موسكو تحشد لمواجهة تقرير أممي حول {الكيماوي} السوري

تعهدت تقديم أدلة تدين «الخوذ البيض» وبلداناً غربية «سيّست التحقيق»

دبلوماسيون أجانب في موسكو يستمعون إلى إيجاز من ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أمس (إ.ب.أ)
دبلوماسيون أجانب في موسكو يستمعون إلى إيجاز من ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أمس (إ.ب.أ)
TT

موسكو تحشد لمواجهة تقرير أممي حول {الكيماوي} السوري

دبلوماسيون أجانب في موسكو يستمعون إلى إيجاز من ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أمس (إ.ب.أ)
دبلوماسيون أجانب في موسكو يستمعون إلى إيجاز من ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أمس (إ.ب.أ)

استعدت موسكو لمواجهة تقرير دولي حول استخدام السلاح الكيماوي في سوريا وسط توقعات بأنه سيوجه إدانة مباشرة إلى النظام السوري.
وفي استباق لاجتماع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية المقرر الأسبوع المقبل في لاهاي، حشدت موسكو قدرات المستويين العسكري والسياسي لإحباط توجيه اتهامات مباشرة إلى نظام الرئيس بشار الأسد وحرف النقاش في الاجتماع نحو ما وصفت بأنها «أدلة وبراهين» جمعتها روسيا حول الملف وتوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى منظمة «الخوذ البيضاء» وإلى بلدان غربية، قال ناطقون روس إنها عملت على تسهيل وصول تقنيات لصناعة أسلحة كيماوية إلى المعارضة السورية، وعملت على التغطية على استخدامها بغرض توفير غطاء لشن هجوم على القوات الحكومية.
ونظمت وزارتا الخارجية والدفاع الروسيتان، أمس، مؤتمراً صحافياً مشتركاً في موسكو، في مسعى لتحضير الأجواء للمواجهة المقبلة في لاهاي. وشاركت فيه المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، وقائد قوات الدفاع الإشعاعي الكيميائي والبيولوجي في الجيش الروسي اللواء إيغور كيريلوف.
وانصب التركيز خلال الإفادات التي قدمتها الطرفان على دحض كل المعطيات التي تسربت عن التقرير الأممي، ولفتت الخارجية الروسية إلى أن بلدان غربية عملت بنشاط لإنجاح «الاستفزاز الكيماوي» في سوريا، عبر إرسال معدات متطورة قالت زاخاروفا إن «الإرهابيين استخدموها لإنتاج مكونات كيماوية وجدت في دوما»، وتعهدت تقديم أدلة على وصولها من أوروبا.
بينما شنّ ممثل وزارة الدفاع هجوماً عنيفاً على عمل لجنة التحقيق الدولية، وشدد على رفض موسكو سلفاً نتائج التحقيق الذي وصفه بأنه «لم يكن مهنياً، واعتمد على الترجيح من دون توفير أدلة». وزاد: إن بعثة حظر الكيماوي «أعدت تقريراً يدين دمشق، ولم يعتمد إلا على أدلة زائفة». متهماً «واشنطن ولندن وباريس بالسعي إلى تحويل منظمة حظر الكيماوي إلى هيئة مسيسة تقوم بإصدار أحكام شديدة ضد دول».
ورأى أن البعثة «انتهكت أحكام معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، ولم تراع التسلسل الصارم للإجراءات بهدف الحفاظ على الأدلة خلال التحقيق في الحوادث الكيماوية» في سوريا.
لافتاً إلى ما وصفه بأنه تدابير فنية لم تراع آليات العمل المهنية عند التحقيق في الحوادث المماثلة، بينها أن «الأسطوانات التي أخذت من مكان حدوث الهجوم الكيماوي المزعوم في دوما فتحت بعد مرور شهر ونصف الشهر في انتهاك واضح لإجراءات التحقيق المعهودة».
وزاد: إن لجنة التحقيق استندت في معلوماتها إلى معطيات «الخوذ البيض» التي وصفها بأنها «الداعمة للإرهابيين». وقال، إن كل معطياتها مفبركة. ولفت الناطق العسكري الروسي إلى أن «التحقيقات أثبتت أن دوما لم تشهد أي هجوم كيماوي بقنبلة أسقطت من الجو»، ورأى أن الأنباء التي تم تداولها عن توجيه ضربة جوية كانت جزءاً من المعطيات المفبركة.
وفِي مقابل نفيه صحة المعطيات الدولية، قال المسؤول الروسي أن «ناشطي (الخوذ البيض) وضعوا المواد الكيماوية في مكان الهجوم المزعوم قبل الإعلان عن حدوثه»، من دون أن يوضح ما إذا كانت لدى موسكو أدلة تثبت صحة هذا الاتهام. لكنه أضاف: إن المحققين الروس لم يجدوا آثار مواد سامة على أجساد المتعرضين للهجمات الكيماوية المزعومة. وفِي استكمال لاتهامه ضد مجموعات الدفاع المدني المعروفة باسم «الخوذ البيضاء» قال، إن ناشطيها قاموا بتزوير العينات التي أرسلت للتحقيق في حوادث الهجمات الكيماوية المزعومة في سراقب، وأشار إلى أن تحليل صور الذخيرة التي عثر عليها في منطقة اللطامنة أظهر أنها شظايا من مادة تقليدية شديدة الانفجار، لكنها ليست قنبلة كيماوية.
وقال، إن «الهجوم المزعوم في دوما يشكل تكراراً لمسرحية خان شيخون» التي شاركت فيها أيضاً مجموعة «الخوذ البيض».
مضيفاً: إن المنظمة استخدمت في 4 أبريل (نيسان) 2017 في خان شيخون قنبلة متفجرة وليس أسلحة كيماوية؛ بدليل حجم الحفرة التي ظهرت في مكان الهجوم الكيماوي المزعوم.
كما أشار إلى أنه «تم العثور على أكثر من 40 طناً من المواد السامة في المناطق المحررة من المسلحين في سوريا».
وانتقل المتحدث الروسي إلى إدانة البلدان الغربية التي تصرّ على مناقشة ملف الكيماوي السوري، وأشار إلى أن «المزاعم الغربية المشكوك بصحتها حول هجمات كيماوية في سراقب واللطامنة أطلقت تمهيداً للجلسة المقبلة للدول الأعضاء في معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية».
على صعيد آخر، شددت الخارجية الروسية على ضرورة أن تكون قائمة ممثلي المعارضة لتشكيل اللجنة الدستورية السورية، «شاملة وأن تضم مرشحين عن كل أطراف المعارضة الرئيسية في الداخل والخارج».
وأفادت في بيان صدر عقب مشاورات أجراها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، مع نائب رئيس هيئة التفاوض السوري المعارضة خالد المحاميد، بأن «الحكومة السورية سلمت ستيفان دي ميستورا قائمة بممثليها في اللجنة، في حين أن المعارضة السورية لم تضع بعد قائمة مماثلة، التي يجب أن تكون شاملة وتشمل مرشحين من جميع مجموعات المعارضة الداخلية والخارجية الرئيسية».
وذكرت الخارجية، أن «الجانبين تبادلا خلال المحادثات، وجهات النظر حول القضايا المعقدة لتسوية الأزمة السورية، بما في ذلك في ضوء نتائج المشاورات التي عقدها مؤخراً في جنيف ممثلون من روسيا وإيران وتركيا والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا ستيفان دي مستورا، والتي ضمت أيضاً عدداً من ممثلي المعارضة السورية، بمن فيهم خالد المحاميد».
وقال البيان، إن «الجانب الروسي شدد على أهمية مواصلة الجهود التشاورية في صيغة آستانة، التي تهدف إلى تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، للمساعدة في تشكيل سريع للجنة الدستورية، للعمل في جنيف على وضع القانون الأساسي لسوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».