لمحت الحكومة التركية إلى أن الانتخابات المحلية المقرر لها مارس (آذار) المقبل قد يتم تقديم موعدها إلى نوفمبر (تشرين الثاني)، نزولا عند رغبة الرئيس رجب طيب إردوغان في استغلال «الجو الانتخابي» في البلاد.
وغذت تصريحات أدلى بها، أمس، وزير الزراعة والثروة الحيوانية أحمد أشرف فاقي بابا، تكهنات ظهرت عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية حول احتمالات تقديم موعد الانتخابات المحلية إلى نوفمبر، حيث قال: «مثل هذا الإجراء سيكون الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به». ولم تبد أحزاب المعارضة قلقا تجاه هذه التصريحات، لافتة إلى أنها كانت تتوقع مثل هذا الأمر في ظل الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وأنها مستعدة لهذه الانتخابات.
وجاءت تصريحات الوزير التركي وسط تكهنات واسعة حول استعدادات يجريها حزب العدالة والتنمية الحاكم لتقديم موعد الانتخابات، بعد أن قال الرئيس رجب طيب إردوغان خلال ترؤسه اجتماع اللجنة المركزية والمجلس التنفيذي للحزب يوم الجمعة الماضي، إن «حزب العدالة والتنمية لن يخرج من الجو الانتخابي». وتابع إردوغان: «سنستعد للانتخابات المحلية بينما لا يزال هناك جو انتخابي في البلاد».
وعزز من التكهنات القرار الذي اتخذ في الاجتماع نفسه، بتقديم موعد المؤتمر العام الاعتيادي السادس لحزب العدالة والتنمية الحاكم ليعقد في 18 أغسطس (آب) المقبل، بدلا عن موعده الاعتيادي في نهاية العام الحالي.
وقال فاقي بابا إنه استند في توقعه تقديم موعد الانتخابات على تجربته الشخصية، مشيرا إلى أن السنة الأولى بعد الانتخابات عادة ما تضيع في الاستعدادات والتوجيه، وأنه سيكون من الأفضل قضاء الأشهر الأخيرة من السنة في مثل هذه الاستعدادات، فتقديم موعد الانتخابات يعني أن رؤساء البلديات والأحياء سيحصلون على عام آخر وسيعملون بأريحية.
وسيتطلب تقديم موعد إجراء الانتخابات المحلية تعديلا دستوريا، حيث ينص الدستور على إجراء هذه الانتخابات كل خمس سنوات، ولا يمكن إجراء تعديل دستوري إلا بتصويت أغلبية الثلثين في البرلمان (ما يعادل 400 من أصل 600 نائب). وفي ظل عدم امتلاك «تحالف الشعب»، المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، هذه الأغلبية حيث يبلغ عدد مقاعدهما معا 343 مقعدا فقط، ستكون هناك حاجة إلى أصوات من أحزاب المعارضة للحصول على الموافقة على إجراء انتخابات محلية مبكرة.
وأبدى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، توجها إيجابيا تجاه احتمالات تقديم موعد الانتخابات. وقال نائب رئيس الحزب، سيد تورون، إن تشكيلات الحزب بدأت الاستعدادات للانتخابات المحلية حيث طلبت إدارة الحزب من فروعه في مختلف الولايات أن تكون مستعدة لتاريخ مبكر للانتخابات، مضيفا: «حزبنا مستعد لإجراء انتخابات محلية مبكرة. لقد اتخذنا تدابيرنا، وسنواصل القيام بذلك».
واعتبر باريش ياركاداش، نائب الحزب عن مدينة إسطنبول، أن تقديم حزب العدالة والتنمية الحاكم موعد مؤتمره العام إلى 18 أغسطس، مؤشرا على الاستعداد لإجراء انتخابات محلية مبكرة، مشيرا إلى أنه يعتقد أن التاريخ سيكون يوم 4 نوفمبر المقبل.
ورأى ياركاداش في تغريدات على «تويتر»، أن الحزب الحاكم يريد إجراء الانتخابات المحلية في أقرب فرصة ممكنة، قبل أن تزداد الأزمة الاقتصادية في البلاد سوءاً، وتظهر آثارها على المواطنين.
من جانبه، أعلن حزب «الجيد» أنه سيقوم بتقييم إجراء الانتخابات المحلية مبكرا في إدارة الحزب، وسيقرر الحزب ما إذا كانت هذه الانتخابات ستكون ضرورية من حيث المؤشرات الاقتصادية لتركيا، وكفاح تركيا ضد الإرهاب.
على صعيد آخر، بدأت الشرطة التركية عملية أمنية في 19 ولاية في أنحاء البلاد، أمس، لاعتقال 68 عسكرياً بتهمة التورط المحتمل في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016. والارتباط بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي تتهمها السلطات بتدبير هذه المحاولة.
وبين المشتبه بهم 19 ضابطاً عاملاً، بينما الباقون برتبتي عقيد وعميد تم تسريحهم من الخدمة بعد التحقيق معهم في الاتهام نفسه.
ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تعرض للاعتقال أو الإيقاف عن العمل عشرات الآلاف من العسكريين ورجال الشرطة والقضاة، والمعلمين، والموظفين الحكوميين، والصحافيين والنواب لاتهامهم بالانتماء لجماعة غولن أو دعمها، بينما يرى حلفاء تركيا في الغرب والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان أن الرئيس التركي استغل هذه المحاولة من أجل التخلص من معارضيه.
وبحسب الأمم المتحدة، تم حبس أكثر من 160 ألفا وفصل عدد مماثل من وظائفهم في مختلف قطاعات الدولة بتهمة الارتباط بحركة غولن في أوسع عملية تطهير في ظل حالة الطوارئ المفروضة في البلاد. وتقول الحكومة إنها مطلوبة من أجل القضاء على أي تهديدات أمنية.
في السياق ذاته، توفي زكي جوفان الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات في مديرية أمن أنقرة، الذي اعتقل بشبهة الارتباط بحركة غولن داخل محبسه بسبب نوبة قلبية، بحسب ما أعلن مكتب المدعي العام في أنقرة. ويعتقد أن جوفان كان واحدا من كبار أعضاء حركة غولن الذين تم زرعهم داخل جهاز الشرطة، وقد تم توقيفه بتهمة الانضمام إلى «منظمة إرهابية»، في إشارة إلى حركة غولن.
وكان آخر منصب تولاه جوفان هو منصب مساعد مدير أمن ولاية بولو (غرب)، قبل طرده من هذا المنصب بسبب صلته المزعومة بحركة غولن. وقُبض على جوفان وزوجته سيفدا، وهي قاضية سابقة فصلت من عملها عقب محاولة الانقلاب، في مركز تجاري في ولاية إسكي شهير (وسط) في يونيو (حزيران) الماضي، بتهمة الارتباط بحركة غولن.
وكان جوفان أحد 171 مشتبها بهم خضعوا للمحاكمة في أنقرة بتهمة التورط في فضيحة شريط الفيديو الفاضح لرئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض السابق دنيز بيكال مع نائبة الحزب السابقة نسرين بايتوك، الذي انتشر على المواقع الإلكترونية في عام 2010 وفضائح مماثلة لبعض مسؤولي حزب الحركة القومية السابقين.
تركيا: توجه لعقد انتخابات محلية مبكرة في نوفمبر
إردوغان يريد استغلال زخم تقدمه... والمعارضة أكدت استعدادها
تركيا: توجه لعقد انتخابات محلية مبكرة في نوفمبر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة