خلفت قضية «قناطير الكوكايين»، التي تم حجزها نهاية مايو (أيار) الماضي بميناء وهران بغرب الجزائر، تغييرات مهمة في صفوف أجهزة أمنية مرتبطة بالتحقيق في الفضيحة. وأعلن أمس عن تنحية قائد جهاز الدرك اللواء مناد نوبة، الرجل القوي في جهاز الأمن الجزائري.
وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد أنهى الأسبوع الماضي مهام مدير الشرطة اللواء عبد الغني هامل، على إثر ذكر اسم نجله واسم سائقه الشخصي في الفضيحة التي أثارت زلزالا سياسيا في البلاد.
وأذاعت وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني، أمس، خبر تنحية نوبة بعد سنوات من الخدمة في جهاز الدرك التابع للجيش، وهو أحد ركائز منظومة الحكم في البلاد. وأوضحت أنه تم استخلافه بقائد الأركان بالجهاز نفسه الجنرال غالي بلقصير، الذي تنسب له سلطات كبيرة، ولا يتردد قطاع من المراقبين في وصفه بـ«مدير المخابرات الفعلي»، قياساً إلى نفوذه الكبير. ويترأس المخابرات منذ 2015 اللواء بشير طرطاق، الذي استخلف الفريق محمد مدين، بعد أن أحيل على التقاعد في ظروف غامضة.
ولم تذكر وزارة الدفاع سبب إنهاء مهام نوبة، لكن ارتباط اسمه بقضية الكوكايين أضحى مزعجاً بالنسبة للسلطات العليا، خصوصاً رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح. واختارت السلطات مناسبة هامة لإجراء هذا التغيير، وهي مرور 56 سنة على استقلال البلاد (5 يوليو /تموز/ 1962)، التي تشهد عادة تغييرات في صفوف مؤسسات الجيش، تمس في الغالب ضباطاً «مغضوب عليهم».
وأشرف الجنرال بلقصير بنفسه على التحقيقات في قضية «7 قناطير من الكوكايين»، التي حجزها خفر السواحل على ظهر سفينة ليبيرية في عرض البحر، عندما كانت قادمة من إسبانيا. وقد انطلقت هذه السفينة مطلع مايو الماضي من البرازيل، محملة بأطنان من اللحوم الحمراء، كانت شحنة منها موجهة لأفراد الجيش بمئات الثكنات.
وبينت التحقيقات أن السفينة أجّرها رجل في الأربعينات يدعى كمال شيخي، معروف داخل الجزائر بنسج شبكة علاقات واسعة في الحكومة وفي أوساط المسؤولين والموظفين الحكوميين، وفروا له تغطية سياسية وقانونية، كانت سبباً في بناء ثروة مالية ضخمة. وفي مقابل هذا الامتياز كان شيخي سخياً مع «عملائه». ويوجد شيخي الملقب «البوشي» (الجزار)، وشقيقان له وأحد شركائه في السجن، بمعية قاضيين متورطين في القضية.
وأثناء التحقيق تبين أن مسؤولين بارزين ضالعون في قضية أخرى، ذات صلة غير مباشرة بالمخدرات، تتمثل في مشروعات عقارية ضخمة أقامها شيخي في الجزائر العاصمة وولايات أخرى، وذلك بفضل تسهيلات وامتيازات توفرت له دون غيره من «رجال الأعمال والمستثمرين». وبسبب هذه الشبهات أضحت «العمارات التابعة لشيخي» في الأشهر الماضية محل جدل في الأوساط الشعبية وحتى الطبقة السياسية، واتضح لاحقاً أن العقارات كانت بمثابة غسل أموال، مصدرها المخدرات الصلبة.
وممن جاء على ذكرهم في التحقيق، الذي أجراه الدرك، اللواء هامل الذي غضب بشدة لما نشرت الصحافة اسمه. وقال مقربون منه إنه «كان يشتم رائحة الزج به في السجن»، ولهذا السبب أطلق في 26 من يونيو (حزيران) الماضي تصريحات بخصوص قضية الكوكايين كانت بمثابة قنبلة، حيث قال: «أقولها بصراحة. لقد وقعت في التحقيقات الابتدائية تجاوزات وخرق للقانون. ولحسن الحظ أن القضاة لم يتركوا القضية تتميع»، في إشارة إلى جهاز الدرك. كما كان يشير إلى أن القضاء عندما تولى التحقيق في القضية رفض استدعاءه بغرض التحقيق، ويعني ذلك أن جهة ما تدخلت فأبعدته هو وسائقه (رجل أمن) ونجله من القضية. وقال هامل أيضاً «إذا أردت أن تحارب الفساد، عليك أن تكون نظيفاً»، وكررها مرتين، وكان يقصد بذلك الجنرال بلقصير، بحجة أنه متورط في الفضيحة. ويبدي الشارع الجزائري عبر وسائط «التواصل الاجتماعي» مخاوف من أن يتم قبر القضية، خصوصاً مع تواتر «أسماء ثقيلة» ذكرها شيخي أثناء التحقيق، وظهور بعضها في أشرطة فيديو صورها أثناء تسلمهم رشى وهدايا من يديه. ويستحضر الكثيرون في هذا السياق قضية «بنك الخليقة» عام 2003، إذ تم إنزال عقوبات ثقيلة بالسجن ضد مسؤولين من درجات دنيا، فيما أفلت من العقاب مسؤولون سياسيون، منهم وزراء ثبت تورطهم في اختلاس 3 مليارات دولار من المال العام.
الجزائر: إنهاء مهام قائد الدرك بعد تنحية مدير الشرطة
تغييرات مهمة في جهاز الأمن في سياق فضيحة «قناطير الكوكايين»
الجزائر: إنهاء مهام قائد الدرك بعد تنحية مدير الشرطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة