نتنياهو يزداد شعبية ومعارضوه يخوضون حرباً داخلية تضعفهم

TT

نتنياهو يزداد شعبية ومعارضوه يخوضون حرباً داخلية تضعفهم

تشير استطلاعات الرأي المحلية، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواصل تعزيز شعبيته كـ«أفضل مرشح لرئاسة الحكومة»، خصوصا أن منافسيه في الوسطين الليبرالي واليساري يخوضون صراعا شديدا، يسميه البعض «حربا طاحنة» فيما بينهما، تهدد بتفكك تحالفاتهما وضياع أصواتهما هباء.
فقد تفاقم الخلاف داخل المعسكر الصهيوني المعارض على رئاسة المعارضة، بعد أن تم انتخاب الرئيس الحالي، يتسحاق هيرتسوغ، رئيسا للوكالة اليهودية. ففي حزب العمل، الشريك الأساسي في المعسكر، يطلبون أن يكون الرئيس المقبل من بين صفوفهم، باعتبارهم المركب الأقوى فيه. لكن رئيسة حزب «الحركة»، تسيبي لفني، وزيرة الخارجية الأسبق، تطالب بالمنصب لنفسها، بدعوى وجود اتفاق تناوب بينها وبين هيرتسوغ. وفي حزب العمل نفسه، يتصارعون حول هذه الخلافة، إذ يوجد من يريد لها النائبة شيلي يحيموفتش، وهناك من يطرح اسم عومر بار ليف، وهناك من يرفض كليهما ويطلب طرح الموضوع للنقاش وحسمه في مؤتمر الحزب.
وكان حزب «العمل» قد بدأ خوض صراع سابق مع رئيسه الجديد، آفي غباي، بسبب فشله في تحقيق شعبية ملائمة تجعله يطيح نتنياهو. فالاستطلاعات تشير إلى أن المعسكر الصهيوني تحت قيادته، سيهبط من 24 نائبا، حاليا، إلى 13 نائبا إذا جرت الانتخابات اليوم، بينما حزب «الليكود» بقيادة نتنياهو، سيرتفع من 30 إلى 32 نائبا. ولكن إذا قادته تسيبي لفني، بدلا من غباي، فسيحصل على 16 نائبا، ويحصل نتنياهو على 31. وإذا خاض المعترك السياسي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، على رأس حزب خاص به، فإن حزب «العمل» سيهبط إلى 10 مقاعد، وسيحظى حزب «غانتس» بـ13 مقعدا. وفي كل الأحوال لن ينجح الوسط واليسار معا في إسقاط نتنياهو وحزبه، الذي سيظل الحزب الأكبر، وستظل قوى اليمين تشكل أكثرية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
ومع أن هذه الصورة القاتمة باتت معروفة في إسرائيل، فإن قوى المعارضة لا تستوعب درسها وتواصل معاركها الداخلية. فقد هددت تسيبي لفني بالانسحاب من «المعسكر الصهيوني» إذا لم يوافق غباي على تعيينها زعيمة للمعارضة خلفا لهيرتسوغ، فيما يسعى غباي إلى حسم الخلافات داخل حزبه بالدفع باقتراح قانون يسمح له بأن يتبوأ منصب زعيم المعارضة، رغم أنه ليس عضوا في الكنيست. وهو أمر تحقيقه شبه مستحيل، لكنه يكفي لنزع ثقة رفاقه به، ويحبط جمهور حزبه ومؤيديه، ويدفعهم دفعا للتفتيش عن بديل يستحق أصواتهم، وكثيرون منهم يقررون التصويت الاحتجاجي، بالامتناع عن التصويت أو وضع ورقة بيضاء.
ويفسر هذا الواقع، أكثر من أي شيء آخر، سبب بقاء نتنياهو القائد الأكثر شعبية في إسرائيل، رغم تورطه في قضايا الفساد، وفشله في إدارة كثير من شؤون البلاد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».