قبل انطلاق بطولة كأس العالم 2018 لكرة القدم المقامة حالياً بروسيا، كانت منتخبات البرازيل وألمانيا وإسبانيا وفرنسا، وكذلك الأرجنتين، قد هيمنت على قائمة أقوى المرشحين للمنافسة على اللقب في النهائي المقرر في 15 يوليو (تموز) المقبل، لكن المفاجآت والصدمات التي شهدها دور المجموعات، الذي اختتمت منافساته الخميس، قد عززت أحلام طموح فرق أخرى لتحقيق المجد بالمونديال.
فربما كانت اللحظة الأبرز طوال منافسات الدور الأول قد تمثلت في الإطاحة بالمنتخب الألماني (حامل اللقب)، ليكون الخروج الأول له من الدور الأول للمونديال منذ 80 عاماً، كما انتزع كل من المنتخب الإسباني (بطل العالم 2010) والمنتخب البرتغالي (بطل كأس الأمم الأوروبية الماضية - يورو 2016) بطاقة التأهل لدور الستة عشر بشق الأنفس. كذلك لم يحقق أي من المنتخبين الفرنسي والأرجنتيني التوقعات، حيث غاب الفريق الفرنسي عن القوة الهجومية الهائلة التي كانت منتظرة من كتيبة النجوم التي يضمها، بينما وقف المنتخب الأرجنتيني على بوابة الخروج من الدور الأول، قبل أن يحالفه الحظ وينتزع بطاقة التأهل بعد عناء.
أما المنتخب البرازيلي فلم يستعرض أفضل مستوياته بعد في البطولة الحالية، رغم حسم التأهل في صدارة المجموعة الخامسة. أما أفضل عروض الدور الأول، فقد كانت من نصيب منتخبات إما لم يسبق لها اعتلاء منصة التتويج في تاريخ المونديال، أو لم تعتل المنصة منذ عشرات الأعوام. فقد انتزعت منتخبات أوروغواي وإنجلترا وبلجيكا وكرواتيا بطاقات التأهل إلى دور الستة عشر عن جدارة، وبعد عروض كانت هي الأفضل في منافسات المجموعات. ولم يظهر أي من المنتخبات التي تحمل تاريخاً كبيراً في المونديال بالشكل المقنع، واستطاعت بالكاد أن تتأهل للدور الثاني في بطولة تبدو فيها المنافسة مفتوحة بشكل كبير، وهو ما عزز آمال المنتخبات التي لم تكن في إطار الترشيحات قبل انطلاق المونديال في 14 يونيو (حزيران) الحالي. وقال ديديه ديشامب، المدير الفني للمنتخب الفرنسي: «الوضع صعب على الجميع. فقد عانى منتخبا إسبانيا وألمانيا، رغم شهرتهما الكبيرة بكرة القدم الهجومية». وتجسدت معاناة المنتخب الألماني بشكل واضح في خروج الفريق من الدور الأول للمونديال للمرة الأولى منذ عام 1938.
وينتظر خروج اثنين آخرين من «المنتخبات العملاقة» في وقت مبكر، حيث تستهل منافسات دور الستة عشر اليوم بلقاء المنتخب الأرجنتيني نظيره الفرنسي، ولقاء المنتخب البرتغالي نظيره الأوروغوياني. وقد خاض المنتخب الأرجنتيني البطولة معتمداً بشكل كبير على رغبة نجمه الأبرز ليونيل ميسي في قطع مشوار طويل بالبطولة، أملاً في اعتلاء منصة التتويج باللقب الذي قد يشكل القطعة الناقصة في صورة وصفه بالأسطورة. لكن نجم برشلونة الإسباني واجه معاناة في حمل آمال الفريق، وتأهلت الأرجنتين بصعوبة بالغة إلى الدور الثاني، مستفيدة من فوز نيجيريا على آيسلندا (2 - صفر) في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الرابعة.
أما المنتخب البرازيلي، الأكثر تتويجاً في تاريخ كأس العالم برصيد 5 ألقاب، الذي يلتقي نظيره المكسيكي في دور الستة عشر في الثاني من يوليو، فلا يزال يعتبر مرشحاً قوياً للقب. لكن مباراة البرازيل في دور المجموعات أمام سويسرا، التي انتهت بالتعادل (1 - 1)، ألقت الضوء على نقاط ضعف في صفوف الفريق، خصوصاً في الجانب الدفاعي، كما واجه منتخب راقصي السامبا معاناة في مباراته أمام كوستاريكا، قبل أن يحسمها بثنائية نظيفة في الوقت القاتل.
وتصب الترشيحات لمصلحة المنتخب البلجيكي في لقائه مع اليابان بدور الستة عشر، بعد أن تأهلت بلجيكا في صدارة مجموعتها، إثر الفوز على إنجلترا الخميس (1 - صفر) في ختام دور المجموعات. ومع ذلك، تثير السجلات قلق المنتخب البلجيكي وجماهيره، حيث تظهر معاناته أمام الفرق الأعلى في سجلات التاريخ، وهو ما تجسده هزيمتيه أمام الأرجنتين في مونديال 2014، وأمام البرازيل في مونديال 2002. ورغم هزيمة المنتخب الروسي أمام نظيره الأوروغوياني (صفر - 3) في الجولة الثالثة (الأخيرة) من مباريات دور المجموعات، يتمسك منتخب أصحاب الأرض بالأمل في تجاوز منتخب إسبانيا، والتأهل على حسابه إلى دور الثمانية. وإلى جانب الدعم الجماهيري الكبير، يستمد المنتخب الروسي الثقة من تسجيل 8 أهداف خلال مباراتيه الأوليين اللتين انتهيتا بالفوز على السعودية (5 - صفر) ومصر (3 - 1).
ورغم أن المنتخب الإسباني كان من المرشحين بقوة للمنافسة على اللقب، فقد واجه حالة من الارتباك في الأيام الأولى من المونديال إثر الإقالة المفاجئة للمدير الفني جولين لوبيتيغي عشية المباراة الافتتاحية. وتزامناً مع القوة الهجومية والتهديفية الممثلة في نجوم أبرزهم إيسكو ودييغو كوستا، يعاني المنتخب الإسباني من خلل في التنظيم الدفاعي، وقد بات عرضة للهزيمة أمام أي شراسة هجومية من المنافس، علماً بأنه لم يخسر أي مباراة خلال مشواره بالتصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال.
وربما جنا المنتخب الكرواتي ثمرة تأهله من صدارة المجموعة الرابعة، بمواجهة المنتخب الدنماركي في دور الستة عشر، وسيلتقي الفائز منهما، في دور الثمانية، الفائز من مباراة إسبانيا وروسيا. ونحى النجمان الكرواتيان لوكا مودريتش (ريال مدريد) وإيفان راكيتيتش (برشلونة) صراعهما في الدوري الإسباني جانباً، وتعاونا بشكل هائل في خط وسط المنتخب الكرواتي، ليقودا الفريق إلى التأهل بالعلامة الكاملة محققاً 3 انتصارات.
أما المنتخب السويدي، الذي فجر مفاجأة بتأهله في صدارة المجموعة السادسة، فيواجه نظيره السويسري في سان بطرسبرغ في الثالث من يوليو، في مباراة تشكل فرصة رائعة لكلا الفريقين لقطع خطوة جديدة بالمونديال لم تكن متوقعة لأي منهما. أما المنتخب الإنجليزي، المتأهل من المركز الثاني خلف بلجيكا، فيواجه نظيره الكولومبي، متصدر المجموعة الثامنة، في مباراة تبدو فيها الفرص متقاربة نسبياً. وفي النهاية، قد يشهد المونديال الحالي بطلاً جديداً، في ظل المنافسة المفتوحة والمفاجآت المدوية التي أغلقت الباب أمام التكهنات بطرفي النهائي المقرر في العاصمة موسكو.
الصغار يحلمون بالكثير بعد تأهل الكبار بشق الأنفس
مفاجآت الدور الأول في مونديال روسيا تغلق باب التكهنات بطرفي النهائي
الصغار يحلمون بالكثير بعد تأهل الكبار بشق الأنفس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة