محادثات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب لـ«منطقة آمنة»

TT

محادثات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب لـ«منطقة آمنة»

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن إسرائيل تدير مباحثات مكثفة مع دمشق عبر روسيا، ترمي للتوصل إلى إقامة منطقة آمنة منزوعة السلاح في الجنوب السوري والجزء الشرقي من هضبة الجولان؛ ذلك لإيواء النازحين السوريين من محافظة درعا. وأضافت، إن هذه المباحثات تتم أيضاً بمشاركة ممثلي قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (أندوف)، التي تقوم بالتنسيق بين الجانب الإسرائيلي والنظام السوري.
وذكرت المصادر، أن المباحثات وصلت إلى مرحلة متقدمة نسبياً، في مجال تنظيم مخيمات للنازحين من محافظة درعا، الهاربين من العملية العسكرية الدموية التي يشنها النظام السوري بدعم الطيران الروسي في المناطق الحدودية جنوبي مرتفعات الجولان. وأن نظام الأسد وافق على المشروع وباشر التنسيق مع الجيش الإسرائيلي بشأنه. وأصرت إسرائيل على أن يكون غالبية النازحين في منطقة بعيدة عن حدودها، واشترطت أن يقام مخيم واحد قرب حدود فصل القوات في الجولان، على بعد 100 متر على الأقل، حتى يمنع أي احتكاك بينهم وبين الإسرائيليين.
وتهدف المباحثات التي تديرها الأمم المتحدة عبر قوات «أندوف» إلى مراقبة شروط فض الاشتباك في الجولان، بما في ذلك منع تدفق السلاح إلى المناطق الحدودية، إضافة إلى محاولات السيطرة على عمليات النزوح ومنع إقامة مخيمات عشوائية، وامتناع قوات الجيش السوري إلى مناطق الحظر. وقال مسؤول إسرائيلي، إن جنوده تلقوا أوامر بإطلاق النار على المسلحين الذين يخرقون شروط فصل القوات، على طول الحدود. وحذر بشكل خاص قوات النظام التي تستهم لدخول مدينة القنيطرة الجديدة المحاذية للحدود.
وبحسب شهود عيان، فإن قوات «أندوف» أجرت المباحثات مع ممثلين عن نظام الأسد تحت عنوان «البحث عن سبل تحقيق الاستقرار في المنطقة»، وإن «أندوف» وسّعت بالفعل من دائرة نشاطها ليشمل مناطق في العمق السوري، وكل ذلك بالتنسيق مع نظام الأسد.
من جهته، عزز جيش الاحتلال الإسرائيلي من تواجده العسكري في الطرف المحتل من الجولان السوري، استعداداً لإمكانية عبور مئات النازحين نحو المناطق الحدودية، وذلك مع ارتفاع عدد النازحين في الجنوب السوري والذي تجاوز الـ330 ألف شخص بحسب معطيات الأمم المتحدة.
في السياق ذاته، أمضى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، أول من أمس، في الجولان برفقة رئيس وحدة العمليات العسكرية ورئيس قسم التحقيقات في وحدة مخابرات الجيش وقائد اللواء الشمالي وأنه اطلع على «تطورات العملية العسكرية التي أطلقها قوات النظام السوري بدعم من الميليشيات التابعة لإيران و(حزب الله) اللبناني وإسناد جوي روسي، على المناطق الخاضعة للمعارضة جنوب سوريا. وقال الجيش الإسرائيلي، إنه «يراقب الوضع في سوريا ويستعد لمجموعة من السيناريوهات من أجل الحفاظ على الوضع الأمني في المنطقة المجاورة للحدود».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.