فيما يتجه البرلمان العراقي إلى تمديد عمله لحين ظهور نتائج الانتخابات، على أثر موافقة المحكمة الاتحادية على التعديل الثالث لقانون الانتخابات، القاضي بالعد والفرز اليدوي بدلاً من الإلكتروني، فإن القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية أربك على نحو واضح عملية تشكيل التحالفات لتكوين «الكتلة الأكبر»، التي يرشح أحد أعضائها لتولي رئاسة الحكومة.
ورغم أن قرار الاتحادية كان متوقعاً، لجهة مسك العصا من الوسط لإرضاء طرفي النزاع، فإنه حظي بانتقادات متباينة، وبعضها خجول، من بعض الكتل السياسية التي كانت تميل إلى الركون إلى النتائج التي تم إعلانها، ومن ثم طعنت فيها قوى كثيرة. ويتمحور النزاع حالياً بين المؤيدين للعد والفرز الإلكتروني، وهم ممن حصل على عدد كبير من المقاعد، مثل تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي حصل على 54 مقعداً، يليه «الفتح» بزعامة هادي العامري، الذي حصل على 47 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، الذي حصل على 25 مقعداً، وبين الكتل التي تؤيد العد والفرز اليدوي، وفي المقدمة منها «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي، وحركة التغيير الكردية، والجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى شخصيات سياسية كبيرة خسرت الانتخابات، وفي المقدمة منها رئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائبه الأول همام حمودي.
وحول الإجراء الذي يتخذه البرلمان العراقي، أكد صلاح الجبوري، عضو البرلمان عن محافظة ديالى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المحكمة الاتحادية شرعنت الجلسة المفتوحة التي شرع من خلالها البرلمان قانون التعديل الثالث للانتخابات، وبالتالي فإن الجلسة المفتوحة سوف تستمر لحين مطابقة نتائج الانتخابات، بما في ذلك تمديد عمر البرلمان».
وأضاف الجبوري: «صحيح أن الدستور العراقي حدد عمر البرلمان بأربع سنوات تقويمية، لكنه لم يحدد ما إذا كان هناك تمديد أم لا، بينما نحن اليوم حيال وضع غير طبيعي يتعلق بنتائج الانتخابات».
وأوضح الجبوري أن «الأسبوع المقبل سيشهد التصويت على التمديد لعمر البرلمان لحين مطابقة النتائج لأننا لسنا مطمئنين للنتائج، وهو ما يعني احتمال إعادة الانتخابات بسبب الخروقات الواسعة في عدة مناطق من العراق».
إلى ذلك، رحب عدد من الكتل السياسية بقرار المحكمة الاتحادية، رغم وجود تحفظات لديها عليه. وفي هذا السياق، أعلن تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «التيار، وكما هو معلوم للجميع، يحتكم بنحوٍ ثابت إلى السياقات الأصولية في إدارة الدولة بمفاصلها المختلفة، عبر أداء سياسي بات يعرفه الجميع، سواء أكانت المخرجات متفقةً أم مختلفةً مع متبنياتنا في التيار، لأننا في الحكمة نغلب المصلحة العامة على سواها».
وأضاف: «نحن طالما كنا، ولا نزال، نقول بضرورة الاحتكام إلى القضاء، واعتماد الحلول الدستورية والقانونية، بعيداً عن التأثيرات والانحيازات. وبهذه المناسبة، فإنه لا يسعنا إلا أن ندعم قرار المحكمة الاتحادية الذي صدر هذا اليوم بشأن العملية الانتخابية، حتى مع كونه جاء بخلاف رؤيتنا التي عبرنا عنها في مناسبات مختلفة قريبة».
وفي السياق نفسه، وصف الحزب الديمقراطي الكردستاني قرار الاتحادية بأنه «مسيس». وقال عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي، ريناس جانو: «نحن أمام معضلة قانونية، وهي الكتلة الأكبر»، مبيناً أن «قرار المحكمة كان قراراً توافقياً سياسياً، والتوافق كان واضحاً، والتسييس واضح به».
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور عامر حسن فياض، عميد كلية النهرين للعلوم السياسية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «علينا التفريق بين الكتلة النيابية وبين التحالفات السياسية، حيث إن هناك إساءة فهم واضحة لذلك»، مبيناً أن «كل الكتل النيابية تكاد لا تخرج عن المكون الذي تنتمي إليه، إن كانت شيعية أم سنية أم كردية، مع التأكيد على نوع مما يمكن وصفه بالديكور، بمعنى الكتلة الشيعية تضم 2 أو 3 سنة، وكذلك الكتلة السنية يمكن أن تضم عدداً من الشيعة، مثل كتلة الوطنية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي، حيث إن غالبية أعضائها من السنة، بينما زعيمها شيعي».
ويضيف الدكتور فياض أن «بإمكان أي من هذه الكتل النيابية الائتلاف مع بعضها لكي تكون تحالفاً سياسياً يمكن أن يشكل الحكومة»، وأوضح أن «الكتلة الأكبر ليس بالضرورة أن تحصل على 165 مقعداً، بل ممكن أن تكون (الفتح) و(سائرون) كتلة نيابية أكبر بواقع 101 مقعد، لكنها حتى تستطيع تشكيل الحكومة بحصولها على النصف زائد واحد، وهو 165 مقعداً، تحتاج إلى التحالف مع كتل أخرى».
قرار المحكمة الاتحادية العراقية يربك تشكيل «الكتلة الأكبر»
مساعٍ لتفادي الفراغ الدستوري والبرلمان يتجه لإطالة عمره

عراقيون في استراحة في شارع المتنبي الشهير وسط بغداد (رويترز)
قرار المحكمة الاتحادية العراقية يربك تشكيل «الكتلة الأكبر»

عراقيون في استراحة في شارع المتنبي الشهير وسط بغداد (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة