اعتماد إنجلترا على هاري كين قد يصبح مشكلة

في ظل مواصلة ستيرلينغ وديلي ألي ولينغارد تعثرهم في خط الهجوم

كين عنصر الحسم الأهم لإنجلترا (إ.ب.أ)
كين عنصر الحسم الأهم لإنجلترا (إ.ب.أ)
TT

اعتماد إنجلترا على هاري كين قد يصبح مشكلة

كين عنصر الحسم الأهم لإنجلترا (إ.ب.أ)
كين عنصر الحسم الأهم لإنجلترا (إ.ب.أ)

خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب نهاية مباراة المنتخب الإنجليزي أمام نظيره التونسي في افتتاح مباريات المجموعة السابعة بكأس العالم، سُئل المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت عما إذا كان مهاجم فريقه هاري كين قد أثبت الآن أنه يستحق التواجد ضمن مجموعة صغيرة من لاعبي النخبة والصفوة في عالم كرة القدم، وأنه لاعب يستحق أن يوصف بأنه من «طراز عالمي»، بعدما أحرز هدفين، أحدهما في الوقت القاتل من المباراة، ليقود منتخب الأسود الثلاثة للفوز بهدفين مقابل هدف وحيد على نسور قرطاج.
كان من السهل بكل تأكيد أن يرد ساوثغيت على هذا السؤال بمزيد من الإشادة والثناء على كين، لكنه تساءل عما إذا كان يمكنه الامتناع، على الأقل الآن، عن استخدام هذه الكلمات لوصف كين، موضحاً أنه يعمل دائماً على تحفيز نجم توتنهام هوتسبر. وقال المدير الفني للمنتخب الإنجليزي عن كين: «سوف أواصل تحديه فيما يتعلق بهذا الأمر». وفي الحقيقة، يواصل ساوثغيت تحدي كين ودفعه إلى الأمام من أجل تطوير مستواه، ويتجنب الإدلاء بأي تصريحات من شأنها أن تجعل كين يشعر بالرضا عن نفسه، وبأنه قد وصل إلى القمة.
في الواقع، يتبع عدد كبير من المديرين الفنيين طريقة ساوثغيت نفسها فيما يتعلق بلاعبيهم البارزين، لكننا في هذه الحالة نتساءل هل كان من الضروري أن يمتنع ساوثغيت عن الإشادة بكين، الذي لا يبدو أنه من نوعية اللاعبين الذين يكتفون بما حققوه حتى يصبح المهاجم رقم واحد في عالم الساحرة المستديرة!
ونجح كين في تسجيل أهداف في سبع مباريات من آخر ثماني مباريات له بقميص المنتخب الإنجليزي، وهو أول لاعب إنجليزي ينجح في ذلك منذ جيمي غريفيز في موسم 1960-1961. وسجل كين 15 هدفاً في 25 مباراة دولية مع منتخب إنجلترا، وإذا كان هناك شيء واحد مؤكد فهو بالتأكيد أن كين يرى نفسه قادراً على التغلب على لاعبين من أمثال كريستيانو رونالدو وسيرجيو أغويرو ودييغو كوستا وروميلو لوكاكو وبالطبع ليونيل ميسي فيما يتعلق بجائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف في أوروبا. لقد أثبت كين خلال السنوات القليلة الماضية، أنه لاعب لا يكل ولا يمل، ولا يتوقف أبداً عن التطور ولديه رغبة دائمة في أن يقدم الأفضل في كل موسم.
وتكمن المشكلة الكبرى بالنسبة لساوثغيت في أن الجمهور الإنجليزي لا يثق دائماً في أن كين سيكون قادراً بمفرده على قيادة منتخب بلاده لمنصات التتويج، ويطرح أسئلة من نوعية: ما الذي سيحدث لو فرضت الفرق المنافسة رقابة لصيقة وصارمة على كين؟ ما الذي كان سيحدث لو تمكن مدافع تونس من الوصول إلى الكرة العرضية التي لعبت من كيران تريبير من ركلة ركنية قبل أن تصل إلى هاري ماغوير، ولم تصل الكرة مطلقاً إلى كين في اللحظة الحاسمة؟ من اللاعب الآخر القادر على تسجيل الأهداف في صفوف المنتخب الإنجليزي؟.
وقد يبدو اعتماد المنتخب الإنجليزي على كين بهذه الصورة الكبيرة غريباً عندما نعرف أن رحيم ستيرلينغ وديلي ألي وجيسي لينغارد قد نجحوا معاً في إحراز 61 هدفاً مع أنديتهم في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم الماضي. لكن ستيرلينغ لم يحرز أي هدف بقميص المنتخب الإنجليزي منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2015، ولم يحرز سوى هدفين فقط في 39 مباراة مع منتخب بلاده، وأحرز هذين الهدفين في مرمى فريقين متواضعين، مثل ليتوانيا وإستونيا، ولم يحرز أي هدف مع منتخب إنجلترا منذ 984 يوماً.
وفضل ساوثغيت الاعتماد على ديلي ألي وجيسي لينغارد بدلاً من فابيان ديلف وروبن لوفتوس تشيك بسبب تفوقهما في عدد الأهداف التي صنعاها أو أحرزاها مع أنديتهما في الدوري الإنجليزي الممتاز. ومع ذلك، لم يسجل ألي سوى هدفين فقط في 26 مباراة مع المنتخب الإنجليزي، وكان آخر هدف له في مرمى مالطا في أكتوبر (تشرين الأول) 2016. أما لينغارد فقد أحرز هدفا وحيدا في 13 مباراة دولية.
وبالإضافة إلى كين، كان هناك لاعب واحد فقط في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي نجح في إحراز أكثر من هدفين على المستوى الدولي، وهو أشلي يونغ، الذي أحرز عشرة أهداف خلال مسيرته الدولية الممتدة لأكثر من 10 أعوام، رغم غيابه عن المنتخب الإنجليزي لفترة طويلة من سبتمبر (أيلول) 2013 إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2017.
وحتى الآن، لا يبدو أن ساوثغيت يشعر بالقلق؛ لأن مباراة المنتخب الإنجليزي أمام نظيره التونسي قد شهدت نشاطاً ملحوظاً من جانب ديلي ألي وجيسي لينغارد، اللذين نجحا في اختراق دفاعات نسور قرطاج أكثر من مرة. صحيح أن المنتخب الإنجليزي أضاع عدداً هائلاً من الفرص، لكن السبب في ذلك يعود إلى سوء الحظ وغياب التوفيق والتألق اللافت من حارس المرمى التونسي. وبصفة عامة يمكن القول إن إيجابيات هذه المباراة كانت أكثر بكثير من السلبيات.
أما بالنسبة لستيرلينغ فلا يوجد أدنى شك في أن سجله التهديفي مع المنتخب الإنجليزي ضعيف للغاية، وبخاصة أنه يلعب الآن بجوار هاري كين مهاجماً صريحاً. وفي ظل التركيز الإعلامي على ما يقوم به ستيرلينغ يمكن القول بكل سهولة، إنه لم يقدم الأداء المنتظر منه مع المنتخب الإنجليزي داخل المستطيل الأخضر ولم يجذب الأنظار حتى الآن.
ومن المؤكد أن الأداء القوي الذي قدمه ماركوس راشفورد أمام كوستاريكا في المباراة الودية التي لعبها المنتخب الإنجليزي استعداداً لكأس العالم قد وضع الكثير من الضغوط على كاهل ستيرلينغ. ومرة أخرى، قدم راشفورد أداءً قوياً بعدما دخل كبديل لستيرلينغ في شوط المباراة الثاني أمام تونس. ومع ذلك، سيكون من المفاجئ أن نرى ساوثغيت يعتمد على راشفورد بدلاً من ستيرلينغ في مباراة بنما القادمة.
ومن المرجح أن يواصل ساوثغيت الدفع بستيرلينغ أمام بنما، على أمل أن يحرز لاعب مانشستر سيتي هدفاً في هذا المنافس الضعيف ويستعيد ثقته بنفسه داخل منطقة الجزاء. لكن ستيرلينغ لم ينجح في استغلال الكثير من الفرص في السابق ويفتقد للمسة الحاسمة أمام المرمى، وقد رأينا جميعاً كيف أهدر إحدى الفرص أمام تونس والمرمى خالٍ على مصراعيه، رغم أن حكم المباراة كان من الممكن أن يلغي الهدف على أي حال بداعي التسلل.
أما وجهة النظر الأخرى، فترى أن ستيرلينغ قد أحرز 23 هدفاً مع مانشستر سيتي الموسم الماضي وقاده للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق كبير عن أقرب منافسه وأن اللاعب في حاجة فقط إلى اكتساب مزيد من الثقة، وأن يتذكر أن السرعة ليست مطلوبة في كل شيء. لكنه على أي حال لاعب خطير وقادر على اختراق دفاعات الفرق الأخرى، وهي الصفات التي جعلته يحجز مكاناً في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي بقيادة جوسيب غوارديولا.
ومن المعروف عن ستيرلينغ أنه لاعب لا يتوقف عن القتال، كما أنه يمتلك القدرة في أصعب اللحظات على التمركز بشكل جيد في مكان يمكنه من التسجيل، بالإضافة إلى أنه ليس اللاعب الوحيد في المنتخب الإنجليزي الذي يتعين عليه أن يثبت أن هناك حلولاً أخرى بدلاً من الاعتماد بشكل كامل على كين!
ويبقى أن نشير إلى أن هناك الكثير من التساؤلات عما إذا كان يتعين على ساوثغيت أن يدرب لاعبيه بصورة أكبر على التسديد من خارج منطقة الجزاء من أجل إيجاد حلول أخرى في حال فرض رقابة لصيقة على كين وصعوبة اختراق دفاعات الفرق المنافسة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».