صخور للتجسس والمراقبة.. سلاح سري جديد

يمكن وضعها في الحدائق والبراري

صخور للتجسس والمراقبة.. سلاح سري جديد
TT

صخور للتجسس والمراقبة.. سلاح سري جديد

صخور للتجسس والمراقبة.. سلاح سري جديد

تقنيات الحرب قطعت شوطا بعيدا منذ أيام التقاذف بالحجارة، لكن هذا لم يمنع العسكريين من إدخال الصخور في ترسانة أسلحتهم!
وخلال الاجتماع السنوي لجمعية الجيش الأميركي (AUSA) الذي عقد في العاصمة الأميركية واشنطن، عرضت شركة «لوكهيد مارتن» التطويرات الجديدة الحاصلة في تقنياتها الخاصة بالمراقبة والاستطلاع التي تدعى «سبان» (SPAN)، وهي عبارة عن شبكة سرية من المستشعرات اللاسلكية تصمم بحيث تكتفي ذاتيا بالطاقة اللازمة لعملها وتقوم بتأمين عمليات مراقبة واستطلاع مستمرة من خلال وحدات صغيرة جدا يمكن وضعها داخل الصخور.
«سبان» هي شبكة متناغمة بمستشعرات ذاتية التنظيم، ولدى تنشيطها يمكنها توجيه كاميرا، أو طائرة من دون طيار لكي تدرس وتتفحص أكثر منطقة محددة، أو استدعاء مهندس عندما تكون قد عثرت على أنبوب للغاز مثلا، أو جسر بات في وضع خطر أو على وشك التداعي. وهي تستخدم هنا الخوارزميات الخاصة بالممتلكات بغية تخفيض نسبة الإنذارات الخاطئة.
وتروج «لوكهيد» لتقنيات نشرها بمسرح العمليات ونسيانها التي من شأنها تأمين تغطية قصوى بكلفة متدنية، زاعمة أن المستشعرات يمكنها البقاء في مسرح العمليات لسنوات، من دون خدمة أو صيانة تستمد طاقتها من أشعة الشمس.
وتأمل هذه الشركة العاملة في ميدان الأسلحة والمعدات الدفاعية بيع هذه الصخور التجسسية لأغراض المراقبة والاستطلاع، وحماية الحدود، ومراقبة خطوط الأنابيب، وسلامة الجسور وأمنها، وغيرها.
وفي الواقع جرى تقديم نظام «سبان» في العام الماضي، لكن هذه ليست المحاولة الأولى للشركة في تصنيع الصخور الذكية.
وفي أوائل العام الحالي كانت إحدى الشركات من المقاولين الفرعيين لـ«لوكهيد مارتن» قد تصدرت عناوين الصحف لمحاولتها بيع نموذج أولي من صخور المراقبة هذه يعود إلى بداية القرن الحالي، عن طريق موقع «إي باي» الإلكتروني مقابل 10 ملايين دولار، قبل أن تجهض «لوكهيد» المشروع. وشملت الرزمة مئات الصفحات من تعليمات وإرشادات التطوير المفصلة، إلى جانب سنتين من مراسلات البريد الإلكتروني مع «لوكهيد»، وبعض التجهيزات، لكن من دون الصخرة ذاتها.
وعلى الرغم من أن «لوكهيد» تزعم أن «سبان» تقلل من خطر اكتشافها والعبث بها، لكن يبدو أن الاستخبارات البريطانية وقعت في فخ هذا الادعاء، ففي العام الماضي أقر جونثان باول كبير موظفي مكتب توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق بأن وكالة الخدمات السرية البريطانية «إم آي 6» قامت بزرع صخور تجسس في حديقة موسكو عام 2006 للتواصل مع عملائها السريين. وذكر باول أن اكتشاف النظام من قبل السلطات الروسية سبب آنذاك توترا شديدا للعلاقات بين البلدين بريطانيا وروسيا.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً