سقوط الهدنة الإعلامية بين «القوات» و«التيار» ... ولا تفكير في إحياء «14 آذار»

TT

سقوط الهدنة الإعلامية بين «القوات» و«التيار» ... ولا تفكير في إحياء «14 آذار»

انفرط عقد التفاهم بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، وسقطت الهدنة الإعلامية بين الطرفين، لكن ذلك لم يدفع «القوات» إلى البحث عن بدائل، أو الشروع في تشكيل جبهة سياسية جديدة تواجه مطالب «الوطني الحر» في عملية تشكيل الحكومة، بالنظر إلى أن حزب «القوات» يتعاطى مع كل فريق سياسي بشكل منفصل و«على القطعة»، ومن ضمنهم «حزب الله» الذي يتعاطى معه ضمن المؤسسات الرسمية. ولا يزال «القوات» يعوّل على دور لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاستعادة المبادرة التي «أطاح بها» وزير الخارجية جبران باسيل «من خلال رفضه للتهدئة»، كما يعول على دور الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بتقديم تشكيلة حكومية «تجسد تطلعات كل اللبنانيين».
ورفع الاشتباك الأخير بين «القوات» ورئيس «الوطني الحر» الوزير باسيل، منسوب التقديرات ببحث «القوات» عن بدائل أخرى، بعد تعليق «تفاهم معراب» وتسريب بنوده «السرية للغاية» في وسائل الإعلام، لكن مصادر «القوات» تنفي ذلك، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» «أننا لا نتعاطى مع الأمور على قاعدة البدائل»، لكون «تعليق التفاهم أو إصابته بنكسة أو سقوطه، لا يعني إطلاقاً أننا في إطار البحث عن جبهة ثانية». وقالت المصادر: «في الأساس لم نكن بحالة جبهوية من (الوطني الحر) بل بتفاهم سياسي أوصل الرئيس عون إلى رئاسة الجمهورية وكان يفترض أن يُعمل بمفاعيل هذا الاتفاق على مستوى الشق الآخر»، موضحة: «التزمنا بالشق المتعلق بنا من الاتفاق، وهم لم يلتزموا بالشق المتعلق بهم، ولكن هذا لا يعني أننا في إطار البحث عن بدائل».
وتزايدت التقديرات حول تفعيل «القوات» علاقتها مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» أو تيار «المستقبل» وحتى «حزب الله»، بالنظر إلى أن «الاشتراكي» يلتقي مع «القوات» في انتقاد باسيل، كما أن الحريري فتح باباً لترميم الخلل الذي يعقد تشكيل الحكومة عبر تنسيق لقاءات لرئيس «القوات» سمير جعجع ورئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط مع الرئيس عون، فضلاً عن أنه نُقل عن «حزب الله» أنه لا يمانع تولي وزير من «القوات» وزارة سيادية، خلافاً لما قيل عن أن الحزب يعارض تولي وزير «قواتي» حقيبة الدفاع أو الخارجية.
لكن مصادر «القوات» تؤكد أن الحزب يتعاطى بشكل منفصل مع كل طرف سياسي. وتصف العلاقة مع جنبلاط بأنها «علاقة تحالفية انتخابية، خضنا سوياً انتخابات 2005 و2009 و2018 وهو تحالف قائم وثابت لكن لا يعني أننا في إطار تشكيل جبهة سياسية». كما تشير إلى أن «علاقتنا بالحريري استراتيجية وسيادية لكننا لا نفكر للحظة بإعادة أحياء 14 آذار». أما العلاقة بـ«حزب الله»، فهي «علاقة داخل المؤسسات داخل الحكومة ومجلس النواب، وهذه حدودها وهذا سقفها»، مضيفة: «كنا نتعاون في الحكومة السابقة وعلى أمل أن نتعاون في الحكومة اللاحقة في ظل السقف الذي وضعه الحزب لجهة مكافحة الفساد، كما نأمل في أن نتمكن من تشكيل جبهة وطنية حقيقية تخلّص اللبنانيين من هذه الآفة الخطيرة». وقالت المصادر: «لا نبحث عن خيارات أخرى. لنا مساحة مشتركة معينة مع كل فريق تختلف نسبتها بين فريق وآخر، ولا أعتقد أن أحدا في لبنان بوارد العودة إلى منطق الجبهات».
وذكّرت «القوات» بأسباب تفاقم المشكلة التي أدت إلى تعليق «اتفاق معراب»، إذ اعتبرت مصادرها أن «اعتبارات باسيل الشخصية ومصالحه الذاتية ومشروعه الرئاسي لم تؤدّ إلى الإطاحة باتفاق معراب فحسب، بل أدت إلى ضرر كبير على مستوى العهد لأنه كان يفترض بهذه الحالة التنسيقية بين القوات والتيار والحالة الشعبية الواسعة التي أفرزتها الانتخابات أن تكون العمود الفقري للعهد وركيزته لكنه رفض التنسيق وأطاح بالتفاهم منذ اللحظة الأولى»، مضيفة: «ما رأيناه مؤخرا هو نتيجة كل الممارسات التي بدأت مع باسيل منذ قيام التفاهم، ولم يتعاط على قاعدة المساواة والشراكة».
ورغم ذلك، لا يعني انفراط الاتفاق أن الأمور تتجه إلى مكان مغلق، إذ تؤكد المصادر «أننا نحترم فخامة الرئيس عون، ولقاؤه مع جعجع كان ناجحاً». وقالت: «نعول على أن يستعيد الرئيس عون المبادرة التي أطاح بها باسيل من خلال رفضه للتهدئة، كما نعول على دور الحريري الذي اقترح على جعجع أن يلتقي عون كما اقترح على عون أن يلتقي جعجع وجنبلاط وبالتالي فإن كل هذه الأجواء الإيجابية التي ولدت الأسبوع الماضي كانت نتيجة الدور الذي أداه الحريري».
واعتبرت المصادر أن تصعيد باسيل كان ضد الرئيس المكلف وضد رئيس الجمهورية بالمباشر «وكلنا ثقة في أن الأمور ستستعيد وضعها الطبيعي من خلال ما سيقوم به الحريري وعون لأن البلد ليس محكوماً من قبل الوزير باسيل»، لافتة إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» هو «مجرد مكون ولا يختزل البلد ومؤسساته، ووضعه محدود ويحاول تكبير وضعه وحجمه».
في غضون ذلك، أعلن نائب رئيس الحكومة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني أن التهدئة الإعلامية بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» انتهت بعد الحلقة المسجلة لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل والمواقف التي أطلقها حيث تم الإفصاح عن «تفاهم معراب» في شكل ضبابي.
وقال حاصباني في حديث إذاعي: «لا أعتقد أن هناك حكومة قد تشكّل من دون فريق بحجم (القوات اللبنانية) وذلك من باب الشراكة والنجاح، لأن القوة تستمد من الشراكة، ولا علاقة لنشر «تفاهم معراب» بموضوع إقصاء «القوات» من الحكومة. وأكد حاصباني «أننا متفاهمون مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ونحن من الداعمين للرئيس والعهد ونعمل على إنجاحه، ويجب عدم المزج بين العهد والرئيس عون من جهة والمنظومة التي تعمل بالمحاصصة من جهة أخرى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.