«تايغر رابيدز»... كومبيوتر جديد بشاشة مزدوجة

«إنتل» تصممه سراً في مختبراتها

يصمم «تايغر رابيدز» على شكل دفتر ملاحظات بشاشتين
يصمم «تايغر رابيدز» على شكل دفتر ملاحظات بشاشتين
TT

«تايغر رابيدز»... كومبيوتر جديد بشاشة مزدوجة

يصمم «تايغر رابيدز» على شكل دفتر ملاحظات بشاشتين
يصمم «تايغر رابيدز» على شكل دفتر ملاحظات بشاشتين

يقول خبراء شركة «إنتل» المشهورة بصناعة الرقائق الإلكترونية إن العالم سيشهد تطورا عظيما في أجهزة الكومبيوتر بتصميم كومبيوتر حديث داخل مختبراتها في مدينة سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا الأميركية.

- كومبيوتر رمزي
ويحمل أحد النماذج التجريبية لجهاز كومبيوتر مطور اسماً رمزياً هو «تايغر رابيدز Tiger Rapids»، والذي قد يعرف اليوم باسم الكومبيوتر بالشاشة المزدوجة. ويرى غريغوري براينت، نائب رئيس ومدير عام من مجموعة إنتل للحوسبة الاستهلاكية أنّ هذا النموذج لن يكون حلماً يصعب الوصول إليه، لافتاً إلى أنّ تصميمين ستقدّمهما شركتا «آسوس» و«لونوفو» في معرض «كومبيوتكس» في تايباي، سيكونان مستوحيين من تصميم «تايغر رابيدز». وقد عملت «إنتل» حوالي سنتين لتطوير هذا التصميم المعروض اليوم لاجتذاب شركاء التصنيع.
ويوضح براينت في حديث لمجلة «بي سي وورلد» كيف أنّ هذه النماذج التجريبية تستهدف تقديم تصميم يتألف من مجموعة من العوامل الشكلية القابلة للتكيّف. ويقول براينت: «مبدئياً، هذا الجهاز ليس بمقاس واحد يناسب الجميع. سترون منتجات أخرى من أشكال ومقاسات مختلفة، وسيذهب الناس إلى شاشات مختلفة، أي إننا على ما يبدو ذاهبون باتجاه ورشة عمل طويلة الأمد لتطوير أجهزة قابلة للانحناء والطيّ».
ويوضح براينت أنّ الحافز خلف تطوير هذه التصاميم كان دفع الكومبيوتر للانحناء أمام مستخدميه، وليس العكس. ويضيف: «هذا الجهاز لا ينحني، لأنه يمكنكم أنتم الانحناء. تعمل الشركة على تطوير هذه الأشكال القابلة للتكيّف لتناسب العمل الذي تحاولون القيام به».

- منافسة القلم والورقة
يدير مختبر إنتل مورالي فيراموني الشغوف بعمله، وهو حريص على وصف الإنجاز الذي قدّمه فريقه الصغير بأدقّ التفاصيل. (تملك الشركة مختبراً آخر في مدينة هيلسبورو، أوريغون). بين النماذج المصنوعة من المعدن والبلاستيك، يحمل فيراموني شيئا لن تتوقعوا أبداً رؤيته في أي شركة تقنية: قلم ودفتر ملاحظات تقليديين.
ويقول مدير مختبر إنتل وهو يخربش بالقلم بسرعة على الورقة المسطرة: «هذا الجهاز مطوّر لهدف معيّن. هناك شيء واحد فقط يمكنكم القيام به. هدفنا كان أن نطوّر ابتكاراً يعتمد على دمج جهاز مصمم لهدف محدّد مع جهاز متعدّد المهام».
بمعنى آخر، هذا الكومبيوتر هو في الحقيقة «دفتر للملاحظات». من الواضح جداً أن جهاز «تايغر رابيدز» الذي يرتكز على استخدام القلم لا يناسب جميع المستهلكين. ولكن بحسب دفتر الملاحظات الورقي، يستطيع هذا المنتج المتخصص أن يجذب جمهوراً من المعجبين.

- دفتر ملاحظات
يفتح نموذج كومبيوتر «تايغر رابيدز» كما يفعل دفتر الملاحظات والقلم التقليديين، خافياً قلمه الرقمي في ثقب خاص موجود في جهته اليمنى. يأتي الكومبيوتر الجديد بتصميم شديد الرقة، أرقّ حتى من الآيفون 8، بسماكة 4.85 ملم. تبدو الشاشة اليسرى عادية نسبياً، بسطح مكتب ويندوز تقليدي على شاشة عرض إل.سي.دي. بمقاس 7.9 بوصة. تخفي الشاشة أسفلها مسرّع «كابي لايك كور»، ووسيط تخزين ذا حالة ثابتة، واي - فاي، وسعة تخزين لم يكشف عن حجمها بعد.
إلّا أنّ ما لم يبح به فيراموني، ولكن يعرفه مستخدمو «ويندوز إنك». جيداً، هو أن المساحة المخصصة للكتابة الرقمية في الويندوز صغيرة الحجم. عمدت بعض الإصدارات من ويندوز 10 طبعاً إلى تطوير مربع الكتابة من مساحة صغيرة إلى نافذة أكبر تستطيع أن تقلّب الصفحات بذكاء، ولكنّها رغم ذلك، لا تزال مساحة صغيرة نسبياً... يمكن القول إنّ «تايغر رابيدز» قدّم حلّاً لهذه المشكلة.
كيف؟ القسم الأيمن من شاشة «تايغر رابيدز» هو عبارة عن مساحة عرض على شكل ورقة إلكترونية (EPD) تستهلك طاقة لا تذكر، وصممت خصيصاً للكتابة الرقمية، مع مساحة إضافية تحاكي الورقة التقليدية. هذا الأمر ليس خيالاً، فقد سمح فيراموني للزوار بالكتابة على طبقة بلاستيكية عادية وعلى شاشة EPD، ولوحظ فرق كبير بين الاثنين. قد لا يكون هذا الفرق مهماً للمستهلك العادي، ولكنّه سيعني الكثير للشخص المعتاد على استخدام القلم والورقة.
تنحصر ميزات توسّع «تايغر رابيدز» بمنفذ «يو.إس.بي.سي» واحد. ولكنّ شركاء «إنتل» لهم بالطبع حرية إضافة ما يريدونه من ميزات. إلّا أنّ الفكرة من هذا الابتكار هي تقديم منتج لاسلكي يتصل بالكهرباء مرة أو مرتين فقط في اليوم. ويشير فيراموني إلى أنّ خدمة البطارية الموجودة في النموذج التجريبي وصلت خدمتها إلى 13 - 15 ساعة.

- كومبيوتر ذكي
تعد «آسوس» بإضافات مثيرة للاهتمام على فكرة «تايغر رابيدز» الذي يعتبره براينت «كومبيوتر يعتمد على الذكاء الصناعي»، كاشفاً أنّ الجهاز يستخدم رقاقة «موفيديوس» للتعلّم العميق الموجودة في لوحة الجهاز الرئيسية وتعمل كمسرّع لبرامج AI API وويندوز ML.
ولكن ماذا عن تصميم لاستهلاك المحتوى؟ اكتسبت بعض الأجهزة العادية التي أتت بشاشات مزدوجة جمهوراً خاصاً، بوجود مجموعة معينة من المستخدمين الذين يرغبون وبشدّة بجهاز مزدوج الشاشات من «مايكروسوفت» مثلاً. قد لا يكون النموذج التجريبي الجديد هو مطلبهم، ولكنّ النسخة الأولى منه تبدو واعدة، إذ يستطيع المستخدم عبر ثني إحدى الشاشتين الموصولتين والمنحنيتين، الاستفادة من شاشة أكبر مع الحفاظ على عنصر شكلي مدمج.
هذه هي الفكرة الكامنة خلف الجهاز ذي الشاشة المزدوجة، والتي لم تمنحها «إنتل» اسماً رمزياً. يقسم الجهاز شاشة العرض إلى قسمين أيمن وأيسر، أو إلى قسم علوي وآخر سفلي، بحسب وضعية الشاشة، ودون أي تفاصيل ذكية في التصميم. تلعب كلّ واحدة من الشاشتين دور شاشة عرض مستقلة حتى يتمكّن سطح المكتب أو التطبيق من التمدّد على الشاشتين.
وفي الوقت الذي يبقى فيه شكل سطح المكتب التقليدي ثابتاً في مكانه، يتيح لكم نموذج دفتر الملاحظات الرقمي ذو الشاشة المزدوجة فرصة ثنيه بوضعية الخيمة مثلاً، حتى يتمكّن العارض من رؤية الملاحظات أثناء عرض الشرائح، في الوقت الذي يرى المشاهد فيه العرض فقط. لسوء الحظّ، تجبر شاشة العرض المزدوجة المستخدمة في هذا النموذج المستهلك على الطباعة فوق الزجاج.
قد يمثل هذا الجهاز مستقبل الأجهزة ذات الشاشات المزدوجة، ولكن المسؤولين التنفيذيين في «إنتل» لم يشيروا إلى وجود صانعي أجهزة مهتمين بطرحه قريباً في الأسواق. ولكن نظراً للنجاح الذي حققه «تايغر رابيدز»، ليس مستبعداً أن يتمّ شراؤه من قبل شركاء محتملين.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».