أربعة اختبارات أساسية لسفينة فضاء أوروبية

مهمة لإزالة الشظايا الفضائية بالحراب والشباك

أربعة اختبارات أساسية لسفينة فضاء أوروبية
TT

أربعة اختبارات أساسية لسفينة فضاء أوروبية

أربعة اختبارات أساسية لسفينة فضاء أوروبية

تعتزم بعثة أوروبية اختبار قدرة الشبكات والحراب على التقاط المخلّفات والتخلّص منها. وقد انطلقت الثلاثاء الماضي في العشرين من شهر يونيو (حزيران) الحالي، أعمال مهمة فضائية أوروبية قادرة على اصطياد المخلّفات الفضائية بواسطة الحراب والشباك، أي تلك الأدوات التي تستخدم عادة لتنظيف الممرات الأرضية.
شظايا فضائية
حتى اليوم، ساهمت المخلّفات الفضائية في تدمير قمر صناعي واحد على الأقلّ، وأضرّت بأقمار أخرى، وأجبرت الفريق الموجود في المحطّة الفضائية الدولية على القيام بحركات مراوغة بين الحين والآخر. وهناك أكثر من نصف مليون قطعة من المخلّفات الفضائية التي تفوق في حجمها حجم الكرّة الزجاجية التي يلعب بها الأطفال، وعشرات آلاف من المخلّفات الهائلة الحجم من بقايا الصواريخ والأقمار الصناعية المعطّلة.
ولتفادي كارثة مستقبلية محتّمة، اقترح خبراء فضائيون من وكالة «ناسا» الفضائية الأميركية ووكالة الفضاء الأوروبية إزالة من خمس إلى 10 قطع كبيرة من هذه المخلّفات كلّ عام.
في البعثة الجديدة، التي تعرف باسم «ريموف دبريس» (إزالة الشظايا)، أطلق الشريكان سفينة فضائية صغيرة بحجم متر مكعّب إلى المحطة الفضائية في أبريل (نيسان). وكان من المخطّط أن تخرج المركبة من المحطّة الفضائية في مايو (أيار) لإتمام أربعة اختبارات تقنية، تضمّ الشبكة والحراب، التي من الممكن أن تستخدم لتنظيف المخلّفات الفضائية.
ويقول غولييلمو آجليتي، المحقّق الرئيسي ومدير مركز «سارّي» الفضائية في جامعة «سارّي» في إنجلترا: «يعدّ الرمح والشبكة مفهومان بسيطان، ولكنهما الوحيدان اللذان يستخدمان في هذه المهمّة».
اقترح باحثون آخرون استخدام الليزر أو الأسلاك المكهربة لقذف المهملات الفضائية التي سينتهي بها الأمر لأن تحترق في غلاف الأرض الجوي. إذ حاولت وكالة استكشاف فضائي يابانية اختبار الحبال الكهربائية عام 2017، ولكنّها فشلت لأن الحبال كانت غير قادرة على التمدّد والانتشار. كما حاولت بعثات كثيرة أخرى تجربة عملية إزالة سلبية، تضمّ أقماراً صناعية قديمة تستخدم معززاتها أو نشر أشرعتها للحثّ على تدميرها الذاتي.
في ظلّ تاريخ محدود من الاختبارات في هذا المجال، من المرجّح أن تثبت بعثة «رموف دبريس» التي تصل تكلفتها إلى 18.7 مليون دولار، فعاليتها كمشروع متواضع الميزانية. وتجدر الإشارة إلى أن المفوضية الأوروبية وجامعة «سرّي» يقودان جمعية عالمية لدعم البعثة.
في حال نجاحه، قد يؤدي هذا المشروع إلى تشكيل بعثة أخرى مهمتها محاولة التقاط قطعة فعلية من المخلّفات الفضائية، حسب ما أفاد ويليام شنوبيرغ، مهندس فضائي من جامعة «ميسوري» للعلوم والتقنية لا يشارك في الجهود الحاليّة. ويقول شنوبيرغ: «نأمل بألا نواجه كارثة تؤدي إلى خسائر بشرية قبل أن تتمكّن الجهود المشتركة من العثور على حل».
اختبارات رئيسية
> الالتقاط بالشبكة. في هذا الاختبار، ستطلق السفينة الفضائية الرئيسية قمرا صناعيا «كيوب سات» بحجم رغيف خبز تقريباً، سيطبق وينفخ بدورها بالوناً بحجم متر واحد يصلح لالتقاط هدف كبير. وما إن يبتعد القمر الصناعي عدة أمتار حتى يطلق الشبكة على امتداد 5 أمتار.
في حال سارت الأمور على ما يرام، ستعمد مجموعة من الأوزان معلّقة بأطراف الشبكة إلى لفّها بشكل آمن حول الهدف. بعدها، ستعمل بكرات مدفوعة بمحرّك على تضييق عنق الشبكة لمنع «كيوب سات» من الإفلات.
ثم، سيترك القمر الصناعي الموجود في الشبكة ليقع خارج مدار الأرض ويحترق بغلافها الجوّي. ولكنّ البعثات المستقبلية قد تسمح أيضاً للمركبة الفضائية بسحب الجسم العالق بالشبكة.
> ملاحة فضائية اعتماداً على الرؤية. إن أي إزالة للمخلّفات الفضائية ستتطلّب القدرة على تعقّب الأجزاء الصغيرة العائمة من المخلّفات بدقّة. ويتضمّن اختبار البعثة الثاني ملاحة تعتمد على الرؤية تستخدم كاميرتين وجهاز استشعار «ليدار» (تقنية لتقصي المسافة التي تبعد عن الهدف بواسطة شعاع الليزر) لتتبع الأهداف المحتملة.
ترتكز مهمة الكاميرتين على اعتلاء المركبة الأمّ وتأدية جولتين من المراقبة. أولاً، ستعمل الكاميرتان على مراقبة تجربة الالتقاط بالشبكة التي تعتمد على «كيوب سات». ثمّ، ستحوّل الكاميرتان تركيزهما على الـ«كيوب سات» الآخر، المجهّز بأربعة ألواح شمسية قابلة للتمدّد، ستنطلق من قلب المركبة الفضائية الأساسية. وأخيراً، سينتهي الأمر بالـ«كيوب سات» ساقطاً في المدار الأرضي ومحترقاً بغلاف الأرض الجوي.
> الالتقاط بالحربة. في اختبار الالتقاط بالحربة، لن تحاول المركبة الفضائية استهداف هدف متحرّك يدور في مجاله الخاص، بل ستعمل على تمديد ذراع طويلة للإمساك بهدف ثابت، لا يتجاوز حجمه حجم مضرب كرة الطاولة.
عندما يصل الهدف إلى مكانه على مسافة 1.5 متر، ستطلق المركبة الفضائية حربتاً صغيراً يتألف من قذيفة صغيرة بحجم القلم وحبل إضافي، سيتيح للمركبة الفضائية إصابة هدفها. قد يبدو الأمر بسيطاً، ولكنّه خطوة ضرورية لشرح حركة الرمح في الظروف الفضائية الحقيقية.
> سحب الأشرعة. يهدف الاختبار الأخير إلى منع المركبة الفضائية نفسها من التحوّل إلى قطعة أخرى من المخلفات الفضائية. ويتضمّن هذا الاختبار رفع شراع في آخر سارية تمتدّ لمسافة متر واحد ومهمتها ضمان عدم سيطرة الشراع على المركبة الفضائية. فور تجهيز سارية الشراع، سيعمل محرّك على رفع أذرع ليفية تفتح جذع الشراع التي يصل حجمها إلى نحو 10 أمتار مربعة. بعدها، سيعمل الشراع وكأنّه فرامل كبيرة، تدفع بالمركبة الفضائية الرئيسية إلى مغادرة المدار بسرعة أكبر معلنة نهاية البعثة.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً