العراق: تنافس بين الأكراد والعرب السنة على «بيضة القبان»

قيادية في حزب بارزاني: نطالب بضمانات دولية

مقتدى الصدر لدى استقباله زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي في النجف أمس (أ.ف.ب)
مقتدى الصدر لدى استقباله زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

العراق: تنافس بين الأكراد والعرب السنة على «بيضة القبان»

مقتدى الصدر لدى استقباله زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي في النجف أمس (أ.ف.ب)
مقتدى الصدر لدى استقباله زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي في النجف أمس (أ.ف.ب)

أشعل تفكك البيت الشيعي «التحالف الوطني» وتحوله إلى خمس كتل رئيسية متنافسة فيما بينها على الصدارة («سائرون» و«الفتح» و«النصر» و«دولة القانون و«الحكمة») المنافسة بين الكرد والعرب السنة في أن يكون أحدهما بيضة القبان التي ترجح كفة الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة المقبلة.
ورغم الجهود الإيرانية التي بذلها قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني خلال الفترة الماضية وعبر عدة زيارات قام بها إلى العراق من أجل إعادة توحيد البيت الشيعي عبر صيغة التحالف الوطني القديم لا يبدو أن هذه الجهود نجحت، فيما فشل كل من الكرد والسنة حتى الآن في حسم خلافاتهما البينية برغم كثرة التصريحات الصادرة عن الطرفين.
كرديا فإن الحزبين الرئيسيين «الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني» يواصلان تفاهماتهما الثنائية حيال الخروج بموقف موحد حيال بغداد فيما يتعلق بالقضايا المركزية في كردستان بيد أنهما لا يزالان غير قادرين على حسم الخلافات الثنائية حول عدة ملفات بما فيها منصب رئاسة الجمهورية الذي لا يزال موضع خلاف بين الحزبين حتى الآن.
سنيا، تأجل إعلان التحالف السني الجديد الذي يضم نحو 45 نائبا إلى «بضع ساعات أو بضعة أيام» طبقا لما أخبر قيادي بارز في هذا التحالف «الشرق الأوسط» أمس. ويضيف القيادي أنه بينما يسعى السنة إلى أن يكونوا هذه المرة بيضة قبان التحالفات المقبلة من أجل تشكيل الكتلة الأكبر فإنهم لم يحسموا «بعض الأمور الفنية الخاصة بزعامة هذا التحالف ومسائل أخرى لا تشكل عائقا أساسيا لكننا نريد حسمها نهائيا قبل إعلان التحالف حتى يكون رصينا»، مبينا أن «كل المسائل الأساسية والاستراتيجية لا سيما في مجال العلاقة مع الشركاء وخاصة الشيعة والكرد حسمت لكننا نبحث قضايا تنظيمية داخلية نحتاج أن لا نتخطاها حاليا فتؤثر على طبيعة التحالف مستقبلا».
البيت الشيعي الذي لم يتمكن سليماني من إعادة توحيده طبقا للرؤية الإيرانية ينقسم الآن بين رؤيتين الأولى تتمثل في تحالف «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر و«النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والثانية تتمثل في تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري الطامح إلى تولي رئاسة الوزراء و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي الذي يعاني حزبه «الدعوة» من ثنائية العلاقة بينه وبين العبادي في وقت يواصل مجلس شورى الحزب مساعي حثيثة من أجل توحيد الحزب مع طرح بديل لرئاسة الوزراء على أن لا يكون العبادي أو المالكي وذلك طبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة.
وفي وقت التقى زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في مقر الأخير في مدينة النجف أمس لبحث آفاق تشكيل الكتلة الأكبر فإن وفدين من تحالف الفتح برئاسة عبد الهادي الأنصاري ودولة القانون برئاسة حسن السنيد بحثا في أربيل أمس مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني مسألة تشكيل الحكومة المقبلة. وفي هذا السياق تقول فيان دخيل عضو البرلمان العراقي السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الكردي الآن يختلف من حيث رؤيته للعلاقة مع الشركاء في بغداد من مختلف الأطراف يختلف عن المرات السابقة وذلك لجهة كيفية وضع الضمانات الملزمة من قبل أي طرف نتفاهم معه بشأن حقوق الشعب الكردي». وتضيف دخيل أن «محددات الكتلة الأكبر بالنسبة لنا هي الكتلة التي تؤمن بمبادئ الشراكة والتوازن والتوافقات والتي تعطي الضمانات للكرد على التزامها القطعي بهذه المبادئ»، مشيرة إلى أن «هذه المسائل أساسية بالنسبة لنا وهي ما أكدته القيادة الكردية وبالأخص السيد مسعود بارزاني في كل لقاءاته».
وردا على سؤال بشأن الجديد في هذه الثوابت التي كثيرا ما يجري الحديث عنها كل مرة وكانت محورا للمباحثات عند تشكيل الحكومات الماضية حيث كان الكرد بيضة القبان عند التشكيل لكن يتم تجاوزهم وتعود المشاكل بين المركز والإقليم، تقول فيان دخيل إن «الضمانات التي نبحث عنها الآن ونطالب بها هي ضمانات دولية مكتوبة وبإشراف الأمم المتحدة».
في مقابل ذلك يقول الأكاديمي العراقي الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي والمقرب من رئيس الوزراء في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الذي جعل تحالف الفتح ودولة القانون يتوجهان نحو كردستان هو تماسك التحالف بين (النصر) و(سائرون) ويتجه إلى التفاهم مع كتل أخرى سنية وكردية لتشكيل الكتلة الأكبر خلال فترة قريبة». ويضيف الشمري أن «التحالف بين (النصر) و(سائرون) فضلا عن كونه يمثل رقما صعبا في المعادلة السياسية، فإنه يمثل حالة وسط مقبولة من مختلف الأطراف»، موضحا أن «زيارة زعيم الوطنية إياد علاوي إلى النجف ولقاءه الصدر (أمس) تصب في هذا الاتجاه حيث تحول (سائرون) و(النصر) إلى نقطة جذب بينما يحاول (الفتح) و(دولة القانون) استمالة بعض القوى الكردية بينما السنة حسموا أمرهم لجهة توحيد مواقفهم وهم الأقرب إلى تحالف الصدر - العبادي بينما يسعى الكرد إلى أن يعودوا للعب دور بيضة القبان في وقت ظهر لهم منافس الآن وهم السنة الذين يحاولون القيام بالدور نفسه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».