المغرب: نواب يدعون إلى المصالحة لطي «ملف الريف»

العثماني: القضاء في بلدنا مستقل ووفق أحدث المعايير الدولية

TT

المغرب: نواب يدعون إلى المصالحة لطي «ملف الريف»

دعا نواب مغاربة من الأغلبية والمعارضة إلى المصالحة، وطي ملف احتجاجات الريف، قصد تجاوز التداعيات التي خلفتها الأحكام «القاسية» التي صدرت في حق معتقلي الحسيمة.
وقال إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، التي عقدت مساء أول من أمس، إن احترام فريقه «لاستقلالية السلطة القضائية، وإيمانه بأدوارها المهمة في صون الحقوق والحريات، وترسيخ الأمن القضائي، لا يعني أنه سيتغاضى أو يقصر في التعبير عما يعتمل في المجتمع، وعن الصدمة جراء الأحكام القاسية الصادرة في حق نشطاء الحراك الاجتماعي في الحسيمة».
وأوضح الأزمي أنه لا يمكن التطرق إلى هذه القضية بمعزل عن سياقها السياسي الحاكم، مشيراً إلى أن الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة «ذات طابع وأهداف حقوقية واجتماعية وتنموية صرفة، ولا يمكن معالجتها إلا في إطار مقاربة سياسية وحقوقية وتنموية لمعالجة أصل الاختلالات، عوض الاكتفاء بمعالجة أعراضها».
وقال الأزمي إن المسار القضائي لمعتقلي الريف سبقته وواكبته تفاعلات ومواقف سياسية ورسمية تقر بمشروعية مطالب حراك الحسيمة، وألحت على ضرورة الاستجابة لها، ونجمت عنه تبعات سياسية كبيرة في خضم هذا السياق. كما أعلن الأزمي دعم فريقه لكل المبادرات الهادفة إلى معالجة هذا الملف «بما يضمن المزيد من الثقة في البلاد ومؤسساتها، وبالأخص في القضاء»، معبراً عن أمله في أن تستثمر كل الإمكانات الدستورية والقانونية والقضائية المتوفرة، بما يسمح بطي هذا الملف نهائياً، لما فيه مصلحة البلاد.
من جهته، حمل نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي المعارض، الحكومة مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع في الحسيمة، ودعا إلى «إيجاد الحلول الممكنة لطي هذا الملف نهائياً، والاستجابة لمطالب السكان المتعلقة بالعدالة الاجتماعية».
بدوره، قال توفيق الميموني، النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إن فريقه «وانطلاقاً من إيمانه باستقلالية السلطة القضائية، فإنه يعبر عن أسفه الشديد تجاه الأحكام التي صدرت في حق المعتقلين على خلفية احتجاجات الريف، ويعتبرها قاسية جداً وغير متماشية مع ما راكمته بلادنا في المجال الحقوقي».
ووجه الميموني انتقادات شديدة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وخاطبه قائلاً: «إن سياساتكم الحكومية، وبدل أن تذهب مباشرة إلى معالجة المشكلات المطروحة، تتخفى وراء الكلام المعسول والوعود الحالمة، والأكثر من ذلك فإنها تتجه نحو المزيد من تأزيم الأوضاع، وتقليب المواجع وتسميم الأجواء، وذلك بعدم التدخل لوقف نزيف تداعيات الأحداث والوقائع الحالية في عدد من مناطق الجهة، والتصريحات الإعلامية غير المسؤولة».
ورداً على انتقادات النواب ومداخلاتهم خلال الجلسة، التي خصص محورها الأول لـ«خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان»، التي هيمنت عليها الأحكام التي صدرت ضد معتقلي الحسيمة، قال العثماني إنه لا يمكنه أن يفرح بسجن أي مواطن، وأنه تعرض شخصياً للاعتقال في ظروف صعبة بسجن «مولاي الشريف» بالدار البيضاء «عندما لم تكن هناك أي معايير دولية في سجوننا»، موضحاً أنه «من عاش تجربة السجن الأليمة، لا يمكن إلا أن يشعر بألم ومعاناة أي مواطن تعرض لتجربة مماثلة، وأن يكون مع العائلات والأسر التي يعتقل أبناؤها». وتعليقاً على الأحكام التي صدرت في حق معتقلي حراك الريف، قال العثماني: «هذا حكم قضائي، والقضاء مستقل، وأنا ممنوع علي دستورياً وقانونياً التدخل في عمل القضاء، وأريد أن أقول للبرلمانين إن القضاء في بلدنا مستقل، وفق أحدث المعايير الدولية».
وأوضح العثماني أنه «كما لا يمكن للسلطة التنفيذية أن تتدخل في البرلمان، فالسلطة التشريعية أيضاً لا يمكنها أن تتدخل في القضاء وفي قراراته»، موضحاً أنه لم يطلع على حيثيات القرار الذي اتخذه القضاء، وعلى وثائق الملف، الأمر الذي لا يخول له أبداء رأيه الشخصي في الموضوع، لافتاً إلى أن هناك أملاً في المراحل المقبلة من التقاضي في مراجعة تلك الأحكام.
ودعا العثماني النواب إلى عدم الطعن في مؤسسة القضاء لمجرد أن الأحكام لم تعجبهم، وشدد على أن «رفع منسوب الشفافية والنزاهة في القضاء أمر موكول اليوم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ولا شك أنه واع بكل هذا، ويقوم بالإجراءات الضرورية في هذا الاتجاه».
وفي سياق متصل، أكد العثماني أن الحكومة تفاعلت مع مختلف الحركات الاحتجاجية وفق مقاربة شمولية، تبدأ من الحوار والإنصات وتنفيذ المشاريع الاجتماعية، مشيراً إلى أن «أعلى المسؤولين، من وزراء وولاة وعمال، نزلوا عند المحتجين وتحاوروا معهم»، وأنه في سنة 2017 وصل عدد المظاهرات والاحتجاجات إلى 17 ألفاً و500 مظاهرة في كل أنحاء المغرب. وفي الستة أشهر الأولى من 2018، كانت هناك أكثر من 6 آلاف مظاهرة، حسب أرقام وزارة الداخلية، مما يعني أن حق التظاهر مكفول بالمغرب، حسب تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».