تبادل الاتهامات بين الكرد والتركمان حول {تزوير الانتخابات} في العراق

TT

تبادل الاتهامات بين الكرد والتركمان حول {تزوير الانتخابات} في العراق

لليوم الثاني على التوالي تواصلَتْ عملية العد والفرز الجزئي لنتائج الانتخابات النيابية في كركوك وسط ترقب حذر لما يمكن أن تسفر عنه. وكانت محافظة كركوك المتنازع عليها بين مكوناتها الثلاثة (العرب والكرد والتركمان)، الخاضعة للمادة 140 من الدستور العراقي، شهدت اعتصاماً مفتوحاً استمرَّ لأسابيع بعد إجراء الانتخابات في 12 مايو (أيار) الماضي بسبب ما اعتبروه تزويراً واسعَ النطاق لصالح طرف سياسي معين (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني). وشارك في الاعتصام آلاف المواطنين العرب والتركمان حيث طوق المعتصمون مبنى مخازن كركوك ورفضوا تسليم الصناديق ما لم يتم اللجوء إلى العد والفرز الكلي.
وكانت بدأت منذ يوم أول من أمس (الثلاثاء) عملية العد والفرز الجزئي للصناديق المطعون في نزاهتها، التي قدمت بشأنها شكاوى إلى المفوضية، الأمر الذي أدى بالبرلمان العراقي إلى التصويت على التعديل الثالث لقانون الانتخابات لعام 2013، الذي ينص في إحدى فقراته على أن تتم إعادة العد والفرز اليدوي بشكل شامل في العراق مما شكل تهديداً للعملية الانتخابية واحتمال حصول فوضى في الشارع العراقي، الأمر الذي أتاح للمحكمة الاتحادية العليا إلزام مجلس المفوضين الجديد المكون من قضاة انتدبهم مجلس القضاء الأعلى بالبدء بالعد والفرز الجزئي لا الكلي.
وفي هذا السياق يقول النائب السابق في البرلمان العراقي عن محافظة كركوك ونائب رئيس الجبهة التركمانية حسن توران لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي من المبكر التنبؤ بأية نتيجة حتى الآن، لا سيما إننا ما زلنا في اليوم الثاني من هذه العملية لكنها لن تؤدي إلى حل الأزمة في كركوك».
وأضاف توران أن «الصناديق التي تم فحصها خلال اليومين الماضيين هي 23 صندوقاً من بين 500 صندوق مطعون في نتائجها، وبالتالي فإننا نحتاج إلى بعض الوقت لكي نستطيع أن نعرف ما إذا كان هناك تغيير كبير أو صغير»، مشيراً إلى أن «ممثلي الكيانات السياسية موجودون داخل المكان الذي تجري فيه عملية العد والفرز اليدوي، ويسلمون النتائج أولاً بأول وبصورة رسمية».
وأوضح توران: «إننا واثقون من أن هذه العملية سوف تشكل ما نسبته 25 في المائة من التغيير في النتائج، وتكشف التزوير في إطار هذه النسبة، لكنها لن تعالج المشكلة ما لم يتم إجراء فحص بعملية العد والفرز اليدوي لكل الصناديق في كركوك، البالغة نحو 1196 صندوقاً، وبالتالي يتوجب فتح كل الصناديق وفرزها وليس المطعون بها فقط».
وفي مسلسل تبادل الاتهامات بين الكرد والتركمان، اتهم النائب السابق عن الاتحاد الوطني الكردستاني، شوان داودي، أمس (الأربعاء)، الجبهة التركمانية بالتلاعب بصناديق الاقتراع بعد وضعها في مخازن المفوضية.
ويقول داودي إن «الجبهة التركمانية أصابت تركيا بخيبة أمل، والآن نتيجة الانتخابات لا تروق لتركيا وتحاول بكل الوسائل تغيير المعادلة لأنها أصيبت بفشل ذريع أمام إيران في كركوك ونينوى وصلاح الدين، وهي الآن تريد التغيير بأي ثمن».
وأوضح أن «صناديق الاقتراع تم التلاعب بها منذ اليوم الأول من وضعها في مخازن المفوضية ولهذا الغرض قاموا بطرد موظفي المفوضية الكرد»، لافتاً إلى أن «عدد الصناديق هو 186 وهذا يعني أنه حتى لو أظهرت كل الأصوات التي فيها النتائج لصالحنا فلن نثق بها لأن أقفال تلك الصناديق قد كُسِرت، وهناك أدلة لدينا تؤكد تغيير الأقفال بأخرى، وأنها لا تحمل الأرقام التي كانت تحملها الأقفال السابقة في يوم الانتخابات».
وبيّن داودي أنه «في حال استمرت الجبهة التركمانية ومن معها في التحايل والتلاعب، فإن ذلك سيؤدي إلى عدم استقرار وفوضى في كركوك لا تحمد عقباها».
وفي السياق نفسه، استبعد مقداد الشريفي رئيس الدائرة الانتخابية السابق في مفوضية الانتخابات حصول تغيير كبير في النتائج نتيجة العد والفرز اليدوي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال الشريفي إن «النتائج في كركوك خصوصا لن تتغير كثيرا بل يمكن القول إنها تبقى مثلما هي»، مشيراً إلى أن «الهجمة الإعلامية والسياسية بشأن عمليات التزوير كانت مبالغاً فيها رغم وجود تزوير وخروقات لكنها ليست من النوع الذي تطلب كل هذه الإجراءات».
وأشار الشريفي إلى أن «التركمان قد يخسرون هذه الجولة لأن الأزمة هناك بين التركمان هي في فوز مرشحين شيعة، بينما المطلوب فوز مرشحين سُنّة مما يعني تغيير النتيجة في حال حصل تبادل بين الفائزين داخل الكيان ذاته».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.