مشروع توسعة الحرم النبوي.. يقفز بأسعار الأراضي في المدينة المنورة

ارتفعت بنسبة تصل إلى 70 في المائة

جانب من الحرم النبوي في المدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
جانب من الحرم النبوي في المدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
TT

مشروع توسعة الحرم النبوي.. يقفز بأسعار الأراضي في المدينة المنورة

جانب من الحرم النبوي في المدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
جانب من الحرم النبوي في المدينة المنورة («الشرق الأوسط»)

قدر عقاريون ارتفاع أسعار الأراضي في منطقة المدينة المنورة (شمال غربي السعودية) خلال الثلاثة أشهر الماضية بنسبة تصل إلى 70 في المائة كحد أعلى، مقارنة بما سجله قطاع العقار في المنطقة من ارتفاع تدريجي منذ الإعلان عن مشروع توسعة الحرم النبوي، مع توقعات بأن تستمر حالة السوق العقاري في ارتفاع خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأرجع مختصون، أسباب الارتفاع لعدة عوامل في مقدمتها عدم وضوح الرؤية عن مشروع التوسعة للمسجد النبوي، وتباطؤ أمانة المنطقة في إنهاء إجراءات التطوير العقاري لأكثر من عامين، في ظل ارتفاع الطلب وقلة المعروض من المساحة البيضاء التي يمكن استغلالها في إنشاء المباني والمرافق والخدمات العامة.
وتعد المدينة المنورة، ثاني مدينة مقدسة في الإسلام، وتحتل مكانة لدى المسلمين، وهي الوجهة الثانية بعد أداء مناسك الحج أو العمرة للمقبلين من خارج المملكة، فيما يرتادها سنويا أكثر من 3 ملايين زائر، الأمر الذي يدفع الجهات المعنية المسؤولة عن تطوير المدينة المنورة، التي تبلغ مساحتها قرابة 589 كلم2، تشغل المناطق العمرانية نحو 293 كلم2 من المساحة الإجمالية، فيما تشغل الجبال والأودية ومجاري السيول والحدائق العامة وشبكة الطرق المساحة المتبقية، على اتخاذ خطوات متوازنة لمواجهة التزايد المتسارع في أعداد السكان.
وقال غازي قطب رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية والصناعية في المدينة المنورة، إن من أسباب ارتفاع العقار في المنطقة الذي بدأ منذ عام، تاريخ اعتماد توسعة المسجد النبوي، عدم وجود أراض مخصصة ومساحات بيضاء للبيع، وما هو مسموح للاستثمار في السوق لا يضاهي الطلب المتزايد، خاصة في ظل الزيادة السكانية، التي يقابلها تدني المواقع السكنية.
وأضاف قطب أن الزيادة في أسعار الأراضي وارتفاعها بنسبة 70 في المائة في الأشهر الأربعة الأخيرة، مرتبط بعدم وجود منهجية واضحة من العاملين على تنفيذ مشروع توسعة المسجد النبوي، فيما يتعلق بموعد إطلاق المشروع والتحرك فيه، وآلية إزالة المباني في المنطقة المخصصة غير المعلومة لدى العامة والمهتمين بالشأن العقاري، كذلك عدم معرفة قيمة التعويضات المتاحة لملاك المباني.
وتوقع رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية بالمدينة المنورة، أن يستمر ارتفاع أسعار الأراضي ليصل إلى أرقام خيالية خلال السنوات الخمس المقبلة، خاصة تلك الواقعة داخل الحد الشرعي للمدينة المنورة، التي يفوق سعرها أضعاف قيمة الأراضي التي هي خارج الحد وفي الضواحي.
وتشهد منطقة المدينة المنورة عملية تطوير لاستيعاب العدد المتزايد من السكان، فبحسب المخطط الشامل لهيئة تطوير المدينة المنورة، توقعت أن يصل عدد السكان في المدينة الدائمين حتى عام 2040 إلى نحو 2.62 مليون نسمة، فيما سيصل عدد الزائرين للمدينة نحو 12.2 مليون زائر على مدار العام.
وبحسب هيئة تطوير المدينة المنورة، فإن الأراضي متوفرة في المنطقة لتلبية احتياجات أعداد المقيمين والزوار على مدار 30 سنة المقبلة، إلا أن منح الأراضي المستمر والاستثمار الماضي في نظام الخدمة البلدية في مناطق الضواحي أدى إلى وجود تطوير مبعثر وغير فعال.
وأوصت هيئة تطوير المدينة، بإنشاء مشروعين أو ثلاثة للإسكان في المدى المنظور، وتوزيعها في جميع الاتجاهات بعيدا عن المنطقة المركزية، على أن توضع الأراضي المخصصة للإسكان بأسعار معقولة في المناطق البعيدة عن المنطقة المركزية في الاحتياطي أو تستعمل في تجارة الأراضي للمواقع الأقرب للمنطقة المركزية التي ستكون قريبة من مرافق النقل العام، إضافة إلى الحصول على 88 هكتار أراض وتحويلها إلى ساحة مفتوحة للاستعمال العام، مع أحجام الأبنية لتكون مرنة بصورة تكفي لاستيعاب مجموعة منوعة من أنواع الإسكان.
والزيادة وفقا لهيئة تطوير المدينة المنورة، ستتركز في الطلب على الخدمات والمرافق والسكان والفراغات بالقرب من المسجد النبوي، الأمر الذي سينتج عنه ضغوط عمرانية داخل وحول المنطقة المركزية القائمة، وسيساهم الضغط العمراني المتزايد الذي يتضمن طلبات سكنية في التحفيز نحو تحويل وتطوير ساحات مفتوحة مناسبة مع تطوير تلك المناطق العشوائية لمواكبة كم ونوع الطلب، فيما سيكون هناك حاجة إلى تحسين البنية التحتية والخدمات الاجتماعية والنقل، للسكان والزائرين والبضائع.
ولمواجهة هذه التحديات العقارية قال رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية بالمدينة المنورة، إن من أبرز الحلول والعاجلة لضبط عمليات البيع وتوفر العرض الموازي للطلب، ويجب على أمانة المنطقة تقليص الفترة الزمنية إجازة التطوير العمراني، وإن استمر الحال ستزداد المشكلات في المرحلة المقبلة، خاصة أن هناك الكثير من ملاك المباني لم يسلموا أوراق وصكوك ملكيتهم إلى إدارة مشروع توسعة المسجد النبوي.
من جهته يرى علي أحمد، عقاري، ضرورة ضبط السوق بوجود آلية وجدول زمني مطروح من الجهة المشرفة على التوسعة، حول المباني المزالة وعددها لمنع عمليات الاندفاع بشكل غير مسبوق في عمليات الشراء للأراضي خارج نطاق المنطقة المركزية، موضحا أن أسعار الضواحي للمدينة ارتفع ارتفاعا مضاعفا بخلاف الأراضي الواقعة ضمن الحد الشرعي التي وصلت إلى أرقام قياسية.
وأجمع عدد من المهتمين بالشأن العقاري، على أهمية تسريع إجراءات أوامر التخطيط وتحويل صكوك الأراضي داخل الدائري الثاني والثالث من زراعي إلى سكني، إذا يقول أحمد مبارك عقاري، إن عملية تسريع الإجراءات ستسهم في تقليص الفجوة بين العرض والطلب وضبط الأسعار، إضافة إلى إنشاء جهة مخولة بمراقبة سوق العقار في المنطقة لمنع التجاوزات من المستثمرين في هذا القطاع.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».