فاز المنتخب الإنجليزي على نظيره التونسي في افتتاح مبارياته بكأس العالم في روسيا بهدفين مقابل هدف وحيد، وأحرز هدفي إنجلترا نجم توتنهام هوتسبير هاري كين من ضربتين ثابتتين. وإذا نظرنا إلى الأهداف الحاسمة في كثير من المباريات لوجدنا أنها جاءت من ضربات ثابتة، مثل الهدف الثاني الذي أحرزه كين في مرمى تونس في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء، وهدف كريستيانو رونالدو من ضربة حرة مباشرة في مرمى إسبانيا، وهدف الفوز الذي أحرزه الأوروغوياني لويس سواريز في مرمى المنتخب السعودي.
وأحرز 21 هدفاً من بين 38 هدفاً أحرزت في الجولة الأولى من مباريات المونديال من ضربات ثابتة، بنسبة تصل إلى 53 في المائة، وهي أكبر من عدد الأهداف التي أحرزت في الضربات الثابتة في المرحلة نفسها من كأس العالم الماضية، والتي وصلت إلى 25 في المائة من إجمالي عدد الأهداف. قد يقول البعض إننا نقارن عينة صغيرة جداً من المباريات ولا يزال هناك عدد كبير من المباريات المتبقية في البطولة، لكن تجب الإشارة إلى أن استخدام تقنية حكم الفيديو المساعد للمرة الأولى في المونديال قد أثرت بشكل كبير على الطريقة التي تدافع بها المنتخبات في الركلات الركنية والضربات الثابتة، كما ساعدت هذه التقنية في احتساب عدد أكبر من ركلات الجزاء نتيجة جذب اللاعبين من قمصانهم.
ومن الناحية النفسية يمكننا أن نلاحظ أن المدافعين قد أصبحوا أكثر حذراً لأنهم يعلمون أنهم مراقبون من تقنية حكم الفيديو المساعد، وبالتالي يؤدي ذلك إلى خلق مزيد من الفرص للمهاجمين في الضربات الثابتة، وهو ما يجعل التنظيم داخل منطقة الجزاء في مثل هذه المواقف أكثر أهمية من ذي قبل.
ويظهر ذلك أنه لا توجد طريقة صحيحة وأخرى خاطئة لكي تلعب هذه الرياضة الممتعة، وأنه لو آمن كل لاعب بنفسه وبقدراته وإمكاناته وبالطريقة التي يلعب بها منتخب بلاده ولعب من أجل فريقه بطريقة جماعية فستكون لديه فرص كبيرة في تحقيق النجاح في هذا العرس الكروي الكبير. لقد أعجبت كثيراً بالأداء الذي قدمته ما تسمى الفرق الصغرى في عالم كرة القدم، التي آمنت بقدرتها على مقارعة القوى الكروية الكبرى من حيث التنظيم الخططي والتكتيكي والقوة البدنية والرغبة في تحقيق الفوز ورفضت الاستسلام لفكرة أن حظوظها أقل لأنها تلعب أمام منتخبات عريقة ذات تاريخ طويل في عالم الساحرة المستديرة، ولديها كوكبة من ألمع وأبرز اللاعبين في العالم.
وحتى الآن، أظهرت البطولة أنه من الصعب اختراق دفاعات المنتخبات الأقل تصنيفاً خلال اللعب المفتوح بسبب التنظيم الكبير من جانب هذه المنتخبات والحماس الهائل الذي يؤدي به اللاعبون الذي يرفضون الاستسلام والتراجع إلى الخلف وتلقي الضربات واحدة تلو الأخرى، لكنهم على العكس من ذلك لا يتوقفون عن الركض والقتال وشن الهجمات المرتدة القاتلة بمجرد الاستحواذ على الكرة في منتصف ملعبهم. ونتيجة لذلك، أرى أن الجوانب التكتيكية سيكون لها دور كبير في تحديد الفريق الذي سيعتلي منصة التتويج في نهاية البطولة. فهل التكتيك الأفضل هو الاستحواذ على الكرة وفتح مساحات الملعب بالشكل الذي تقوم به منتخبات مثل ألمانيا وكرواتيا وإسبانيا والبرازيل؟ أم سيكون الحل هو الاعتماد على الشباب والحيوية والسرعة والقوة البدنية لمنتخبات مثل إنجلترا وبلجيكا والمكسيك؟ أم الاعتماد على اللعب الدفاعي والتنظيم الخططي كما هي الحال مع البرتغال وأوروغواي؟
وبالنظر إلى ما شاهدناه في الضربات الثابتة حتى الآن، فإن اللعب بواقعية والتدريب على الاستغلال الأمثل لهذه الضربات الثابتة قد يكون أكثر أهمية من الطريقة التي يعتمد عليها كل منتخب خلال اللعب المفتوح، وستكون هذه الضربات الثابتة مهمة للغاية في كل مرحلة من مراحل البطولة، وستكون في كثير من الأحيان هي الفارق الذي يجعل دولة بأكملها تحتفل بفوز فريقها على مدى سنوات ودولة أخرى تشعر بالحزن وتنتظر 4 سنوات مقبلة من أجل الحصول على فرصة أخرى من أجل المنافسة على لقب البطولة الأقوى في عالم كرة القدم. ومع ذلك، فقد علمنا التاريخ أن أداء اللاعبين الكبار في هذه البطولات الكبرى قد يصنع الفارق لمنتخبات بلادهم، لكننا لم نرَ حتى الآن مستويات جيدة من لاعبين سبقتهم شهرتهم. ومن المبكر للغاية أن نتحدث عن الجانب الأكثر تأثيراً في تحديد هوية الفريق الفائز ببطولة كأس العالم 2018 بروسيا، لكن تأثير الضربات الثابتة في المباريات حتى الآن يشير إلى أنها ستكون أيضاً ذات أهمية كبيرة في الأدوار الإقصائية للبطولة.
الضربات الثابتة قد تكون عاملاً حاسماً في تحديد هوية الفائز بكأس العالم
إحراز عدد كبير من الأهداف عن طريقها يشير إلى أهميتها في النتائج النهائية
الضربات الثابتة قد تكون عاملاً حاسماً في تحديد هوية الفائز بكأس العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة