الخرطوم تستضيف اليوم لقاء بين سلفا كير ومشّار لحل أزمة جنوب السودان

وزيرا نفط البلدين ناقشا ضرورة استئناف الإنتاج

TT

الخرطوم تستضيف اليوم لقاء بين سلفا كير ومشّار لحل أزمة جنوب السودان

أكدت الحكومة السودانية اكتمال استعداداتها لاستضافة اللقاء المباشر الثاني بين رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه السابق زعيم حركة التمرد الرئيسية ريك مشار في الخرطوم اليوم لمناقشة حل القضايا العالقة، بشأن تقاسم السلطة والترتيبات الأمنية، وأعلنت عن حضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني لهذا اللقاء.
وقال وزير الخارجية السوداني الديرديري محمد أحمد للصحافيين، أمس، إن اجتماع الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رئيس الحركة الشعبية في المعارضة ريك مشار سينطلق اليوم في الخرطوم، تنفيذاً لتفويض الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد) الخميس الماضي، وأضاف أن الرئيس عمر البشير كان قد تقدم بمبادرة لعقد اللقاء بين كير ومشار، وأن المبادرة وجدت ترحيباً ومساندة من قادة هيئة «الإيقاد» خلال القمة الأخيرة في أديس أبابا، إلى جانب ترحيب زعيما جنوب السودان ومساندتهما لها، بشقيها السياسي والاقتصادي.
وأوضح الوزير السوداني أن شركاء «الإيقاد» من دول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج) قد أكدوا دعمهم ومساندتهم لعقد اللقاء في الخرطوم، وأنه سيحضر ممثلون عن هذه الدول، وقال إن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني سيحضر اجتماع كير ومشار اليوم، معرباً عن تفاؤله بنجاح القمة بين الفرقاء الجنوب سودانيين، التي قال إنها ستستمر لمدة أسبوعين، بدءاً باجتماع الزعيمين في القصر الرئاسي وبيت الضيافة، وإن الجولة الثانية ستنطلق على مستوى وفود التفاوض، وسوف تنعقد في الأكاديمية الاستراتيجية الأمنية، وأضاف أن الرئيس سلفا كير سيعود من وقت إلى آخر بين الخرطوم وجوبا، باعتبار أن لديه مهام تصريف أعمال بلاده.
ونفى الديرديري ممارسة حكومته ضغوطاً وتأثيراً على الطرفين، وقال: «نحن لا نحدد مسار الأمور أو مستقبل جنوب السودان، بل نقدم تصوراتنا وندعو الناس للالتفاف حولها»، مؤكداً حضور المجتمع المدني الجنوب سوداني للمشاركة وإجراء لقاءات مع الزعيمين والأطراف الأخرى، وإشاعة روح السلام، مشدداً على عدم وجود ضمانات لإنجاح القمة بين الرئيس سلفا كير وزعيم التمرد ريك مشار، وقال: «لا ضمان في السياسة، ولكننا نتطلع إلى أن يتحقق في هذه الجولة اختراق حول القضايا العالقة، لأن هذه الجولة تختلف عن السابقة، لا سيما أن الإقليم بأكمله يقف وراءها، والتوصل إلى تسوية ووحدة الإقليم مطلوب، وليس هناك تنافس بين عواصم دول المنطقة حول تحقيق السلام في جنوب السودان».
وقال وزير الخارجية السوداني إن زعيم المعارضة المسلحة ريك مشار ليس معتقلاً في جنوب أفريقيا، وإن وجوده هناك كان بطلب من دول «الإيقاد».
وستنتقل الاجتماعات المباشرة بين رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين إلى نيروبي في يوليو (تموز) المقبل، ومن ثم يعقد اجتماع نهائي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للتوقيع على اتفاق السلام، وفق المقترحات التي قدمتها هيئة «الإيقاد» قبل أكثر من أسبوع لجميع الأطراف.
كان كير ومشار قد عقدا أول محادثات مباشرة بينهما منذ نحو العامين الأربعاء الماضي، في أديس أبابا، بوساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد، لكن مشار فاجأ الصحافيين قبيل الاجتماع بتأكيده أن هناك حاجة لمزيد من الوقت لتحقيق سلام دائم في البلاد، وأنه سيكون من الضروري التطرق إلى جذور الأسباب التي أدت لاندلاع الحرب الأهلية.
إلى ذلك، وصل وفد من حكومة جوبا، برئاسة وزير الطاقة إزيكيل لول جاتكوث، إلى الخرطوم أمس، لإجراء محادثات فنية عالية المستوى بين حكومتي البلدين، تتعلق بتشغيل حقول جنوب السودان، وإعادة إنتاجه وتصديره عبر خطوط الأنابيب السودانية.
وكشف وزير النفط والغاز السوداني أزهري عبد القادر عن أجندة المحادثات التي تعنى بإعادة الإنتاج النفطي من حقول «الوحدة وسارجاث»، وزيادة الإنتاج من الحقول المنتجة حالياً في فلوج، وجميع هذه الحقول في جنوب السودان التي تستخدم الموانئ السودانية للتصدير عبر الأنابيب، وقال إن الطرفين سيتناولان التفاصيل الفنية المتعلقة ببدء الإنتاج مجدداً، وجدولتها في خطة عمل سريعة، وتوقع أن تغادر الفرق الفنية إلى حقول النفط في أقرب فرصة ممكنة بعد توثيق، على أن يتم الاتفاق ويتحول إلى خطة عمل بمواقيت زمنية محددة. من جانبه، قال وزير الطاقة في جنوب السودان إزيكيل لول جاتكوث إن محادثاته مع نظيره السوداني تأتي تنفيذاً لتوجهات رئيسي البلدين لاستئناف الإنتاج النفطي في أقرب وقت ممكن، وأضاف أن إعادة إنتاج النفط في الحقول المعطلة بسبب الحرب ستعود بالفائدة على الدولتين، وتابع: «نحن شعب واحد في بلدين»، مؤكداً أهمية التعاون لتحقيق المصالح المشتركة في إنتاج النفط في الحقول الموجودة في بلاده، وتصديره عبر ميناء بورتسودان، وقال إن الوضع الأمني في مناطق النفط مستقرة، وبيئة العمل أصبحت مهيأة للعمل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».