات جديدة» بالنسبة إلى الأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني، فولوديمير فيسينكو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه، وما لدينا، وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لـ6 أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير».

ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة «ليون3» أنه «في معادلة حرب الاستنزاف: أنت تضحي؛ إما بالرجال، وإما بالأرض، وإما بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما تنسحب، وإما تضحي بالرجال».

وفي ما يلي 4 مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأميركية:

الدفاع المضاد للطائرات

تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها وبنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيداً من خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا 7 أنظمة «باتريوت» أميركية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز «إس إيه إم بي/ تي (SAMP/T)» حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة، وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير «شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة»، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن «الصواريخ الباليستية مهمة جداً لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا، فإن ترمب سيساعد بوتين على قتل المدنيين».

ويشرح ليو بيريا بينييه من «مركز إيفري الفرنسي للأبحاث»: «مع (باتريوت)، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأميركية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر، ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأميركيين وتسليمها للأوكرانيين أم إن الأميركيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم».

لتوفير ذخائر الـ«باتريوت»، تبني ألمانيا أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال إن «أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة (إس إيه إم بي/ تي - SAMP/T) جيدة جداً، ولكنها ليست متنقلة، ويجري إنتاجها بأعداد صغيرة جداً. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا». لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا بينييه أن «العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين».

ويضيف يوهان ميشال أن «إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا»، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات «إف16» و«ميراج 2000-5»، وأن لديهم فرصة لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق

يمكن للأسلحة الأميركية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، مما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ «أتاكمس (ATACMS)» أرض - أرض التي تطلقها راجمات «هيمارس (Himars)» التي أعطت واشنطن نحو 40 منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها «إحدى المنصات القليلة في أوروبا». ويقول بيريا بينييه إن «أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين».

ويقترح ميشال «أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأناً. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو؛ إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية».

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى «الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك»، مثل صواريخ «سكالب» الفرنسية، و«ستورم شادو» البريطانية. ولكن بيريا بينييه ينبه إلى أن «المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها».

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات

في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل. يقول ميشال: «ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ (جافلين) الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات (إف بي في - FPV) بشكل جيد».

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا بينييه إلى أن «أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءاً».

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 مليمتراً بمعدل 1.5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد على 1.2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.

الاستطلاع والاستعلام

تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تجمع المعلومات وتعالجها.

ويقول فيسينكو: «من المهم جداً أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية».

ويشير ميشال إلى أن «الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، وكثير منهم يعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال».