غزة مزار للوفود الأجنبية... وحلول على الورق وصعوبات سياسية ومالية تمدد معاناتها

TT

غزة مزار للوفود الأجنبية... وحلول على الورق وصعوبات سياسية ومالية تمدد معاناتها

لا تكاد تتوقف الوفود الأجنبية من مختلف الدول عن زيارة قطاع غزة منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة عام 2014 والتي دخل بعدها القطاع في مرحلة موت سريري على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع مرور الأعوام والأشهر، مرت غزة بمراحل سياسية صعبة بشأن الخلافات بين حركتي «فتح» و«حماس»، وتعثر ملف المصالحة بينهما، وكذلك خلافات بعض الفصائل فيما بينها حول آلية العمل التي يمكن اعتمادها بشأن تسيير الوضع الحياتي في غزة، والعلاقة مع الاحتلال في ظل الاعتداءات الإسرائيلية التي لا تتوقف والمناوشات العسكرية التي تقع من حين إلى آخر دون أي أفق بوجود حل أمني أو سياسي.
وفي الأشهر الأخيرة ومع اتخاذ السلطة الفلسطينية سلسلة من الإجراءات التي وصفتها «حماس» بـ«العقابية» ضد قطاع غزة، عاش السكان في القطاع ظروفا هي الأصعب مع فرض السلطة خصومات مالية وصلت إلى 50 في المائة من رواتب موظفيها في غزة، وكذلك منع الكثير من الإجراءات الإدارية والمالية لصالح الوزارات وخاصة القطاع الصحي الذي يعاني المرضى فيه من نقص الأدوية وغيرها.
وخلال هذه الفترة الطويلة لم تتوقف الوفود الأجنبية من مختلف الدول عن زيارة القطاع، وسط محاولات من جهات منها ممثلون عن الأمم المتحدة وبعض الدول الغربية لمحاولة التوسط بين «حماس» وإسرائيل من جهة، وبين «حماس» والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى، ما عقد المشهد الفلسطيني الداخلي بشكل أكبر مع اعتبار السلطة تلك التحركات هدفها تمرير مشاريع سياسية لفصل غزة عن الضفة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن وفوداً من دول مختلفة منها ألمانيا وسويسرا وفرنسا وهولندا وتركيا واليابان ومصر وقطر، إضافة إلى وفود من مؤسسات غير حكومية من دول غربية وآسيوية وأفريقية مختلفة، وممثلين عن الأمم المتحدة منهم نيكولاي ميلادينوف المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، زاروا جميعاً قطاع غزة على فترات متفاوتة ولأكثر من مرة.
وبحسب المصادر، فإن غالبية تلك الوفود كانت تزور القطاع من أجل المشاركة في افتتاح مشاريع تشرف حكوماتهم عليها في غزة وتمولها عبر السلطة الفلسطينية في قطاعي التعليم والصحة، في حين أن تحركات ميلادينوف وسويسرا ومصر كانت تتعلق فقط بالوضع السياسي والأمني في القطاع.
وتضيف المصادر، أن ميلادينوف ووفود سويسرا ومصر التقت بقيادات «حماس» علنا وبالفصائل أيضا لمحاولة التوصل لتفاهمات منها تتعلق بالمصالحة الفلسطينية الداخلية، وأخرى بشأن العلاقة مع إسرائيل لمحاولة التوصل لاتفاق تهدئة وصفقة تبادل.
وقالت المصادر، إن كل تلك المقترحات لم تصل لأي نتائج ملموسة وإنها جميعا بقيت في إطار الحلول المكتوبة على الورق، مبينة أن هناك صعوبات كبيرة واجهت تطبيق تلك الحلول التي قدمت وذلك لأسباب سياسية متعلقة ببعض المواقف من جهات دولية مثل أميركا وإسرائيل، لرفض بعض الشروط التي كانت تضعها حماس أو ترفض الامتثال إليها، أو أسباب تتعلق بظروف تمويل تحسين الوضع الاقتصادي والحياتي للسكان نتيجة رفض الكثير من الدول تقديم الدعم المالي لغزة.
وأشارت المصادر، إلى أن سويسرا كان تدخلها أكثر في ملف المصالحة ومحاولتها التوصل لاتفاق ينهي أزمة فتح وحماس بشأن ملف الموظفين التابعين لـ«حماس» والذين عينوا بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة عام 2007. فيما كانت مصر تتدخل في شأن ملف المصالحة وكذلك ملف العلاقة مع الاحتلال، وهو الأمر ذاته الذي كان يطرحه ميلادينوف.
وأشارت المصادر إلى تدخلات لروسيا من الخارج دون أي زيارات وفود لها ومحاولات للتوصل لتفاهمات من مسؤولين بالخارجية الروسية بين «حماس» و«فتح» لإتمام ملف المصالحة، فيما كانت تركيا تحاول التدخل إلى جانب قطر لكن لم تفلح أي من جهود البلدين بسبب التراكمات الناتجة عن الخلافات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب، وكذلك الشروط التي كانت تضعها «حماس» وإسرائيل لتمرير المقترحات القطرية التي لم تنجح مساعي سفيرها محمد العمادي في إحداث أي تقدم في أي من الملفات وبما في ذلك المصالحة خاصة أن السلطة تنظر لدور قطر على أن الهدف منه إنقاذ حماس.
ولفتت المصادر إلى أن كل تلك المقترحات والزيارات لم ينتج عنها أي تفاهمات حقيقية يمكن أن يبنى عليها للتوصل لاتفاق جدي في أي من الملفات سواء الفلسطينية أو مع إسرائيل.
ونفت المصادر ما أثير إعلاميا عن تدخل ألماني لإنجاز صفقة تبادل. مبينة أن الوفد الألماني الذي زار غزة منذ أكثر من شهر دخل القطاع والتقى بمسؤولين من الأونروا ومؤسسات دولية ولم يلتقِ أي مسؤولين من حماس أو غيرها.
وقالت إن الوفد اطلع على مشاريع تشرف عليها الحكومة الألمانية، وأكد أعضاؤه لمسؤولين في «الأونروا» استمرار دعمها لقطاعات التعليم والصحة عبر المؤسسة الأممية الدولية.
ولفتت المصادر إلى أنه لا توجد أي مفاوضات صفقة تبادل بين «حماس» وإسرائيل حتى الآن، وأن الحركة لديها شروط يجب تنفيذها قبل أي مفاوضات. مبينة أن تلك الشروط وضعتها قيادة «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» والتي ترفض ربط أي حلول للوضع الإنساني بغزة بوضع الجنود لديها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».