صحيفة إسرائيلية: خطة السلام لا تضمن إخلاء البؤر الاستيطانية

نتنياهو بحث مع كوشنر تفاصيلها وموعد طرحها

لقاء دام أربع ساعات متواصلة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
لقاء دام أربع ساعات متواصلة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
TT

صحيفة إسرائيلية: خطة السلام لا تضمن إخلاء البؤر الاستيطانية

لقاء دام أربع ساعات متواصلة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
لقاء دام أربع ساعات متواصلة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

بعد لقاء دام أربع ساعات متواصلة، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كشف مصدر مسؤول في تل أبيب أن واشنطن ما زالت مترددة بشأن نشر مضمون خطتها للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة باسم «صفقة القرن»، خصوصاً وأن هناك في الجانب الأميركي من يؤيد نشرها فوراً لكي تحدث حراكاً سياسياً حولها، لكن في المقابل هناك تيار يرى أن نشرها في هذا الوقت الذي يقاطع فيه الفلسطينيون الإدارة الأميركية سيتسبب في تأزم الأوضاع بشكل أكبر.
وكشف هذا المسؤول، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن نتنياهو أبلغ كوشنر والوفد المرافق له بأنه يؤيد نشر مضمون الخطة «حتى يتبين للفلسطينيين والعرب وللعالم كله أن القيادة الفلسطينية رافضة» للخطة، مضيفاً أن نتنياهو يعتقد أن نشر الخطة الآن سيفتح مرحلة جديدة في مسار التسوية، إذ إن الخطة ورغم احتوائها على عناصر لا يؤيدها ويتحفظ عليها، هو واليمين المتطرف، حسب رأيه، لكنها تشكل على الأقل قاعدة لانطلاق المفاوضات بشكل أفضل مما طرحه الأميركيون في الإدارات السابقة. وعليه فإن موقفه منها سيكون «القبول المبدئي، لكن مع التحفظ على بعض البنود».
وعلى الرغم من أن مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، قد أكدت أن الخطة شبه جاهزة وستنشر في القريب، إلا أن مصادر مطلعة أوضحت أن الإدارة الأميركية لم تحدد بعد موعداً لنشر خطتها. لكن الاتجاه السائد هو أن تطرح في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وكان مكتب نتنياهو قد نشر بعد ظهر أمس بياناً مقتضباً عن اللقاء المذكور، جاء فيه أن رئيس الوزراء نتنياهو «التقى اليوم المستشار الكبير للرئيس ترمب جاريد كوشنر، والممثل الخاص للرئيس ترمب للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان في مكتبه بـ(أورشليم). وحضر اللقاء أيضاً السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر. وقد أعرب رئيس الوزراء نتنياهو عن تقديره للرئيس ترمب على دعمه لإسرائيل. وبحث الطرفان دفع عملية السلام قدماً والتطورات الإقليمية والأوضاع الأمنية والإنسانية في قطاع غزة».
وقبيل وصول الوفد الأميركي، نشرت صحيفة «هآرتس» العبرية صباح أمس تقريراً، ذكرت فيه أن خطة الرئيس الأميركي المرتقبة لتسوية القضية الفلسطينية تتضمن عرض الإدارة الأميركية على الفلسطينيين مقترح أن تكون عاصمة دولتهم المستقبلية في تجمع يضم عدداً من أحياء مدينة القدس الشرقية الواقعة خارج الأسوار، عوضاً عن القدس نفسها، ومنها أحياء أبو ديس وشعفاط وجبل المكبر والعيساوية و3 إلى 5 قرى من بلدات عربية تقع شمال وشرق المدينة المقدسة. أما البلدة القديمة من القدس فتبقى تحت السيطرة الإسرائيلية.
وذكر المحلل العسكري للصحيفة الإسرائيلية عاموس هرئيل، أن الخطة الأميركية المعروفة بـ«صفقة القرن»، لا تضمن إخلاء البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات «المعزولة»، كما تكون منطقة الأغوار تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الكاملة.
وأضاف هرئيل أن الدولة الفلسطينية، وفقاً للرؤية الأميركية التي تترجمها «صفقة القرن»، ستكون «دولة ناقصة»، بدون جيش أو أسلحة ثقيلة، مقابل ما وصفه هرئيل بـ«حزمة من الحوافز المادية الضخمة».
كما أشارت الصحيفة إلى ما اعتبرته «تخوفات» أردنية من سحب الامتياز الأردني في الإشراف على الأوقاف الدينية الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، علماً بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو كان قد التقى الاثنين الماضي ملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين في عمان، ونقل له التزام إسرائيل بـ«الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة» في القدس المحتلة.
واعتبر هرئيل أن العرض الأميركي، إذا تطابق مع التسريبات المتوفرة، فإنه لن يرضي طموحات الفلسطينيين، الذين قطعوا فعلاً علاقاتهم مع الولايات المتحدة، إثر إعلان ترمب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولا يمكن اعتبارها نقطة يمكن أن تستأنف منها المفاوضات المجمدة منذ العام 2014.
في المقابل، أشارت صحيفة «معريب» في عددها الصادر أمس، إلى تخوفات إسرائيل من أن تتضمن «صفقة القرن» إقامة قنصلية أميركية في الأحياء الشرقية لمدينة القدس لتوفير الخدمات للمقدسيين، بالإضافة إلى التخلي عن السيادة الإسرائيلية، وبالتالي انسحاب إسرائيل من 4 أحياء في المدينة المحتلة تقع خلف الخط الأخضر، وهي: شعفاط وجبل المكبر والعيساوية، وأبو ديس.
وفي تعقيب على هذه الأنباء، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. حنان عشراوي، إن الولايات المتحدة الأميركية أنهت الشروط الأساسية لأي حل سياسي، وتعد لصفقة مشبوهة، مشددة على أنه لن يكون هناك اتفاق سلام من دون الالتزام الراسخ بقرارات وقوانين الشرعية الدولية، والتطبيق الفعلي لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
وأكدت عشراوي، خلال لقائها في مدينة رام الله، أمس، مع وزير خارجية مالطا، كارميلو أبيلاه، أن السياسات الأميركية الأخيرة اتسمت بتداعيات سلبية جداً على المنطقة، بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، وتقويضها لحقوق اللاجئين الفلسطينيين عبر وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، ورفضها الاعتراف بحدود العام 1967 وحل الدولتين، وإسقاطها مصطلح «احتلال» من قاموسها السياسي، ومحاولاتها إضفاء الشرعية على المستوطنات بأثر رجعي، وتحركاتها المناهضة للحق الفلسطيني في المنظمات والهيئات الدولية، بما فيها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقالت عشراوي في هذا السياق «لقد أنهت الولايات المتحدة الشروط الأساسية لأي حل سياسي. ناهيك عن ترتيبها وإعدادها لصفقة نهائية مشبوهة، عملت بشكل حثيث على دعم ومساندة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي المتطرف والعنصري الأسوأ في تاريخ إسرائيل، ومكنت الاحتلال وكافأته على انتهاكاته وجرائمه، واستخدمت جميع وسائل الضغط والابتزاز ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.