دفعة ثانية من النازحين السوريين تغادر لبنان

حافلتان أقلتا 42 شخصاً... و30 آخرين عادوا إلى المعضمية بسياراتهم

نازحون سوريون يستقلون الحافلة من معبر المصنع الحدودي باتجاه الأراضي السورية أمس (أ.ف.ب)
نازحون سوريون يستقلون الحافلة من معبر المصنع الحدودي باتجاه الأراضي السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

دفعة ثانية من النازحين السوريين تغادر لبنان

نازحون سوريون يستقلون الحافلة من معبر المصنع الحدودي باتجاه الأراضي السورية أمس (أ.ف.ب)
نازحون سوريون يستقلون الحافلة من معبر المصنع الحدودي باتجاه الأراضي السورية أمس (أ.ف.ب)

عَبَرَت الدفعة الثانية من النازحين السوريين في لبنان أمس باتجاه الأراضي السورية، عبر نقطة المصنع الحدودية، حيث كان في استقبالهم ممثل عن اللواء ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، فيما عاد 30 شخصاً من رجال الأعمال السوريين إلى معضمية الشام بسياراتهم المدنية بشكل منفصل عن القافلة التي واكبها الأمن العام أمس.
وأعلنت المديرية العامة للأمن العام أنها قامت اعتباراً من صباح أمس، بتأمين العودة الطوعية لاثنين وأربعين نازحاً سورياً إلى بلداتهم في سوريا. وأشارت إلى أن النازحين «انطلقوا بواسطة حافلتين من نقطة التجمع في المصنع بمواكبة دوريات من المديرية العامة للأمن العام حتى نقطة جديدة يابوس الحدودية». ولفتت إلى أن العودة «تمت بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وحضورها».
وقالت مصادر ميدانية بأن هؤلاء النازحين كانوا يقيمون في مناطق في البقاعين الغربي والأوسط في زحلة وسعدنايل وتعلبايا والجوار.
وذكرت قناة «الجديد» اللبنانية، أن ممثلين عن اللواء ماهر الأسد، والهلال الأحمر السوري والأمم المتحدة، رافقوا الحافلات، بهدف «تطمين اللاجئين العائدين إلى سوريا».
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أفادت بأن 42 نازحا سوريا غادروا صباح أمس، مخيمات نزوحهم إلى بلداتهم في ريف دمشق، وتجمع هؤلاء عند السابعة والنصف صباحاً في محلة المصنع، حيث استقدمت حافلتان من سوريا لنقلهم. وبعدما تم التدقيق في جميع الأسماء انطلقت الحافلتان في اتجاه الأراضي السورية.
وتعتبر هذه الدفعة الثانية من اللاجئين الذين يدخلون إلى الأراضي السورية، قادمين من بلدات البقاع في شرق لبنان، على أن تتبعهم دفعات أخرى. وعادت الدفعة الأولى، الخميس الماضي، وعلى متنها 294 لاجئاً سورياً، وتم فرزهم على قرى وبلدات القلمون الغربي بريف دمشق.
والى جانب المغادرين على متن الحافلتين عبر نقطة المصنع، أمس، غادر بعض هؤلاء النازحين بسياراتهم الخاصة، وتمت عملية المغادرة بمعرفة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».
وقالت مصادر ميدانية في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط» بأن ثلاثين نازحاً خرجوا أمس عبر المصنع اللبناني إلى معضمية الشام بسياراتهم المدنية عند الساعة العاشرة صباحاً بعد إنجاز معاملاتهم بطريقة قانونية، مشيرة إلى أن هؤلاء «هم من رجال الأعمال». وقالت المصادر بأن خروج هؤلاء «هو من ضمن دفعة تمت الموافقة على دخولها الأراضي السورية إلى منازلهم في معضمية الشام من قبل الأمن الوطني السوري وأمن الفرقة الرابعة، حيث تولى محمد حمرا وظافر النخلاوي حل القضايا العالقة بخصوص ترتيبات العودة القانونية للنازحين لدى الجهات المختصة السورية». وتحدثت مصادر لبنانية في شرق لبنان عن عمل سريع جار من أجل تسوية أوضاع 1200 نازح سوري من مناطق البقاع الأوسط سيغادرون البقاع بالطريقة نفسها على دفعات قريباً.
وتعد القافلة أمس، الثانية خلال أسبوع للراغبين بالعودة الطوعية من مناطق شرق لبنان إلى سوريا، بعد نحو شهرين على عودة 500 لاجئ من شبعا في جنوب شرقي لبنان إلى بيت جن السورية بريف دمشق الجنوبي الغربي.
وكانت الحكومة اللبنانية اعتمدت آلية جديدة، بالتنسيق مع النظام السوري، لتشجيع اللاجئين السوريين في لبنان على العودة «طوعاً» إلى «المناطق الآمنة» في سوريا.
وأثار التنسيق الرسمي بين الحكومة اللبنانية وحكومة النظام السوري موجة انتقادات كبيرة، إذ تعتبر منظمات مدنية أن سوريا ليست آمنة بعد، فيما ترفض السلطات اللبنانية بقاء اللاجئين على أراضيها من منطلق «رفض التوطين».
وأعلن «حزب الله» اللبناني عن وضعه آلية لتنسيق عودة النازحين طوعاً إلى بلادهم، وتقديم التسهيلات لهم. ونُقل عن مسؤول ملف النازحين السوريين في حزب الله النائب السابق نوار الساحلي، أن «الحزب سيتواصل مع الإخوة السوريين لتسهيل عودة النازحين وسنعمل بالتعاون مع الأمن العام اللبناني كي تتمكن الدولة من القيام بواجبها»، وقال إن «الدولة تتدلع، لذلك لم يحصل حتى الآن مبادرة مع الحكومة السورية تخدم اللبنانيين من الناحية الاقتصادية والبنى التحتية والمزاحمة في العمل». ورحب الساحلي بأي «مساعدات من أي جهة كانت، تساهم بعودة النازحين»، مؤكدا استعداد حزب الله التعاون مع الدولة السورية لحلحلة موضوع المطلوبين السوريين في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.