أهالي قرى عراقية يستعدون للفرار من القصف التركي

قرى عند سفح جبل ديل في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
قرى عند سفح جبل ديل في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
TT

أهالي قرى عراقية يستعدون للفرار من القصف التركي

قرى عند سفح جبل ديل في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
قرى عند سفح جبل ديل في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)

يستعد العراقي فرزندة كاكو (61 عاماً) للفرار مجدداً من قريته ليلكان التي طالها القصف التركي على مواقع مفتَرَضة لـ«حزب العمال الكردستاني»، ضمن قرى أخرى، في سفح جبل ديل شمال شرقي إقليم كردستان العراق.
ويقول كاكو لـ«الشرق الأوسط»: «عندما وصلت طلائع القوات التركية إلى جبل ديل منتصف أبريل (نيسان) الماضي، نزحنا نحن، سكان 12 قرية كردية كائنة على سفوح الجبل، وبعد فترة وجيزة تلقينا عبر وسطاء تطمينات من الجيش التركي، بعدم التعرض لقرانا أو إيذاء سكانها، فعدنا أدراجنا، وفعلاً استقرَّ الوضع لبضعة أسابيع، لكن القوات التركية التي أقامت ثكنات لها في قمم الجبل، نكثت بوعودها».
وأوضح أن القوات التركية استأنفت منذ ليل أول من أمس «القصف المدفعي العشوائي لمحيط قرانا، وعلى مدى ساعات النهار وبمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مستهدفة مزارعنا وحقولنا ومواشينا التي نفقت منها العشرات من جراء ذلك، فيما بدأت المروحيات القتالية التركية بالإغارة على المنطقة أثناء الليل».
ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من الجيش التركي عن القصف في محيط جبل ديل.
ويؤكد كاكو أنه «لم يبقَ أمامنا سوى الفرار مجدداً من قرانا صوب المناطق البعيدة عن منطقة برادوست (المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا)، بعد استئناف القصف المدفعي الثقيل نهاراً والغارات الجوية بالمروحيات الحربية ليلاً».
ويروي المزارع شير عبد الله (41 عاماً)، وهو من سكان قرية نزاري المجاورة لقرية كاكو، أن «القصف المستمر يرعب القرويين ويرغمهم كل ساعة على الفرار نحو الملاجئ التي حفروها في باحات منازلهم، لدرء المخاطر عن أفراد أسرهم، وهم يعيشون في هلع وخوف وقلق دائم، خشية على حياتهم ومصائرهم، ولو استمر الوضع كذلك فإنهم سيضطرون إلى النزوح ثانية من قراهم».
وأشار إلى أن «مسلحي حزب العمال الكردستاني الذين تبحث عنهم القوات التركية غادروا المنطقة ونقلوا مقراتهم إلى مناطق أخرى، ولم يعد لهم وجود في المنطقة، والجانب التركي يعلم ذلك جيداً، فلماذا تقصف قواته قرانا؟!».
وكانت القوات التركية توغلت بعمق 27 كيلومتراً في مناطق من إقليم كردستان العراق منذ أبريل الماضي «لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني» ضمن المثلث الحدودي مع العراق وإيران، حتى وصلت إلى قمم الجبال المطلة على بلدة سيدكان التي تبعد عنها حالياً 16 كيلومتراً فقط.
ويقول مدير ناحية سيدكان إحسان الجلبي إن «هناك 115 قرية تابعة للناحية نزح عنها سكان منذ بدء الصراع المسلح في المنطقة بين حزب العمال الكردستاني وتركيا عام 1984، فيما لا تزال 145 قرية آهلة بالسكان، لكن أهلها لا يشعرون بالاطمئنان بسبب تجدد القتال بين الطرفين بين الحين والآخر».
وأضاف الجلبي لـ«الشرق الأوسط»: «رأينا أن نقيم مخيمات لإيواء القرويين الذين قد ينزحون بفعل احتدام القتال في المنطقة، لكننا عدلنا عن الفكرة خشية أن يستغل عناصر حزب العمال المخيمات للإيواء والاختباء. ونتخذ التدابير الكفيلة بإيواء النازحين، لا سيما أننا نتوقع أن يواصل الجيش التركي توغله بعد تشكيل الحكومة الجديدة في أنقرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».